هاني مسهور: ما عرضته قناة "بي بي سي" البريطانية تعمد إغفال الحقائق

هاني مسهور
هاني مسهور

قال المحلل والناشط السياسي بجنوب اليمن، هاني سالم مسهور إن ما عرضته قناة بي بي سي البريطانية عن الاغتيالات في الجنوب من بعد تحرير العاصمة عدن في 2015 رغم أنه تعمد إغفال الحقائق إلا أنه جدير بالنظر إليه بشجاعة من زاوية يغفل عنها الكثير حيث فيه تبيان لماهية الفصل بين ما يجب أن يتم الفصل فيه.

 

وأضاف مسهور وفقا لمقاله: من الخطأ اعتبار السياق التاريخي للجنوب عن تحولات الحوادث التاريخية المستجدة في العام 2015 وما تلاها، فالجنوب بتكوينه لم ينسجم مع التيارات الإسلاموية منذ نشأته ما قبل ظهور الدولة الوطنية، ومنذ عهد السلطنات والمشيخات لم يستسغ النسيج المجتمعي هذه التيارات ولم يتعاط معها.

 

وتابع: مع الاستقلال الأول في 30 نوفمبر 1967 ظهرت القطيعة مع الإسلام السياسي فلقد حكم الجنوب الحزب الاشتراكي بطبيعة سياسية ليبرالية علمانية وضعت حدًا قاطعًا مع جماعة الإخوان التي كانت نشطة في الجمهورية العربية اليمنية التي كانت محكومة بالفكر الزيدي وهو أحد أقدم التيارات ذات النهج الإسلامي في التاريخ العربي.

 

وقال إن الحزب الاشتراكي تعامل بصرامة مع جماعة الإخوان وليس من المخفي في سجلاته أنه وحتى يوم إعلان الوحدة بين شطري اليمن في مايو 1990 كانت السجون ممتلئة بالمئات إن لم يكونوا بالآلاف من عناصر الجماعة، فحالة العداء التاريخية ليست مستجدة بين التنظيم الدولي والجنوبيين.

 

تابع: في العام 1994 ومع الغزو اليمني للجنوب كان من الطبيعي أن يكون رأس حربة الغزو هم جماعة الإخوان المتمثلين في ذراعهم في اليمن حزب التجمع اليمني للإصلاح، جاءت الجماعة من بعد المؤتمر العربي الإسلامي الذي كان قد انعقد في الخرطوم 1991 لتنفذ مقرراته بأن يتحول الجنوب إلى وطن إخواني وهو ما حاول أن ينفذه التنظيم عندما ساهم بفاعلية في إنشاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

 

وأكد: حولت الجماعة الجنوب إلى معسكر كبير للأفغان العرب والمقاتلين العائدين من الشيشان والبوسنة والصومال فكان محطة لتفريخ العناصر التكفيرية، هذه الخلفية مهمة لمعرفة أن ما كان في حرب تحرير عدن 2015، والمكلا 2016، لم تكن حروبا كما يصورها الإعلام الدولي أو العربي فقد كانت حروبا وجودية بين الدولة الوطنية والكيانات الإسلاموية.

وقال: الجنوبيون خرجوا من تلك الحروب والمعارك معهم حليف واحد لا شركاء له، ذلك الحليف كان دولة الإمارات العربية المتحدة التي ساندتهم وهي تدرك تمامًا أنها تدعم قوى وطنية جنوبية تواجه تيارات إسلاموية.

 

وتابع: الإماراتيون لم يخفوا يومًا أنهم رأس الحربة الأولى بل والأقوى والأكثر شراسة في مواجهة التيارات الإسلاموية، حيث تدرك دولة الإمارات أنها حملت مسؤولية كبيرة، وهي تساند مصر التي قدمت مفهوم الدولة الوطنية الحديثة.

 

وتابع: ما فعلته دولة الإمارات مع مصر لم يكن من وراء ستار بل كان مكشوفًا وظاهرًا وهو ما يجسدّ سياساتها وتوجهاتها، ومن وقف مع مصر وواجه موجة "الربيع العربي" لن يكون متواريًا وهو يساند الجنوبيين في خوضهم معاركهم مع التيارات الإسلاموية.

وقال: فهذه حرب خاضتها دولة الإمارات مع التحالف العربي وأظهرت فيها قدرة قتالية مشهودة من لحظة انطلاق عملية السهم الذهبي في عدن وحتى ينهي الجنوب مشروعه السياسي على اعتبار أنه مشروع وطني شأنه شأن كل المشاريع الوطنية العربية من الخليج إلى المحيط.

 

وأكد: ما لم تقترب منه قناة «بي بي سي» فيما تقول عنه وثائقي هو أن ما تلا تحرير عدن كان موجة من القتل والإرهاب والتفجيرات والمفخخات حصدت أرواح الآلاف من المواطنين الأبرياء.

 

وقال: الموقف الحرج حتّم على دولة الإمارات أن تساهم في إعداد وتجهيز الحزام الأمني الذي خاض معارك ضارية في محافظات عدن ولحج وأبين ضد تنظيم داعش الذي حاول إقامة «إمارة إسلامية» لولا أن هذه القوة وبإسناد مباشر من القوات الإماراتية التي استطاعت هزيمته ومطاردة فلول عناصره ولاحقتهم في المكلا وهزمتهم بإسنادها لقوات النخبة الحضرمية.

 

وأضاف: هذه معارك لم تأتِ عليها الوثائقيات المصنوعة بأياد إسلاموية وبعيون مبغضة لدولة الإمارات وللجنوب ويعرف الجنوبيون تمامًا خصومهم كما يعرف الإماراتيون مهمتهم التاريخية في إسنادهم للقوى الوطنية دائمًا في كل أرض عربية ومع كل مستغيث بهم هذه معركة ضارية ولا شك فيها، وتلك الدعايات والوشايات وغيرها من المبررات لن تغير من حقائق الأرض والتاريخ الذي تسرده وثائقيات مشوهة مغلوطة ومدلسة 

 

 

وتابع: الأرض وأهلها يعرفون الحقيقة ويدركونها ويعرفونها كما يعرفون تمامًا أن عليهم ألا يلتفتوا إلى هكذا شهادات زور وبهتان لا تمثل أوجاعًا أثخنت الجسد الجنوبي العربي دمًا وجراحًا غائرة لن تندمل بغير اجتثاث الإرهاب من على الأرض الجنوبية التي تهدده، مع عرض هذا الجزء من وثائقي «بي بي سي» صواريخ الحوثي الباليستية ومفخخات تنظيمات القاعدة وداعش وأنصار الشريعة.

 

واختتم: هذا ما لا يريدون إظهاره للناس وهذا ما سيبقى واقعًا يخوض فيه الجنوب بمجلسه الانتقالي وقواته المسلحة وشعبه المدعوم إماراتيًا أمس واليوم وغدًا فالمصير الإماراتي مصير مرتبط بالجنوبي فهذا استحقاق التاريخ المكتوب بدم شهداء الإمارات والجنوب الذين خضبوا بدمائهم الأرض الجنوبية من عدن إلى المهرة.

 

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1