المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن.. قيادة تصنع الفارق
يعد الجنوب العربي اليوم واحدًا من أكثر المناطق أمانًا واستقرارًا في المنطقة، رغم الواقع الأمني والسياسي المعقد الذي فرضته الحرب الحوثية وما نتج عنها من تداخلات بين قوى الإرهاب والشر، وعلى رأسها المليشيات الإخوانية الإرهابية. هذا المشهد المتشابك كان من الممكن أن يحوّل الجنوب إلى ساحة فوضى، إلا أن الجهود الحثيثة التي بذلها المجلس الانتقالي الجنوبي وتضحيات القوات المسلحة الجنوبية قلبت الموازين، ورسّخت بيئة أمنية مستقرة صمدت أمام كل التحديات.
الأمن في الجنوب.. نتيجة تضحيات لا صدفة
لم يكن استقرار محافظات الجنوب وليد الصدفة، بل ثمرة جهود مضنية شملت بناء قوات عسكرية منضبطة، وإعادة تفعيل أجهزة الأمن المحلية، إلى جانب تعزيز دور المجتمع في حفظ السلم الأهلي. وقد أظهرت القوات المسلحة الجنوبية كفاءة عالية في مواجهة التهديدات الإرهابية، بدءًا من دحر الجماعات المتطرفة، وصولًا إلى تفكيك الخلايا التخريبية التي حاولت مرارًا زعزعة الاستقرار.
اليوم، تنعم مدن كبرى مثل عدن والمكلا بأجواء آمنة جعلتها وجهة مفضلة للنازحين من مناطق النزاع الأخرى. الجنوب تحوّل إلى ملاذ آمن للأسر الفارة من ويلات الحرب، حيث يستقبل يوميًا آلاف العائلات التي تبحث عن الأمن والاستقرار. هذه الظاهرة عززت من مكانة الجنوب باعتباره نموذجًا للأمان وسط بلد مثخن بالصراعات.
ثقة المجتمع.. غياب الهجرة العكسية
من اللافت أن الجنوب لا يشهد هجرة عكسية، أي أن من يلجأ إليه نادرًا ما يفكر في مغادرته. هذا يعكس بوضوح حالة الثقة المجتمعية في البيئة الأمنية والاجتماعية المستقرة التي توفرت بفعل الإدارة الفاعلة والتنسيق العسكري والأمني رفيع المستوى. هذه الثقة لم تأتِ بسهولة، بل عبر سنوات من العمل المتواصل الذي أعاد الاعتبار لهيبة القانون وأسس لثقافة الأمن المجتمعي.
الجنوب كحاضنة للاستثمار
لم يقتصر أثر الاستقرار على استقبال النازحين فحسب، بل امتد ليجعل مدن الجنوب بيئة جاذبة للمستثمرين ورجال الأعمال. فحين يشعر المستثمر أن الأمن متوفر، يندفع للاستثمار في مشاريع خدمية وتجارية وصناعية، وهو ما ينعكس إيجابًا على التنمية الاقتصادية ويوفر فرص عمل جديدة للشباب. وهذا بدوره يرسخ حلقة متكاملة من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، أساسها الأمن الذي وفرته القوات الجنوبية بتضحياتها.
أهمية تمكين الجنوب إداريًا وعسكريًا
في ظل هذه المعطيات، تبرز الحاجة الماسة إلى تمكين الجنوب إداريًا وعسكريًا ليواصل دوره الريادي في ترسيخ الاستقرار. منح الجنوب صلاحيات أوسع لإدارة شؤونه الأمنية والخدمية يعد أمرًا ضروريًا، خاصة في ظل هشاشة المؤسسات المركزية التي لم تعد قادرة على القيام بمهامها. إن تعزيز صلاحيات الإدارة المحلية في الجنوب سيمثل نقلة نوعية في تعزيز الحوكمة الرشيدة وتثبيت الأمن على المدى الطويل.
الجنوب.. شريك فاعل في صناعة السلام
تجربة الجنوب العربي تقدم اليوم نموذجًا ناجحًا في الإدارة المحلية وحفظ الأمن، وهو نموذج يجب البناء عليه ضمن أي تسوية سياسية شاملة. فالمعادلة الجديدة تثبت أن الجنوب لا يمثل فقط منطقة آمنة، بل شريكًا حقيقيًا في إنتاج السلام وصون كيان الدولة. ومن هذا المنطلق، فإن دعم الجنوب سياسيًا وعسكريًا ليس خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة وطنية وإقليمية لضمان استقرار دائم.
دروس من التجربة الجنوبية
تجربة الجنوب تحمل العديد من الدروس المهمة، أبرزها أن بناء قوة عسكرية وأمنية منضبطة هو حجر الزاوية في ترسيخ الاستقرار، وأن إشراك المجتمع المحلي في تعزيز الأمن يمثل عاملًا جوهريًا لإنجاح أي تجربة. كما أن وجود قيادة سياسية واعية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي ساعد على توجيه الجهود نحو الأهداف الاستراتيجية، بدلًا من التشتت في معارك جانبية.
المستقبل.. نحو دور إقليمي أوسع
مع استمرار النجاحات الأمنية والإدارية، يبدو الجنوب مؤهلًا للعب دور إقليمي أوسع في حفظ السلم ومكافحة الإرهاب. موقعه الجغرافي الاستراتيجي على خطوط الملاحة الدولية، وخبراته المتراكمة في مواجهة الجماعات الإرهابية، تجعله شريكًا محوريًا للمجتمع الدولي في ضمان أمن البحر الأحمر وخليج عدن. هذا الدور لا يقتصر على حماية حدوده الداخلية، بل يمتد إلى المساهمة في الأمن البحري العالمي.
إن ما يعيشه الجنوب العربي اليوم من استقرار وأمان لم يكن ليحدث لولا تضحيات القوات المسلحة الجنوبية وحنكة المجلس الانتقالي الجنوبي. لقد أثبت الجنوب أنه قادر على الصمود في وجه العواصف، وعلى تحويل التحديات إلى فرص. ومع تزايد أعداد النازحين والمستثمرين الذين يجدون في الجنوب بيئة آمنة ومستقرة، فإن الحاجة إلى دعم الجنوب وتمكينه سياسيًا وعسكريًا باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. الجنوب اليوم ليس مجرد ملاذ آمن، بل قوة ضامنة للاستقرار وشريك أساسي في صناعة مستقبل اليمن والمنطقة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
