نبات "الجوجوبا" مصدرا هامًا لزيت الطائرات والصواريخ.. "الذهب الأخضر" ينمو في مصر

متن نيوز

قد تكون مصر على موعد مع تغير كبير بتاريخها الاقتصادي، إذا ما أتت خطط زراعة أشجار الجوجوبا والجاتروفا بعوائدها المستهدفة.

يطلق على زراعة الجوجوبا والجاتروفا "الذهب الأخضر"، نظرا لعوائدها الاقتصادية والبيئية المتنوعة، وكذلك لخصائصها الزراعية، فهذه الأشجار طويلة العمر وتقاوم درجات الجفاف والملوحة العالية.

كما تعد مصدرا هاما للوقود الحيوي "صديق البيئة"، وتُستخلص منها زيوت المحركات الثقيلة، وتستخدم زيوتها في صناعة الكاوتش المطاط لأن درجة غليانه ٤٠٠ درجة مئوية، وكذلك صناعات مستحضرات التجميل والأدوية، وغيرها من الصناعات.

وتسهم أشجار الجاتروفا والجوجوبا في تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، أحد الغازات الرئيسية المسببة للاحتباس الحرارى، كما تلعب دورا كبيرا في محاربة التصحر.


زراعة الذهب الأخضر

بدأت مجموعة شباب من جنسيات مختلفة مشروعا لزراعة نبات "الجوجوبا والجاتروفا" أو "الذهب الأخضر"، في تجربة ناجحة على أرض محافظة المنوفية المصرية وتحديدا في مدينة السادات.

وتتكون هذه المجموعة من شراكة تضم ثلاث دول هي مصر وفرنسا والسعودية، والذين بدأوا تنفيذ فكرتهم ومشروعهم، الذي سوف يدر على مصر "عملة صعبة" ويدفع بها لأعلى مستوى في هذا المجال.

وحول زراعة الجوجوبا، قال المهندس محمد الحلواني رئيس الشركة المنفذة للمشروع وصاحب الفكرة: "نهدف ومعي أصدقاء مستثمرين من السعودية وفرنسا، أيدوا فكرتي ومدركون لأهمية زراعة نبات الجوجوبا والجاتروفا، لزراعة مليون فدان من صحراء مصر الغالية، وبدأناها باستهداف زراعة 100 ألف فدان، ما يسهم في تنفيذ رؤية مصر كمحرك ولاعب أساسي وشريك مهم ومنافس قوي في بورصة التجارة العالمية والطاقة النظيفة ومؤثر في الأسواق العالمية"، وفقا لـ "بوابة الأهرام" المصرية الحكومية.

وحول سبب اختيار مصر لزراعة الجوجوبا، قال عبدالله بن زيد الجليفى، أحد المساهمين والمستثمرين في المشروع، أن اختيار مصر يرجع لاعتدال مناخها ووفرة الأيدي العاملة وسهولة الحصول على المياه الجوفية ومياه الصرف "المعالج ثلاثيا"، وكذلك موقع مصر الاستراتيجي، ومن ثم التوسع شرقا بالخليج لتنمية الصادرات السلعية والخدمية، مقدما الدعوة إلى كل المستثمرين العرب والأجانب للمشاركة في هذا المشروع الواعد أو تنفيذ مشروع مماثل.


عوائد زراعة الجوجوبا والجاتروفا

إقامة مشروع لزراعة أشجار الجاتروفا ذات جدوى اقتصادية عالية، كون تكاليف إنتاجه قليلة إلى حدٍ ما مقارنة مع المحاصيل الأخرى، حيث يمكن زراعتها في مختلف أنواع التربة، ولا تحتاج لكميات كبيرة من المياه والأسمدة ومواد المكافحة، ولا تتطلب سوى بعض العمليات الزراعية.

كما أن بذورها وزيتها مطلوبان في الأسواق العالمية، ويعتبر سعر زيت الجاتروفا أغلى من سعر الزيت البترولي الخام بحدود ٣٠% ما يحقق ربحًا ماليًا على مستوى المزارع الفرد وعلى مستوى الاقتصاد الوطني.

وتباع بذور الجاتروفا عالميًا بسعر يتراوح ما بين ٣٠٠ إلى ٧٠٠ دولار لكل طن بهدف استخلاص الزيت منها، مشيرا أن لزيت الجاتروفا سوق عالمي.


شراكة دولية

وكشف باسكال أندريه ويجل -أحد المستثمرين- أن اقتناع ابنه فيليب باسكال، الذي يعمل خبيرا في التسويق الرقمي، كان سببا في مشاركته في المشروع وذلك من أجل خلق شراكة حقيقية بين مصر والسعودية وفرنسا في إطار دولي قائم على البحث العلمي وتبادل الخبرات العالمية وخلق فرص استثمار للمستثمرين الفرنسيين وفتح الأسواق الأوروبية للصادرات المصرية.

ويرى ويجل أن السوق العالمية تحتاج لكميات كبيرة من محصول الجوجوبا والجاتروفا، مؤكدا أن مشروعهم لن يقتصر فقط على الزراعة وبيع المحصول الخام، بل سوف يتم التصنيع وإنتاج الزيت وتصديره.

وأضاف فيليب باسكال خبير التسويق الرقمي ومستثمر في المشروع أن مصر تستطيع أن تكون هي البلد الأكبر في العالم في هذا المجال وهي التي تقود بورصة الذهب الأخضر والوقود الحيوي في العالم.


أهمية زيت الجوجوبا

قال الدكتور إبراهيم درويش، وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية، إن العالم يتجه إلى استخدام زيوت المحركات النباتية التي تتحلل ولا تضر البيئة، واستهلاك مصر من الزيوت المعدنية حاليا أكثر من 500 ألف طن وكلها لا يعاد استخدامها وهي لا تتحلل وبالتالي تلوث المياه والتربة.

وأوضح أن زراعة مثل هذه النباتات على أرض المنوفية سوف تنقل المحافظة إلى مكانة عالية لأننا بحاجة إلى توفير بدائل طبيعية لا تضر بالبيئة وسعرها مناسب، مشيرا إلى أن زيت الجوجوبا أحد أهم هذه البدائل.

ويعتبر زيت الجوجوبا أحد أهم البدائل لزيوت المحركات التخليقية والتي تستخدم في محركات السيارات الجديدة والتي يفوق سعر اللتر فيها 50 جنيها، حيث يمكن التوصل إلى إنتاج بدائل من زيت الجوجوبا لهذه الزيوت وبتكلفة أقل كثيرا من سعرها الحالي وبكفاءة أكثر من كفاءة الزيوت التخليقية، هذا بالإضافة إلى أنها صديقه للبيئة ويسهل إعادة تدويرها واستخدامها مرة أخرى.


زيوت محركات الطائرات

وأضاف أن زيت الجوجوبا يستخدم حاليا في العالم الغربي كزيت محرك للطائرات الحربية والطائرات الأسرع من الصوت بالإضافة إلى سفن الفضاء والصواريخ، حيث إن الزيت له مزايا عديدة في هذا المجال، أهمهـا أن درجة غليانه تصل إلى ٣٨٩ درجة مئوية وبذلك لا يفقـد لزوجته بسهولة.

كما يصنف زيت الجوجوبا كيميائيا علـى أنـه شمع سائل ذو مواصفات فريدة لا تسمح له بالأكسدة بسهولة، وبالتالي يعمل في المحرك لفترة طويلة دون الحاجة لتغييره.


مقارنة فائدة الجوجوبا بالقطن

وأوضح درويش أن أهمية الجوجوبا أكثر إذا ما قارننا الدخل من القطن، وهو نصف جنيه للمتر المكعب الواحد من المياه مع الدخل من الجوجوبا وهو ٤ جنيهات في السنة الرابعة من بدء الزراعة.

كما يقدر استهلاك الجوجوبا والجاتروفا من الماء بثلث استهلاك نبات البرسيم وبنصف استهلاك نبات القطن، حيث يحتاج الفدان إلى 1000 متر مكعب سنوي حسب نوع الماء ومكان وطبيعة أرض الزراعة.

وأشار إلى أن الجوجوبا يتحمل الظروف والأجواء المتطرفة الحارة والباردة وملوحة التربة العالية، فهو يتحمل العيش في درجة حرارة من "5 إلى 50" درجة مئوية، كما يتميز هذا النبات بمقاومته العالية للأمراض والآفات واحتياجه القليل للماء، لذا يعتبر نباتا مثاليا لزراعته وتكثيره في الصحاري الكثيرة في البلاد العربية للاستفادة من إنتاجه من الزيوت لتحويلها إلى وقود نباتي رخيص ومستديم.

أكد الدكتور محمد أحمد، خبير زراعة الأنسجة الزراعية المصري، والذي يعمل في هذا المجال منذ سنوات، أن زراعة الفدان تحتاج إلى 525 شتلة، منها 75 ذكرا والباقي أنثى حتى يحدث التلقيح، كما أن شجرة الجوجوبا نبات بري معمر يصل إلى 150 سنة ينتج سنويا بذورا مثل بذور الفول السوداني ومغطاة بغلاف بني سميك بعض الشيء.


إنتاجية الفدان

قال إن إنتاجية الفدان الواحد تتراوح ما بين طن ونصف حتى ثلاثة أطنان، وبعصر 3 أطنان من محصول الجوجوبا الخام ينتج طنا من زيت الجوجوبا الذي يستخدم في مجالات عديدة، ويتزايد الطلب على ذلك المحصول عالميا ما يجعله استثمارا آمنا ومشروعا قوميا.


وقود بديل وحيوي

وأضاف أن نبات الجوجوبا والجاتروفا يصلح كوقود حيوي ممتاز في ظل تناقص الوقود الأحفوري بالعالم، ويشكل الجوجوبا بديلًا ممتازًا.

كما أن زيت نبات الجوجوبا بعد معالجته تزيد قدرته على الاحتراق عن السولار بمقدار 7%، وينتج الجوجوبا عوادم أقل، لذا فهو يحافظ على البيئة ويقلل من نسبة الانبعاثات ويحافظ الجوجوبا على الموتور لفترة أطول.

وأضاف أن مخلفات عصر الجوجوبا تشكل علفا غنيا بـ30% بروتينا بعد تخليصها من مادة "السيموندسين" التي تفقد الشهية، كما أنها مفيدة جدا للماشية ومن الممكن أن تدخل في العلف الحيواني الطبيعي، وهناك اتجاه لعمل مستحضر من هذه المادة يسهم في الحد من النهم للطعام والسمنة.

كما تستخدم زيوت "الجوجوبا والجاتروفا" في صناعة الكاوتش المطاط، لأن درجة غليانه ٤٠٠ درجة مئوية وكذلك صناعات مستحضرات التجميل والأدوية.