الثلاثاء 16 ديسمبر 2025
booked.net

استراتيجية "الحسم" وتطهير العرين.. كيف ترسم القوات الجنوبية ملامح الدولة القادمة؟

القوات الجنوبية
القوات الجنوبية

يشهد الجنوب العربي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه تحولات دراماتيكية على الصعيدين العسكري والسياسي، فبينما تُطلق القيادة العسكرية عمليات نوعية مثل "عملية الحسم" و"تطهير جبهة عارين"، يبرز صوت الشعب في ساحات العاصمة عدن مطالبًا باستعادة الدولة. 

هذا التقرير يستعرض أبعاد هذه التحركات وكيف تساهم في صياغة واقع جديد بعيدًا عن هيمنة القوى الإرهابية والتوسعية.

جبهة عارين وعملية الحسم: إغلاق المنافذ أمام الإرهاب

جاء إعلان قيادة جبهة عارين بتحويل المنطقة المحيطة إلى منطقة عسكرية مغلقة كخطوة استباقية وضرورية هذا القرار ليس مجرد إجراء فني، بل هو إعلان عن بدء المرحلة النهائية لاجتثاث فلول مليشيا الإخوان الإرهابية التي حاولت اتخاذ من هذه المناطق الجبلية والوعرة منطلقًا لعملياتها التخريبية.

تتكامل هذه الخطوة مع ما صرح به الدكتور صدام عبدالله، وكيل أول وزارة الخارجية والمغتربين، حول "عملية الحسم". فالعملية تهدف إلى:

بسط السيطرة الشاملة: إنهاء حالة "الجيوب" الأمنية التي تستغلها الجماعات المتطرفة.

حماية الحاضنة الشعبية: تأمين المواطنين في أبين وشبوة من الهجمات الغادرة والعبوات الناسفة.

تثبيت المكتسبات: البناء على نجاحات "سهام الشرق" لضمان عدم عودة الإرهاب إلى المناطق المحررة.

 التفويض الشعبي: ساحة العروض ترسم خارطة الطريق

في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة الجنوبية معارك الشرف في الجبهات، كانت العاصمة عدن تشهد ملحمة من نوع آخر. احتشاد الآلاف في ساحة العروض بدعوة من المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن مجرد تظاهرة عادية، بل كان استطلاعًا حيًا لإرادة الشعب.

رفع المتظاهرون صور اللواء عيدروس الزُبيدي، مطالبين بإعلان الاستقلال الناجز. هذا الالتفاف الشعبي، الذي أيده قادة نقابيون مثل علي سعيد (رئيس نقابة جمارك عدن)، يمنح القيادة الجنوبية "الشرعية الثورية والقانونية" للمضي قدمًا في مفاوضات الحل النهائي. إن صوت النقابات العمالية والمهنية يضيف بعدًا مؤسسيًا للمطالب الشعبية، مما يؤكد أن مشروع استعادة الدولة هو مشروع "دولة مؤسسات" وليس مجرد شعارات عاطفية.

المسار التاريخي: من المقاومة الفطرية إلى الجيش النظامي

لكي نفهم قوة القوات الجنوبية اليوم، يجب العودة إلى الجذور. لم تكن هذه القوات وليدة الصدفة، بل هي امتداد لنضال بدأ منذ صيف 1994. التحول من المقاومة الشعبية التي قادتها حركات مثل "موج" و"حتم" إلى تشكيلات احترافية مثل قوات العمالقة، الحزام الأمني، والنخبة الحضرمية، يمثل معجزة عسكرية تحققت بدعم من الأشقاء في التحالف العربي، وتحديدًا دولة الإمارات العربية المتحدة.

اليوم، يمتلك الجنوب جيشًا بعقيدة وطنية واضحة، مهامه تتجاوز الدفاع عن الأرض لتشمل:

مكافحة الإرهاب الدولي: ملاحقة تنظيمي القاعدة وداعش وتفكيك خلايا الإخوان.

حماية الملاحة الدولية: تأمين مضيق باب المندب والسواحل الممتدة من المهرة إلى عدن.

مواجهة المشروع الحوثي: كسر التمدد الإيراني على حدود الجنوب الشمالية.

التحديات الراهنة: الاقتصاد والمناخ كجبهات مواجهة

لا تنفصل المعركة العسكرية عن الواقع المعيشي. فالجنوب يواجه حربًا اقتصادية شعواء تهدف لتركيعه عبر تعطيل الخدمات وانهيار العملة. في هذا السياق، تبرز أهمية المؤسسات الإيرادية مثل الجمارك والضرائب في العاصمة عدن، والتي تمثل حجر الزاوية في بناء اقتصاد الدولة القادمة.

الرؤية المستقبلية: نحو استقلال ناجز وتنمية مستدامة

إن إطلاق "عملية الحسم" بالتزامن مع الحراك الدبلوماسي للقيادة الجنوبية في المحافل الدولية يشير إلى أننا أمام "الربع ساعة الأخير". الجنوب اليوم ليس جنوب 1994 ولا جنوب 2015؛ إنه جنوب متمكن عسكريًا، موحد سياسيًا، ومسند شعبيًا.

إن تأمين جبهة عارين، وتطهير أبين، وبسط الاستقرار في شبوة والمهرة، هي خطوات تقصر المسافة نحو العاصمة عدن كعاصمة لدولة اتحادية مستقلة. القيادة الجنوبية، برئاسة الزُبيدي، تمضي بخطى ثابتة، مدركة أن الأمن هو بوابة التنمية، وأن الإرهاب (سواء كان حوثيًا أو إخوانيًا) هو العدو الأول لمستقبل أجيال الجنوب.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1