الجيش الجنوبي في ذكرى تأسيسه الـ54: صمود وتضحيات مستمرة
مرّت أربعة وخمسون عامًا على تأسيس الجيش الجنوبي، الذي تحل ذكراه هذا العام في ظرف استثنائي، تزامنًا مع تصدي الجنوب لحرب شاملة تشنها قوى الإرهاب والتطرف.
فمنذ تأسيسه في الأول من سبتمبر عام 1971، أصبح الجيش الجنوبي عمادًا للأمن والاستقرار، وحاميًا لأرض الجنوب وسائر أبنائه، ورمزًا للانتماء الوطني والولاء للوطن.
البدايات: تأسيس أول وحدة عسكرية
تأسست أول وحدة عسكرية جنوبية في الأول من سبتمبر عام 1971، لتضع اللبنات الأولى لجيش منظّم، قادر على حماية الأرض والمواطنين. كانت تلك المرحلة بمثابة شرارة الانطلاق نحو بناء مؤسسة عسكرية تعكس إرادة الجنوب في الدفاع عن سيادته وهويته. وقد تجسّد الجيش منذ اللحظة الأولى كحامي للمكتسبات الوطنية، وكرمزٍ للقوة والصلابة في مواجهة أي تهديد خارجي أو داخلي.
الجيش الجنوبي مدرسة للانضباط والاحترافية
لقد امتاز الجيش الجنوبي منذ نشأته بالانضباط والاحترافية، وهو ما مكّنه من لعب دور محوري في حماية حدود الجنوب وتعزيز الأمن الداخلي. فالقوات المسلحة الجنوبية لم تقتصر مهمتها على التصدي للعدو، بل كانت مدرسةً وطنية ترسخ قيم الولاء والانتماء لدى الأجيال المتعاقبة، وتؤكد أن الدفاع عن الأرض والسيادة مسؤولية جماعية تتطلب الانضباط والتفاني.
من خلال التدريب المستمر والتأهيل المتخصص، أصبح الجيش الجنوبي قادرًا على مواجهة التحديات المختلفة، سواء كانت عسكرية أو إرهابية، مع المحافظة على تماسكه الداخلي وروح الوطنية بين صفوفه. لقد أصبح نموذجًا يحتذى به في المنطقة، ويعكس قدرة القوات المسلحة على التكيف مع مختلف الظروف الأمنية.
مواجهة التحديات والصمود أمام الاحتلال
رغم محاولات التهميش والاقتلاع التي شهدها الجنوب بعد حرب 1994، بقي الجيش الجنوبي رمزًا للصمود والمقاومة. فقد حاولت قوى الاحتلال اليمني تدمير البنية العسكرية الجنوبية وتسريح الضباط والجنود، إلا أن روح المقاومة لم تختفِ، وظلت الكفاءات العسكرية حاضرة في كل منعطف وطني، مستمرة في الدفاع عن الأرض والهوية الجنوبية.
ومع انطلاق الحراك الجنوبي وعودة المشروع التحرري، لعبت هذه الخبرات العسكرية دورًا محوريًا في إعادة بناء القوات المسلحة الجنوبية، التي أصبحت اليوم ركيزة أساسية في مواجهة المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما فيها المليشيات الإخوانية. لقد تمكن الجيش الجنوبي من استعادة هيبته ومكانته كحامي للأمن القومي الجنوبي، وضامن لاستقرار المناطق الجنوبية.
دور الجيش الجنوبي في حماية السيادة والأمن
على مدار العقود الماضية، أثبت الجيش الجنوبي أنه العمود الفقري للأمن والسيادة في الجنوب. فقد خاض معارك بطولية ضد التنظيمات الإرهابية، وساهم في حفظ الاستقرار في مختلف المناطق الجنوبية. ومن أبرز مهامه:
حماية الحدود: ضمان أمن الحدود الجنوبية والتصدي لأي محاولة اختراق.
مكافحة الإرهاب: التصدي للمليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تهدد استقرار الجنوب.
حماية المواطنين: توفير بيئة آمنة للمواطنين وتمكينهم من ممارسة حياتهم بحرية وأمان.
الجيش الجنوبي والدولة الجنوبية
يمثل الجيش الجنوبي حجر الأساس لبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المنشودة. فالدولة التي يطمح إليها أبناء الجنوب تحتاج إلى مؤسسة عسكرية متماسكة تحمي وحدتها الداخلية، وتؤمن حدودها الخارجية، وتكون رمزًا للكرامة والسيادة الوطنية. وقد أثبتت السنوات الأخيرة قدرة الجيش الجنوبي على تنفيذ هذه المهمة بكفاءة، ليصبح ركيزة أساسية في مشروع بناء الدولة الحديثة.
تضحيات الجيش وبطولاته المستمرة
منذ تأسيسه وحتى اليوم، شكل الجيش الجنوبي نموذجًا في التضحية والولاء للوطن. فقد خاض الجنود الضباط والصف معارك عديدة، وكانت تضحياتهم في سبيل الدفاع عن الأرض والكرامة الوطنية مصدر فخر واعتزاز لكل الجنوبيين. لقد تجلت هذه البطولات في مواجهة التحديات الأمنية التي فرضتها الحروب على الجنوب، بما فيها الصراعات مع المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية.
القيادة التاريخية وإعادة البناء
بعد اندلاع الحرب في 2015، شهد الجيش الجنوبي مرحلة إعادة بناء مهمة تحت قيادة اللواء عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية. فقد عمل الزُبيدي على توحيد التشكيلات العسكرية المختلفة تحت راية واحدة، وبناء قوات مسلحة حديثة ومتخصصة، قادرة على التصدي لكل التحديات.
وقد أسهم هذا التوحيد في تعزيز الروح الوطنية بين صفوف الجيش، وزاد من قدرته على مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية. وأصبح الجيش الجنوبي اليوم قوة حقيقية ترعب الأعداء، ليس فقط بقدراته القتالية، بل أيضًا بروح الانتماء والتماسك الداخلي.
الجيش الجنوبي رمز الوفاء والاعتزاز
مع حلول ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي الـ54، يبعث الجنوبيون برسالة وفاء وتقدير لكل ضابط وجندي شارك في الدفاع عن الأرض والكرامة الوطنية. فالجيش ليس مجرد مؤسسة عسكرية، بل هو مدرسة للانتماء والولاء، ويمثل إرثًا عظيمًا من البطولات والتضحيات التي تسطر صفحات المجد في تاريخ الجنوب.
إن الاحتفال بهذه الذكرى لا يقتصر على استحضار الماضي، بل يؤكد أن الجنوب ماضٍ بثبات نحو استعادة دولته وهويته، وأن القوات المسلحة الجنوبية ستظل الدرع الحامي للأمن والسيادة الوطنية، وركيزة أساسية لبناء المستقبل.
تمثل ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي الـ54 فرصة للتأكيد على أهمية هذه المؤسسة الوطنية في صون الأمن وتحقيق الاستقرار. فالقوات المسلحة الجنوبية، من خلال تاريخها العريق وتضحيات أبطالها، تثبت يومًا بعد يوم أنها حامية الجنوب ورافعة مشروعة لاستعادة الدولة وتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي.
الجيش الجنوبي سيظل رمزًا للمجد والكرامة، وذكراه خالدة في وجدان كل جنوبي يؤمن بحق أمته في الحياة الحرة الآمنة، وسيظل الركيزة الأساسية لبناء دولة جنوبية قوية ومستقرة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
