دراسة تؤكد نجاح استراتيجية دبي في دعم قطاعات الصناعات الثقافية

متن نيوز

أكّدت دراسة أجرتها هيئة الثقافة والفنون في دبي "دبي للثقافة" بالشراكة مع مركز دبي للإحصاء، تنامي تنافسية دبي على الساحة العالمية كعاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي مع ترسيخ موقعها كموطن للطاقات الإبداعية ومحور جذب لها من جميع أنحاء العالم  في ضوء ما تتمتع به من مقومات تؤهلها عن جدارة لتبوؤ هذه المكانة.

 

وخلال مشاركتها في أعمال القمة العالمية للحكومات التي اختتمت أعمالها مؤخرًا في دبي، استعرضت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي عضو مجلس دبي، أبرز نتائج الدراسة الإحصائية التي اشتملت على مؤشرات أداء قطاعات الصناعات الثقافية والإبداعية في إمارة دبي من العام 2018 إلى 2020، استنادًا إلى "إطار دبي للإحصاءات الثقافية" الذي جاء وفق المنهجية الإحصائية المتكاملة التي طورتها وأطلقتها الهيئة في ديسمبر الماضي بالتعاون مع فريق إدارة الإحصاءات الاقتصادية لدى مركز دبي للإحصاء، إذ يتضمن الإطار توصيفًا وتصنيفًا إحصائيًا محليًا لقطاعات ومجالات وأنشطة الاقتصاد الإبداعي في الإمارة على ضوء المرجعيات والمعايير الدولية في هذا المجال.

 

وهدفت الدراسة إلى رصد أداء القطاع الثقافي والإبداعي في دبي والتعرف على كافة مكوناته وتكوين قاعدة بيانات للقطاع ما عزّز عملية صياغة وصنع القرارات الاستراتيجية ووضع الخطط والمستهدفات المستقبلية انطلاقًا من تحليل البيانات والمؤشرات الاحصائية.

 

وفي هذه المناسبة، قالت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم إن العمل جارٍ بوتيرة متسارعة لتحقيق أهداف استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي العام الماضي، وفي مقدمتها تحويل دبي إلى مركز عالمي مستقبلي للتصميم وموطن رئيسي للاقتصاد الإبداعي، مشيرة إلى أن دبي منذ تصنيفها في عام 2017 كأول مدينة مبدعة في التصميم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن شبكة  منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للمدن العالمية المبدعة، أطلقت العديد من المبادرات الطموحة ضمن إطار التعاون بين المدن، سعيا لتبوؤ هذه المكانة.

 

وتهدف استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي إلى زيادة عدد الشركات والمؤسسات الإبداعية والثقافية إلى 15000 شركة، توفر 140 ألف وظيفة في قطاعات الاقتصاد الإبداعي المختلفة، وذلك بحلول عام 2026، ومساهمة الاقتصاد الإبداعي في 5% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة. 

 

ونوهّت الشيخة لطيفة بنت محمد إلى أن دبي، وفقًا لمصادر اليونسكو، "هي المدينة الأولى والوحيدة ضمن "شبكة المدن المبدعة"، التي انضمت لها في 2017، على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي أصدرت إطارًا متكاملًا للإحصاءات الثقافية، فضلًا عن حصول دبي على لقب "مدينة مبدعة في مجال التصميم"، لتكون الأولى التي تحصل على هذا اللقب على مستوى المنطقة ذاتها ضمن الـ 180 مدينة من 72 دولة الأعضاء في الشبكة، وهو ما يثبت أننا نسير على الطريق الصحيح نحو إحداث طفرة حقيقية في القطاع الإبداعي على مستوى المنطقة والعالم.

 

وقالت  "يعكس إطار دبي للإحصاءات الثقافية حرص هيئة الثقافة والفنون على إيجاد منظومة اقتصادية متكاملة ومحفّزة للصناعات الثقافية تدعم المجتمع الإبداعي، وتمكّنه من الإسهام بشكل إيجابي في خلق فرص عمل للمواهب المحلية واستقطاب الاستثمار الأجنبي والإسهام بشكل أكبر في الناتج المحلي للإمارة. 

 

وألمحت لشيخة لطيفة بنت محمد إلى الثقل النوعي الذي يحمله الاقتصاد الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات حول العالم، والذي أدركته دبي مبكرًا وعملت على بناء ثقافة إبداعية وريادة قوية منافسة على المستوى العالمي، وقالت: "أثبتت الدراسات والتقارير العالمية أنه رغم ما شهده الواقع الاقتصادي العالمي والإقليمي من صعوبات في العامين الأخيرين، إلا أن السنوات السابقة شهدت قفزة كبيرة في الصناعات القائمة على المعرفة عالميًا، ومنها الصناعات الإبداعية التي أصبحت عنصرًا مهمًا للتنافسية الاقتصادية للدول لمساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وخلق الوظائف الجديدة؛ فضلًا عن الدور الذي تسهم به في التجارة العالمية.

 

وبناءًا على تقرير أصدرته منظمة اليونسكو بالتعاون مع وكالة إي واي، فقد وصلت إيرادات الاقتصاد الإبداعي على مستوى العالم قبل الجائحة إلى 2،250 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومنحت ما يصل إلى 13% من مجموع القوى العاملة في مدن العالم الرئيسية حيث وصل إجمالي عدد العاملين في هذا القطاع إلى 29.5 مليون وظيفة عالميًا.

 

ويتمتع القطاع الإبداعي بتأثير واضح على قطاعات رئيسية مثل الصناعة والتشييد والعقار والتجارة والسياحة، لذا تركز استراتيجية الاقتصاد الإبداعي على جذب الاستثمارات التي تتجاوز الأنشطة الاقتصادية التقليدية، كما تهدف لجعل دبي الوجهة الأولى للمواهب الثقافية والإبداعية والفنية محليًا وعربيًا وعالميًا، ولدعم نمو الصناعات الإبداعية في الإمارة بغية تعزيز العائد الاقتصادي الثقافي، الأمر الذي من شأنه تعزيز مكانة دبي كعاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي، في ضوء ما تملكه من مقومات عديدة تؤهلها عن جدارة لتبوؤ هذه المكانة.

 

بدورها، أكدت هالة بدري، مدير عام "دبي للثقافة" مكانة دبي كمركز لانطلاق العديد من الشركات الواعدة التي بدأت طريق نجاحها من دبي وصولًا إلى العالمية، وقالت: "لطالما كانت دبي مقرًا لانطلاق العديد من الشركات الناشئة التي وجدت طريقها إلى العالمية؛ مثل شركة "كريم" التي تحولت إلى العالمية ضمن صفقة وصلت قيمتها إلى نحو 11 مليار درهم، وشركة "ميديا نت" التي انطلقت من دبي في قطاعات الإعلانات والاتصالات والدفع الإلكتروني، وتم الاستحواذ عليها من قبل شركات صينية بقيمة 900 مليون دولار (حوالي 3.3 مليار درهم)، كذلك شركة "سوق.كوم" التي استحوذت عليها شركة أمازون العالمية، وهناك أمثلة عديدة للعديد من قصص النجاح المماثلة التي اكتملت فصولها في دبي".

 

وأردفت: "تبيّن الدراسة الإحصائية التي أجرتها الهيئة بالتعاون مع مركز دبي للإحصاء أن أداء القطاع الثقافي والإبداعي في دبي كان إيجابيًا إلى حد كبير خلال الفترة الماضية، حيث حافظت مساهمة الصناعات الثقافية والإبداعية على حصتها في الناتج المحلي للإمارة بنسبة 4.02%، وهي النسبة نفسها التي حققتها في عام 2019، وذلك في ضوء الدعم المتواصل من القيادة الرشيدة للنهوض بهذا القطاع الحيوي وضمان استدامته وقوته".

 

وأوضحت بدري أن الاقتصاد الإبداعي تغذيه 6 قطاعات ثقافية إبداعية رئيسية تشمل: التراث الطبيعي والثقافي، والكتب والصحافة، وفنون الأداء والاحتفالات، والإعلام المسموع والمرئي والتفاعلي، والفنون البصرية والحرف، والخدمات التصميمية والإبداعية؛ وينبثق منها 27 قطاعًا فرعيًا مثل: التعليم الثقافي، والموسيقى وفنون الأداء، والتصوير والفنون الجميلة والحِرَف، والكتابة، مرورًا بصناعة الأفلام والفيديو والألعاب الإلكترونية، وتصميم الأزياء وتصميم المنتج، وغيرها من القطاعات الفرعية والمجالات المتقاطعة معها.

 

وتُظهر  البيانات الإحصائية والنتائج التي أوردتها الدراسة نجاح استراتيجية دبي في دعم قطاعات الصناعات الثقافية والإبداعية واستقطاب رؤوس الأموال الإبداعية والمهارات ورواد الأعمال المبدعين، إذ شهدت الفترة الماضية نموًا مضطردًا في عدد المؤسسات الربحية العاملة ضمن المجال الثقافي والإبداعي. فكانت نسبة النمو في عدد الشركات الإبداعية في عام 2019 حوالي 27% (من 10،351 مؤسسة في عام 2018 إلى 13،144 مؤسسة في عام 2019) و12% في عام 2020 (14،771 مؤسسة في عام 2020) وفق البيانات الأولية لعام 2020. وأسهمت تلك المؤسسات بدورها في توفير فرص عمل واعدة حيث بلغت العمالة ضمن القطاع 100،486 في عام 2018، مع زيادة بنسبة 7.5% في عام 2019 لتبلغ العمالة 108،019، وبرغم الجائحة العالمية، شهدت العمالة زيادة بنسبة حوالي 0.4% في عام 2020 لتبلغ 108،444 وظيفة. وشهد معدل العمالة ضمن قطاعات الاقتصاد الإبداعي بالنسبة  لمجموع العمالة في الأنشطة الاقتصادية بشكل عام نموًا واعدًا فقد زادت مساهمة القطاع الإبداعي في العمالة بإمارة دبي، حيث أسهمت بنسبة  3.4% في عام 2018، وبنسبة 3.6% في عام 2019 لتصل  إلى نسبة 4.1% في عام 2020.

 

ويُعد القطاع الإبداعي من أهم القطاعات التي توفر فرص العمل لفئة الشباب بشكل خاص، فمن أهم خصائص هذا القطاع أن لاعبيه يتمتعون بروح ريادة الأعمال، فتشكل المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر النسبة العظمى (98%) من العدد الإجمالي للمؤسسات الإبداعية.

 

وقد بلغ عدد الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر العاملة في مجالات الصناعات الإبداعية 10،112 شركة في عام 2018، زادت بنسبة 27% في عام 2019 لتصل إلى 12،884 شركة وشهد عام 2020 زيادة بنسبة 12.5% لتصل إلى ما يقرب من 14،500 شركة. وهذا مؤشر على صحة توجّه "دبي للثقافة" الاستراتيجي تجاه دعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل عملية تأسيس الأعمال مدعوما بباقة من الحوافز التي تدخل من ضمنها فتح الباب للمبدعين للحصول على الإقامة الإبداعية طويلة المدى، كما تسهم جاذبية دبي التي تسعى لتكون أفضل مدينة للحياة والعمل في العالم، وتطور بنيتها التحتية وارتفاع جودة الحياة كمدينة ذكية، في استقطاب حجر الأساس للقطاع الإبداعي والحفاظ عليه، ألا وهو رأس المال البشري المتمثل في المواهب المبدعة.

 

وسيكون لاستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي بالإضافة إلى عدد من المشاريع الاستراتيجية الداعمة من ضمنها مشروع تطوير منطقة القوز الإبداعية، أكبر الأثر في استقطاب المزيد من الشركات الإبداعية ورواد الأعمال ورؤوس الأموال في هذا المجال، وبالتالي تحقيق أهداف الاستراتيجية الرامية إلى جعل الإمارة عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي بحلول 2026.

 

 

ومن حيث المساهمة في مجمل اقتصاد الامارة، فقد اسهم قطاع الصناعات الإبداعية خلال العام 2019 بنسبة 4% من اجمالي الناتج المحلي وبقيمة مضافة بلغت 17.6 مليار درهم مقابل ما يقارب 17مليار درهم في العام 2018. وأظهرت الدراسة الإحصائية، أنه وفقا للتقديرات الأولية لعام 2020 فقد شهد قطاع الصناعات الإبداعية انخفاضًا بنسبة 11.0% عن عام 2019 وهو يُعَدُّ انخفاضا طبيعيا في2020، نظرًا لظروف الجائحة التي أثرت على كافة القطاعات والانشطة والاقتصادية حول العالم، وتراجع الطلب وخاصة على السلع والخدمات الترفيهية. واحتل قطاع الخدمات التصميمة والإبداعية الحصة الأكبر من حيث المساهمة في القيمة المضافة، إذ بلغت نسبة مساهمته 48.8% في عام 2018 و50.1% في عام 2019، و47.6% في عام 2020.

 

من جانبه أوضح عارف عبيد المهيري، المدير التنفيذي لمركز دبي للإحصاء، أن هذه الشراكة بين مركز دبي للإحصاء وهيئة دبي للثقافة تأتي في إطار التكامل الحكومي لدعم السياسات والاستراتيجيات الحكومية، موضحًا أن هذه الخطوه أتت دعمًا لاستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي والتي تعد إحدى أذرع الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة والإبداع وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، مشيرًا إلى أن الدراسة تكشف جانبًا مهمًا من جوانب التطور المعرفي في دبي في إطار علمي ووفقًا للمنهجيات والمعايير الدولية، وأضاف المهيري بأن ما نلمسه من اهتمام ودعم لقطاع الثقافة والاقتصاد الإبداعي سيمثل عامل مهم لتعزيز ريادة وتنافسية الإمارة. 

 

وفي إطار استراتيجية دبي الاقتصاد الإبداعي، تعمل "دبي للثقافة" بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين المعنيين بدعم تحقيق أهداف الاستراتيجية وهم: دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي وسلطة دبي للتطوير وسُلطة دبي للمناطق الاقتصادية المتكاملة وهيئة دبي الرقمية، على الحفاظ على الأداء الصحي والنموذجي للقطاع وذلك بدعم من القطاع الخاص، خاصةً خلال المرحلة القادمة، ليستمر في تحقيق نمو متواصل على مدار السنوات القادمة، وسترتكز جهود الهيئة وشركائها الاستراتيجيين على عدة محاور رئيسية منها: تقوية المنظومة التعليمية، والاستثمار في بيئة ممكِّنة من خلال تعزيز البنية التحتية الإبداعية، وخلق منصات للتفاعل الجماهيري، وتعزيز الصناعات الإبداعية من خلال إنشاء شبكة للمبدعين في الإمارة والتركيز على الجانب التشريعي والحوكمي من خلال تطوير السياسات الداعمة للقطاعات الإبداعية والعمل على إعداد إطار عام للملكية الفكرية الإبداعية  وتوسعة الأسواق المستهلكة للمنتج المحلي الإبداعي.