الجيش الجنوبي: 54 عامًا من العزّة والسيادة في جنوب اليمن

تعبيرية
تعبيرية

تحلُّ الذكرى الرابعة والخمسون لتأسيس الجيش الجنوبي، الصرح العسكري الذي كان دائمًا درع الوطن وسياجه في دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. 

هذا الجيش لم يكن مجرد قوة قتالية، بل كان رمزًا للانضباط العسكري والكفاءة المهنية، مدعومًا بكوادر مؤهلة أكاديميًا وعسكريًا في أرقى الكليات العالمية، ما جعله نموذجًا يحتذى به في المنطقة.

مؤسسة سيادية ومصدر للفخر

لم يكن الجيش الجنوبي مجرد أداة دفاعية، بل كان أحد أبرز رموز الدولة الحديثة في الجنوب، وعنوانًا للعزّة والسيادة. فقد حظي باحترام داخلي وخارجي لما تميز به من احترافية وتنظيم عالٍ، وقدرة على حماية الجغرافيا الجنوبية والمصالح الوطنية.

 ولعل أهم ما يميز هذه المؤسسة العسكرية هو أنها كانت مؤسسة سيادية مستقلة، تعكس قوة الدولة الجنوبية ورسوخها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.

الزوال القسري بعد الوحدة اليمنية

مع توقيع اتفاقية الوحدة بين الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية عام 1990م، بدأت رحلة إقصاء الجيش الجنوبي. لم يمضِ وقت طويل حتى تم إعلان نهايته عمليًا عقب حرب صيف 1994م، حين اجتاحت قوات الشمال بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وبمشاركة حزب "الإصلاح"، أراضي الجنوب. 

وقد أسفر هذا الاجتياح عن إقصاء كامل للكوادر العسكرية الجنوبية وتفكيك مؤسسات الجيش، واستبدالها بما أُطلق عليه "الجيش الوطني اليمني" الخاضع للسلطة في صنعاء، في خطوة أثارت موجة من الغضب الشعبي.

النضال الجنوبي المستمر

منذ تلك الأحداث، انطلقت موجة من النضال الجنوبي، بدايةً عبر الحراك السلمي والمظاهرات الجماهيرية، ثم امتدت لاحقًا إلى العمل المسلح، وصولًا إلى عام 2015م، حين اندلعت الحرب بعد اجتياح مليشيات الحوثي وصالح للجنوب. في تلك المرحلة، ظهرت قوات المقاومة الجنوبية بقيادة الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي، والتي خاضت مواجهات بطولية ضد القوات الغازية، محققة أولى انتصاراتها بتحرير محافظة الضالع بالكامل، ثم توالت الانتصارات لتشمل مختلف المحافظات الجنوبية، مؤكدين على قوة وصمود الجيش الجنوبي.

التأسيس العسكري الحديث

بعد تحرير الجنوب، بدأ العمل الجاد لإعادة بناء المؤسسة العسكرية الجنوبية، في ظروف استثنائية وبدعم مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن التحالف العربي. وقد قاد الرئيس عيدروس الزُبيدي مرحلة التأسيس الفعلي لجيش جنوبي جديد، يرتكز على الكفاءة والانضباط والتأهيل الحديث، بما يواكب المتطلبات العسكرية والسياسية الراهنة، ويضمن قدرة الجيش على حماية الجنوب واستعادة دوره الوطني.

الجيش الجنوبي اليوم

اليوم، وبعد سنوات من التضحيات والجهود المتواصلة، يمتلك الجنوب قوات مسلحة حديثة تمثل نواة حقيقية لجيش وطني جنوبي مستقل، يتمتع بالتنظيم العالي والانضباط والجاهزية القتالية. 

ويقوم هذا الجيش بدور فاعل في تثبيت الأمن والاستقرار في مختلف محافظات الجنوب، وسط تحديات سياسية وعسكرية مستمرة، ما يجعله ركيزة أساسية لأي مشروع وطني جنوبي مستقل.

العهد الجنوبي وتجديد الولاء

في الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس الجيش الجنوبي، يجدد الجنوبيون العهد على استعادة مؤسساتهم الوطنية، وفي مقدمتها الجيش باعتباره العمود الفقري لأي مشروع وطني مستقل. كما تستحضر الذاكرة الجنوبية تضحيات رجال الجيش الجنوبي الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، دفاعًا عن السيادة والهوية، والتي لا تزال جذوتها مشتعلة حتى اليوم.

إن ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي تمثل لحظة تاريخية واستراتيجية، تذكر الجميع بأهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة الجنوبية، وتطويرها بما يعزز الأمن الوطني ويضمن استقلال القرار السياسي.

 كما تعكس هذه الذكرى الاعتراف الشعبي والدولي بالقيمة الكبيرة للجيش الجنوبي ودوره المحوري في حماية الجنوب وتحقيق الاستقرار فيه.

أهمية الذكرى في السياق الحالي

الاحتفاء بذكرى تأسيس الجيش الجنوبي ليس مجرد تأريخ تاريخي، بل هو تذكير مستمر بالقدرة على الصمود ومواجهة التحديات. فالجنوب اليوم يمر بمرحلة دقيقة تحتاج إلى توحيد الصفوف وتدعيم القوة العسكرية من خلال تطوير الجيش، وتأهيله بأحدث الوسائل القتالية والتدريبية، ليظل درع الوطن وسياجه في مواجهة أي تهديدات خارجية أو داخلية.

في الذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس الجيش الجنوبي، يظل الجيش رمزًا للانضباط والسيادة والكرامة الوطنية، كما يمثل العمود الفقري لمشروع استعادة الدولة الجنوبية. وبينما تتواصل الجهود لبناء جيش حديث ومتطور، يبقى الإرث العسكري والتاريخي للجيش الجنوبي مصدر فخر واعتزاز لكل جنوبي، وتجسيدًا حقيقيًا للعزّة الوطنية والهوية المستقلة.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1