وباء الكوليرا في اليمن.. مأساة إنسانية متجددة بفعل الحرب الحوثية
يمثل تفشي وباء الكوليرا في اليمن أحد أخطر الأوبئة الصحية التي عصفت بالبلاد خلال السنوات الأخيرة، وهو انعكاس مباشر للحرب العبثية التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الإرهابية منذ صيف 2014.
فمع انهيار المنظومة الصحية وتدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، بات اليمن بؤرة موبوءة يتصدر عناوين التقارير الدولية كأحد أكثر بلدان العالم معاناة من الكوليرا.
اليمن في صدارة الدول الأكثر تضررًا من الكوليرا
كشفت منظمة الصحة العالمية عن تفشٍ واسع لوباء الكوليرا في اليمن، لتحتل المرتبة الثانية عالميًا بعد جنوب السودان. وأشارت الإحصائيات الرسمية للعام 2025 إلى تسجيل ما يزيد على 60،794 حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا، من بينها 164 حالة وفاة مرتبطة بالمرض.
وبحسب تصريحات كاثرين ألبيرتي، المسؤولة التقنية لشؤون الكوليرا في المنظمة، فإن الوضع الوبائي في اليمن لا يقتصر على حالات الإصابة فقط، بل يعكس واقعًا مأساويًا مرتبطًا بانهيار مؤسسات الدولة واستمرار الصراع، حيث يغذي الفقر والحرب انتشار الأوبئة على نطاق واسع.
أرقام صادمة من تقارير أممية
المرتبة الثانية عالميًا من حيث الإصابات بعد جنوب السودان.
أكثر من 390 ألف إصابة جديدة بالكوليرا هذا العام في 31 دولة، منها عشرات الآلاف في اليمن وحده.
4300 وفاة عالميًا، بينها نسبة مرتفعة من اليمنيين، معظمهم من الأطفال والنساء.
هذه الأرقام تكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يواجهها اليمنيون يوميًا، في ظل غياب أبسط مقومات النظام الصحي الحديث.
بيئة موبوءة تغذيها الحرب الحوثية
يعيش ملايين اليمنيين في مناطق تفتقر إلى شبكات مياه آمنة أو خدمات صرف صحي ملائمة. ومع اعتماد السكان على مياه ملوثة، وغياب حملات النظافة والتوعية الصحية، يجد وباء الكوليرا بيئة مثالية للانتشار.
وتتضاعف الكارثة بفعل سياسات ميليشيا الحوثي التي تعمد إلى:
عرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
تقييد عمل المنظمات الدولية.
تسييس العمل الإغاثي وتوجيهه بما يخدم أجنداتها.
هذه الممارسات لم تكتفِ بزيادة أعداد الضحايا، بل منعت التدخلات السريعة التي كان يمكن أن تحد من تفشي الوباء.
الأطفال والنساء في صدارة الضحايا
تشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن غالبية ضحايا الكوليرا في اليمن هم من الأطفال والنساء، نظرًا لضعف المناعة وقلة الوعي الصحي، فضلًا عن سوء التغذية الذي اجتاح البلاد بفعل الحرب. هذا الواقع يضاعف من معدلات الوفيات، خصوصًا في المناطق الريفية التي تفتقر إلى مراكز صحية مجهزة.
دعوات أممية لتدخل عاجل
منظمة الصحة العالمية، إلى جانب وكالات الإغاثة الأممية، دعت مرارًا المجتمع الدولي إلى:
تعبئة التمويل العاجل لمكافحة الكوليرا.
تسهيل وصول اللقاحات والإمدادات الطبية.
ضمان وصول آمن لفرق الإغاثة إلى المناطق المنكوبة.
الاستثمار طويل المدى في مشاريع المياه والصرف الصحي.
هذه التدخلات تمثل حجر الأساس لوقف موجات الوباء المتكررة، إلا أن غياب الاستقرار الأمني والسياسي يظل عائقًا رئيسيًا أمام أي حل مستدام.
الحاجة إلى تحرك دولي حازم
في ظل استمرار الحرب الحوثية، يظل المدنيون في اليمن رهائن لأزمة إنسانية غير مسبوقة. فالكوليرا ليست سوى وجه من وجوه المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني، حيث تجتمع الأوبئة مع الفقر والمجاعة وانعدام الأمن.
ولذلك، تبرز الحاجة إلى تدخل دولي أكثر حزمًا، يضمن:
وصول المساعدات دون قيود أو عراقيل.
محاسبة الأطراف التي تعرقل الجهود الإنسانية.
وضع حلول جذرية تعيد الاستقرار وتعيد مؤسسات الدولة إلى العمل.
إن وباء الكوليرا في اليمن ليس أزمة صحية فقط، بل انعكاس شامل لأزمة إنسانية صنعها الصراع المسلح والانهيار المؤسسي. ومهما بلغ حجم التدخلات الإغاثية، فإن الحل الحقيقي يظل مرهونًا بوقف الحرب ورفع المعاناة عن المدنيين، وضمان حصولهم على حقهم الأساسي في الصحة والحياة الكريمة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
