الساعات الأخيرة في حياة الفنان لطفي لبيب: وداعٌ مؤلم لمسيرة حافلة بالفن والعطاء

 لطفي لبيب
لطفي لبيب

في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، طوت الساحة الفنية صفحة ناصعة من صفحاتها برحيل الفنان القدير لطفي لبيب، أحد أبرز الوجوه التي رسمت البهجة والواقعية في وجدان المشاهد العربي لعقود. خبر الوفاة كان صادمًا لعشاقه وزملائه، خصوصًا بعد معاناة صحية طويلة، انتهت بمشهد حزين في غرفة العناية المركزة.

بدأت معاناة لطفي لبيب الصحية تتفاقم في الأسابيع الأخيرة، حيث دخل المستشفى لأول مرة يوم 13 يوليو الماضي، وتم وضعه تحت الرعاية المركزة، مع حظر الزيارات عنه بسبب دقة حالته. وبعد خمسة أيام من المتابعة والعلاج، تحسنت حالته الصحية بشكل مؤقت، وسمح له الأطباء بالعودة إلى منزله، في استراحة قصيرة قبل أن تتدهور حالته مجددًا.

وفي مساء الثلاثاء، تعرّض الفنان الراحل لأزمة صحية حادة نُقل على إثرها إلى المستشفى مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت حالته أكثر خطورة، إذ أُدخل العناية المركزة في وضع حرج. وسرعان ما تدهورت حالته إثر نزيف حاد في الحنجرة، ما تسبب في التهاب رئوي شديد أدى إلى فقدانه الوعي، ولم يلبث أن فارق الحياة في الساعات الأولى من يوم الأربعاء، عن عمر ناهز 77 عامًا.

تاريخ فني لا يُنسى

لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل تقليدي، بل فنان متعدد الأوجه، اشتهر بأدواره المساندة التي أعطت للأعمال نكهة خاصة، واستطاع أن يترك بصمة واضحة في قلوب الجماهير، رغم أنه لم يكن في الصفوف الأولى من البطولة دائمًا.

على مدار مسيرته، شارك في أكثر من 100 فيلم سينمائي، من بينها "السفارة في العمارة" مع الزعيم عادل إمام، حيث جسّد شخصية السفير الإسرائيلي بأسلوب محترف، أكسبه احترام النقاد والجمهور. كما تعاون مع فنانين بارزين مثل مي عز الدين، حسن حسني، محمد سعد، أحمد مكي، وغيرهم من نجوم الجيلين القديم والحديث، وكان له دور كبير في دعم عدد من الفنانين في بداياتهم.

في مجال الدراما، برز أيضًا من خلال مشاركته في أكثر من 30 مسلسلًا دراميًا، منها "عفاريت عدلي علام"، و"صاحب السعادة"، و"الأسطورة"، وغيرها من الأعمال التي عكست قدرته على تقمص مختلف الشخصيات، من الجاد إلى الكوميدي، ومن العسكري إلى الموظف الشعبي.

كاتب ومفكر إلى جانب الفن

بعيدًا عن الكاميرا، كان لطفي لبيب مفكرًا وكاتبًا، له مؤلفات عديدة، بعضها موجه للأطفال وبعضها خواطر فنية وفكرية. ومن أبرز ما كتب، سيناريو "الكتيبة 26"، الذي تناول فيه تجربته الشخصية خلال خدمته العسكرية في الجيش المصري، حيث أمضى ست سنوات وشهد خلالها نصر أكتوبر المجيد عام 1973. في أحد لقاءاته التليفزيونية، صرّح لبيب بأنه اتجه للكتابة بعد تراجعه عن التمثيل بسبب المرض، مؤكدًا أن الفن لا ينتهي أمام الكاميرا فقط، بل يمكن أن يستمر عبر الحبر والورق.

آخر أعماله الفنية

آخر ظهور فني له كان من خلال فيلم "أنا وابن خالتي"، من بطولة سيد رجب، بيومي فؤاد، هنادي مهنا، ميمي جمال، وآخرين. شارك فيه بشخصية بسيطة لكنها تركت أثرًا، كما جرت العادة في معظم أعماله. لم تكن مشاركته كبيرة، لكن وجوده بحد ذاته كان دائمًا محط تقدير وإعجاب.

رحيله خسارة كبيرة للفن المصري والعربي، ولكن إرثه الإبداعي سيظل حاضرًا في ذاكرة محبيه، وستبقى أعماله مدرسة يتعلم منها الأجيال القادمة فن البساطة والاحتراف في آنٍ واحد.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1