حقيقة "بطاقة ترامب الذهبية": هل يمكن شراء الجنسية الأمريكية فعلًا بمليون دولار؟
أثيرت ضجة واسعة مؤخرًا حول إتاحة طريقة "جديدة" ومباشرة للحصول على الجنسية الأمريكية مقابل شراء ما يُسمى بـ "بطاقة ترامب البلاتينية" أو "الذهبية".
ونقلت بعض المنصات إدعاءات منسوبة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأن هذه "البطاقة الذهبية" هي "أسهل طريقة مباشرة للحصول على الجنسية الأمريكية لجميع المؤهلين" خلال 30 دقيقة فقط.
في ظل حالة الجدل السياسي الدائرة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أثارت هذه الادعاءات تساؤلات كبيرة حول مدى صحتها وإمكانية تجاوز الإجراءات القانونية الصارمة للتجنيس بهذه الطريقة المباشرة. يُعدّ ملف الجنسية الأمريكية والإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا، ويخضع لقوانين هجرة فيدرالية لا يمكن تعديلها بقرار شخصي أو عبر برنامج بطاقات خاص.
تفاصيل "العرض" المزعوم: الملايين مقابل الإقامة السريعة
الادعاءات المنتشرة حول "بطاقة ترامب" لا تقدم فقط وعودًا بالحصول على الجنسية، بل تحدد أيضًا شروطًا مالية ضخمة تضع هذا "العرض" في مصاف برامج الاستثمار الحصرية. ويشير العرض المزعوم إلى توفر نوعين من "البطاقات" عبر موقع إلكتروني خاص:
1. بطاقة ترامب البلاتينية:
التكلفة: مساهمة قدرها 5 ملايين دولار أمريكي، بالإضافة إلى رسوم معالجة.
الاشتراطات: فحص من قبل وزارة الأمن الداخلي الأمريكية.
الميزة المزعومة: تمكين الأشخاص من قضاء ما يصل إلى 270 يومًا في الولايات المتحدة دون الخضوع للضرائب الأمريكية على الدخل غير الأمريكي.
2. بطاقة ترامب الذهبية:
التكلفة: مساهمة قدرها مليون دولار أمريكي.
الاشتراطات: التحقق من قبل وزارة الأمن الداخلي الأمريكي.
الوعد الأكبر: الحصول على الجنسية الأمريكية خلال 30 دقيقة فقط.
السياق القانوني والتحليل النقدي للادعاء
من الضروري وضع هذه "التفاصيل" في سياق الإجراءات القانونية الأمريكية المعمول بها. إن عملية التجنيس (Naturalization) في الولايات المتحدة هي عملية طويلة ومعقدة تتطلب عادة سنوات من الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء)، واجتياز اختبارات اللغة والتاريخ المدني، والمقابلة الشخصية، وتقديم دليل على حسن السيرة والسلوك.
مقارنة مع برامج الهجرة الاستثمارية (EB-5):
المعلومات المتداولة قد تكون مستوحاة بشكل مشوه من برنامج تأشيرة هجرة المستثمر (EB-5)، وهو برنامج حكومي رسمي:
الهدف: لا يمنح الجنسية مباشرة، بل يمنح الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء).
الاستثمار: يتطلب استثمارًا يتراوح عادة بين 800 ألف دولار إلى 1.05 مليون دولار في مشاريع توفر 10 وظائف أمريكية.
المدة: الحصول على الجنسية بعد 5 سنوات من الإقامة الدائمة.
الادعاء بأن مليون دولار يمكن أن تمنح الجنسية الأمريكية خلال 30 دقيقة يتعارض تمامًا مع مبادئ الهجرة الأمريكية ويفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي. هذا التناقض يستدعي تحذير الجمهور من التداول بهذه المعلومات كحقائق.
التحذير من المواقع غير الرسمية وحماية المستثمرين
تتزايد أهمية التدقيق في مصادر المعلومات، لا سيما تلك المتعلقة بالهجرة والجنسية، التي غالبًا ما تستغل طموحات الأفراد.
المواقع الرسمية: يجب على الراغبين في الهجرة أو الحصول على الجنسية الاعتماد فقط على المواقع الحكومية الرسمية، وعلى رأسها موقع خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية (USCIS).
الهدف التسويقي: تشير طبيعة "بطاقة ترامب الذهبية" بوضوح إلى أنها قد تكون جزءًا من حملة تسويقية غير رسمية أو منتج شخصي لا يمثل أي آلية حكومية للتجنيس.
الحقيقة تكمن في القانون وليس البطاقات الخاصة
في الختام، بينما تظل فرص الحصول على الجنسية الأمريكية حلمًا لكثيرين حول العالم، فإن الطريق إليها يمر عبر قنوات قانونية وإجرائية صارمة ومُعلنة من قبل الحكومة الفيدرالية. إن أي ادعاءات بـ "بطاقات ذهبية" أو "بلاتينية" تَعِد بالجنسية في دقائق مقابل مبالغ محددة، يجب التعامل معها بأقصى درجات الحذر والتشكيك.
إن وزارة الأمن الداخلي والقوانين الأمريكية هي المرجع الوحيد لعمليات التجنيس، وتستغرق هذه الإجراءات وقتًا طويلًا يضمن النزاهة والتحقق الأمني الشامل. لذا، على الجمهور الابتعاد عن الروابط والمواقع التي تروج لـ**"بطاقة ترامب الذهبية"** كمسار مباشر للحصول على الجنسية، والاعتماد على استشارة المحامين المتخصصين وجهات الهجرة الرسمية.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
