"سفاح نابل".. فيلم يحكي قصة أخطر مجرم أرعب التونسيين في الثمانينيات

متن نيوز

احتضنت قاعة "الكوليزي" بالعاصمة التونسية العرض قبل الأول لفيلم "سفاح نابل" المستوحاة من قصة حقيقية من إخراج كريم بن رحومة.

ويشارك في بطولة الفيلم أحمد الأندلسي والهادي الماجري وبلال سلاطنية وساندرا الشيحاوي وميساء ساسي.

ويروي الفيلم الذي بدأ الإعداد له منذ 2017، تفاصيل ووقائع حقيقية عاشتها تونس خلال فترة أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ويسلط الضوء على الدوافع النفسية التي خلقت من شخصية "الناصر الدامرجي" مجرما قتل واغتصب 14 طفلا وحُكم عليه بالإعدام سنة 1991 وهو آخر من نفذ في حقه عقوبة الإعدام في تونس سنة 1994.

الفيلم طرح الأبعاد النفسية والاجتماعية التي جعلت طفلا بريئا يغوص في عالم الإجرام ويتفنن في قتل ضحاياه.

ويجسد هذا الفيلم نبذة من حياة هذا الوحش الآدمي وتاريخه بطريقة درامية.

ويعدّ فيلم "سفاح نابل" الأول من نوعه الذي تناول هذه الشخصية المضطربة، التي أثارت الفزع داخل المجتمع التونسي، بعد عمليات الخطف والقتل والاغتصاب الممنهج للأطفال.

واستمد كاتب الفيلم القصة من التسجيلات الموضوعة في أرشيف السلطات التونسية والتي تم عرضها سابقا في التلفزيون التونسي.

وتمثلت هذه التسجيلات في سرد السفاح لجرائمه بكل التفاصيل والجزئيات الصغيرة، واعترف فيها بجرائمه التي صدمت الرأي العام مع ابتسامة لم تغادر محياه.

الفيلم كشف مختلف مراحل حياة السفاح الذي تقمص دوره الممثل التونسي أحمد الأندلسي وعن الصدمات التي تلقاها منذ طفولته إلى حين بداية تنفيذه لجرائمه الشنيعة.

كما تناول من ناحية إنسانية الأسباب التي دفعت بناصر الدامرجي إلى أن يتحول لأكبر قاتل أطفال ومرتكب اعتداءات جنسية في تاريخ تونس الحديث.

قصة "السفاح"

انطلقت قصة الفيلم بعرض طفولته حيث كان ابنا غير شرعي لبائعة هوى تدعى "حورية" تعرفت على شاب من ريف محافظة زغوان (شمال شرقي) وحملت منه، علاقتها به تسببت بدخولها إلى السجن وهي حامل وأنجبت ابنها في السجن.

لم يعرف والده الحقيقي إلا بعد مضي 30 سنة لذلك نشأ محروما من حنان الأب.

الدامرجي كان شخصا ذكيا جدا متمكنا من اللغة الفرنسية، عاش ودرس في طفولته بمدرسة أطفال بورقيبة المخصصة للأطفال اليتامى وفاقدي السند.

وأطفال بورقيبة هم فئة من الأطفال الذين لفظهم المجتمع، وسُموا بهذا الاسم نسبة إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إذ خصّصت الدولة التونسية في عهده اعتمادات مهمة لتنشئتهم وإنشاء قرى متكاملة لإيوائهم عرفت باسم "قرى أطفال بورقيبة".

ثم انقطع الدامرجي هذا الطفل الذي ولد فاقدا لحنان العائلة وحرم من أبسط حقوقه الإنسانية عن التعليم ليعمل في الزراعة.

ببلوغه سن العشرين سافر إلى فرنسا سنة 1964 بعد أن خطب ابنة خالته التي عشقها منذ صغره ليجمع المال ويعود ليتزوجها، وعاد سنة 1968 ليجد خطيبته قد تزوجت من رجل آخر ما أجج الانتقام والكره بداخله، لكن انتقامه لم يبدأ إلا بعد مرور 20 عاما أي عندما بلغ سن الأربعين وقام بقتل ابن خطيبته السابقة سنة 1988 ثأرا منها.

كان الناصر الدامرجي يعمل بمجال الزراعة يستأجر الحقول ويعمل بها ما جعلته في حالة مادية جيدة، لكنه رغم ذلك يعاني من عقد نفسية جعلت منه السفاح الأخطر في تاريخ تونس الحديث.

أول جريمة ارتكبها الناصر الدامرجي كانت في حق طفل يدعى محمد علي وضعته الصدفة في طريق الناصر يوم 15 يونيو/ حزيران 1987 عرض عليه الذهاب معه إلى مزرعته ليساعده في جني ثمار اللوز بمقابل مادي، رحب الطفل بالفكرة ورافقه للمكان، وأراد التعدي عليه فعرض عليه مشاركته في تناول الطعام ثم أعرب له عن نيته في مفاحشته مغريا إياه بالمال لكن الشاب رفض وحاول الفرار.

هنا لحق به الناصر ووضع إحدى يديه على فمه ليمنعه من الصراخ وضغط بيده الأخرى على رقبته حتى فارق الحياة، وأخذه ليدفنه في مزرعته، من هنا اكتشف هذه الطريقة للقتل لتنطلق سلسلة جرائمه الدموية.

وجرائمه الأخرى تمت بنفس الطريقة ليقتل في طريقه كل طفل يعترضه كوسيلة لتصفية حساباته القديمة ولقتل أي روح طفل بريئة بعد اغتصابها حيث وصل عدد ضحاياه إلى 14 طفلا تترواح أعمارهم بين 10 و18 عاما.


دراسة الشخصية

وقال كريم بن رحومة مخرج العمل، إن الفيلم تم تصوير مشاهده في محافظة نابل ومزارعها وفي سجن خاص تم تشييده خصيصا ليبدو كسجن "الناظور" في تلك الفترة، إضافة إلى تصوير مشاهد في العاصمة الفرنسية باريس نظرا لأن بطل الفيلم عاش فترة زمنية بها.

وأكد أن تحضير الفيلم تطلب دراسة كاملة حول الشخصية منذ ولادتها إلى حين إعدامه سنة 1994.

وأشار إلى أنه أراد توثيق قصة أخطر مجرم عرفته تونس حيث أرعب الأمهات والآباء والأطفال في فترة الثمانينيات لكن بطريقة درامية بعرض الأبعاد النفسية والاجتماعية التي جعلت من هذا الإنسان وحشا آدميا.