انهيار الدينار العراقي يدفع البرلمان لدراسة الإطاحة بحكومة السوداني

متن نيوز

ينهار سعر الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي على نحو متسارع في تحركات محيرة للبلد الذي تلقى عملة صعبة بوتيرة ضخمة من وراء النفط.

وتمثل أزمة الدينار العراقي تحد جديد يفرض نفسه على الحكومة العراقية التي أضحت مطالبة بوضع التدابير العاجلة لإنقاذ العملة المحلية.

وفي الأثناء تتحرك قوى نيابية لاستجواب محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي الذي أصبح موقعه محل تهديد.

ولوحت أوساط مختلفة في كواليس السياسة العراقية بدراسة الإطاحة بالسوداني ومجلسه الوزاري رغم عدم مرور أكثر من شهرين في المنصب.

وبلغت عائدات النفط العراقي من النفط الخام الذي تم تصديره خلال 11 شهرًا من العام الحالي 2022 نحو 107 مليارات دولار.

ووفقا لإحصائية لشركة "سومو" العراقية لتسويق النفط، فإن إيرادات النفط العراقي المصدر خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي 2022 بلغت 107 مليارات و877 مليونا و786 ألفا و336 دولارا، بمعدل شهري بلغ 9 مليارات و807 مليونا و71 مليونا و485 دولارا.


انهيار الدينار العراقي

ومنذ 3 أسابيع تسجل الأسواق العراقية ارتفاعًا غير مسبوق للدولار بعد أن تخطى حاجز الـ1452 دينار، مما أنذر بارتباك في حركة التسوق والقدرة الشرائية للمواطن.

والأسبوع الماضي كان البنك المركزي قد أصدر مواقف وبيانات جاءت بمثابة الطمأنة للمواطنين وضح من خلالها أسباب ذلك التغير عازيا ذلك إلى إنشاء منصة إلكترونية للتعامل في نافذة بيع العملة.

وجاء تدني قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بعد أيام من عقوبات فرضتها الخزانة الأمريكية على 4 مصارف عراقية بحظرها من دخول نافذة بيع العملة لاتهامها بعمليات غسيل أموال.

ومع إجراءات بنكية وحكومية استطاعت السلطات العراقية السيطرة على سعر الدولار، إلا أن ذلك لم يستمر أكثر من 3 أيام، حتى عاد مجددًا للارتفاع.


رفع قيمة الدولار

وفي منتصف 2020، وعلى وقع أزمة اقتصادية خانقة عاشها العراق، اضطرت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى خفض قيمة الدينار مقابل الدولار إلى 1445 دينار للدولار وتثبيتها في الموازنة العامة في محاولة للسيطرة على انهيار وشيك كاد أن يهد مؤسسات الدولة برمتها.

وظل القرار في موضع جدل ونقاش محتدم من قبل الأوساط الاقتصادية والنيابية بعد أن انقسمت الآراء بين مؤيد بقوة ورافض بشدة.

وخلال عرض منهاجه الوزاري في مجلس النواب لكسب الثقة النيابية، توعد رئيس الحكومة محمد السوداني بمعالجة قضية رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي، فيما جرت الأيام اللاحقة على خلاف ما جاء فيه من عهود.

وأول أمس على خلفية وصول سعر صرف الدولار الواحد إلى 1453 دينارا، أكدت الحكومة التزامها بالمحافظة على استقرار السوق المحلية، من خلال دعم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهي تدعم خطوات البنك المركزي بهذا الصدد.

وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن الارتفاع في سعر الصرف أمر مؤقت نتيجة تغيير الآلية التي تعمل بها نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي، وهي تطمئن المواطنين كافة بأن الوضع المالي للعراق في أحسن أحواله.

وشددت الحكومة، حسب البيان، على جميع المتعاملين من مستثمرين وتجار، بضرورة التعاون مع المصارف والبنك المركزي من خلال العمل وفق السياقات التجارية المعمول بها عالميًا، والاستيراد بموجب الاعتمادات المستندية، كونها توفر ضمانة للمستورد وتحفظ حقوقه وتؤمّن على السلع المستوردة، وتمكّنه للإفادة من التسهيلات.


السبب وراء الأزمة

الخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان، عزا التطورات الأخيرة إلى أسباب عدة بينها تقليل البنك المركزي من ضخ الدولار واستغلال ذلك من قبل بعض المتاجرين بالأزمات.

ويوضح انطوان، أن مستوى الطلب على الدولار داخل الأسواق العراقية أكثر من العرض مما يدفع ببقاء عدم الاستقرار في أسعار الصرف والذي يرتبط بجزء كبير منه في الإجراءات الجديدة المتبعة من قبل البنك المركزي.

ولفت انطوان: "من الأسباب الأخرى لارتفاع سعر الدولار هي استغلال بعض ضعفاء النفوس للمتاجرة بالدولار ورفع سعره في السوق، المفروض أن يباع الدولار للذين يقومون باستيراد المواد الغذائية والمستلزمات التي تسد حاجة المواطن".

النائب رائد المالكي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، لوح باستجواب السوداني ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف، في حال عدم إعادة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه.

وأضاف المالكي في تصريح، أن الحكومة بدأت بالعمل لإعادة سعر الصرف باتخاذها بعض الإجراءات، وإن البرلمان بحكم عمله الرقابي، رصد عمل الحكومة، وقد تم تشخيص نقطتين أو مخالفتين إلى الآن، منهما الإخفاق في السياسة المالية وسعر الصرف، وهو إخفاق أثبت عجز الحكومة في السيطرة على موضوع سعر الصرف والسياسة المالية والنقدية.

ولفت إلى أن البرلمان يراقب إجراءات الحكومة خلال هذه الفترة، وسننتظر نتائج هذه الإجراءات إلى نهاية العطلة التشريعية، ملوحًا بالمطالبة باستجواب رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي، في حال عدم الوصول إلى نتائج في هذا الملف وإعادة سعر الصرف إلى سابق عهده.

من جهته، أكد النائب المستقل في البرلمان العراقي، هادي السلامي، في تغريدة، سعيه لجمع توقيعات لإقالة محافظ البنك المركزي، بشأن ملف سعر الصرف.

وأكد: "نسعى لعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب لغرض إقالة محافظ البنك المركزي ومجلس الإدارة للبنك بسبب ارتفاع سعر الدولار، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة يحتاج موافقة وتوقيع 50 نائبًا".

وأشار السلامي، إلى أن هناك إهمالًا من قبل البنك ومجلس إدارته ومحافظ البنك، وإصرارًا لعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن مصالح الشعب.