التعددية القطبية في العالم بين النظرية والواقع العملي

متن نيوز

اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرياض في الثالث عشر من مايو الجاري كأول وجهة له في أول زيارة خارجية منذ توليه الولاية الرئاسية الثانية.


كانت هذه الزيارة ونتائجها بمثابة تدشين لعصر جديد، ليس فقط للعلاقات الأمريكية السعودية الخليجية، فحسب، بل وكذلك للسياسة الخارجية الأميركية بشكل عام.

تعاظم دور الصين:


وفي نفس الوقت كان الرئيس الصيني شي جينج بينج يركز اهتمامه على أمريكا الجنوبية وإفريقيا والشرق الاوسط بالطبع، حيث هناك حاليًا تراجع في النفوذ الأمريكي وزيادة في الوجود الصيني في المنطقة.

"أمريكا اولا"


يمثل التعامل مع هذا الوضع الجديد تحديًا كبيرًا لواشنطن، حيث لم تعد وسائل الإكراه المستخدمة في الماضي مجدية، على الأقل بالنسبة لأكبر دول المنطقة وأكثرها تنوعًا مثل  البرازيل والمكسيك والأرجنتين.


فيما روسيا تمارس أقوى الضغوط لإنهاء الحرب لصالحها في أوكرانيا وبأكبر مكاسب ممكنة وتخوض حربا أخرى عبر الترويج "للقوى الحضارية"...محافظة على تحالفات استراتيجية أكثر ديناميكية مع الصين وكوريا الشمالية وإيران، ما يؤكد تنامي الاتجاهات نحو نظام دولي متعدد الأقطاب، ما يخلق فرصًا وتحدياتٍ في آنٍ واحد...وسط منافسة جيوسياسية حادة.


تراجع الأحادية القطبية في عالم ما بعد الحرب الباردة، والصراع بين النماذج الديمقراطية والنماذج التي تصفها التقارير الغربية بـ”الاستبدادية” للحكم، بالإضافة إلى تداعيات الاستقطاب الأيديولوجي العالمي...يبرز قويا وطاغيا دور الترابط الاقتصادي في تشكيل القرارات الجيوسياسية. 


ورغم استمرار العولمة كقوة رئيسية، فإن تفكك سلاسل التوريد، وتصاعد النزعة الاقتصادية القومية يضيفان مزيدًا من الشكوك وعدم اليقين.


التعددية القطبية لم تعد مجرد نظرية، بل أصبحت واقعًا ملموسًا مع تزايد عدد الفاعلين الدوليين القادرين على التأثير في القضايا العالمية.


ويتجلى ذلك في الأدوار المتنامية لقوى مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، إلى جانب قوى إقليمية أخرى تسعى إلى تعزيز نفوذها على الساحة الدولية...كالسعودية وتركيا وايران واسرائيل ومصر في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، هذا التحول لا يسير بسلاسة؛ إذ تصاحبه صراعات على النفوذ وتوترات متزايدة بين اللاعبين الرئيسيين الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا.


تراجعت السمعة العالمية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا بشكل ملحوظ، في حين سجلت كوريا الجنوبية وبولندا وتركيا والمملكة المتحدة أكبر تحسن في التصورات الدولية.

تحديات أمام أوروبا:


فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد يكون عاملًا حاسمًا في إعادة تشكيل النظام الدولي. فمن خلال تبنيه نهج “أمريكا أولًا”، قد يؤدي إلى تقليص دور الولايات المتحدة كضامنة لأمن أوروبا؛ ما قد يفرض تحديات جديدة على حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا، ويؤدي إلى إعادة تقييم الترتيبات الأمنية في القارة الأوروبية.

المنطقة العربية والملف اليمني:


هذا التنافس والاستقطاب الدولي يجد انعكاساته ومفعوله في المنطقة العربية بما فيها الملف اليمني...حيث يعتبر الحوثيون المسيطرون على اليمن (الشمال) أداة إيران في المنطقة وضمنيا جزء من تحالف "الشرق"... وهذا يضع الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي موضوعيا أقرب إلى دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات التي يتوجب عليها دعم الجنوب لاضعاف موقف الحوثيين الموالين لايران.