مشروع إحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي.. عقد اجتماعي جديد لخفض الانبعاثات الكربونية في مصر

سيارات الإحلال
سيارات الإحلال

أعلنت الحكومة المصرية تدشين عدة خطط مؤخرا تستهدف الاهتمام بملف التغيرات المناخية خاصة مع احتضان مصر لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية COP 27  الذي عقد في مدينة شرم الشيخ في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022.

 

في الأعوام الأخيرة أطلقت الدولة المصرية بعض المشروعات والإجراءات تستهدف خفض الانبعاثات الكربونية، خاصة مع تزايد التهديدات المحتملة لتدفق مياه نهر النيل إلى مصر مع بناء سد النهضة الإثيوبي، بالنظر إلى أن مصر تعتبر من أبرز الدول التى تعانى من الفقر المائي بالنسبة لتعداد السكان الذي تجاوز 104 مليون نسمة.


وتعتبر مصر من أعلى دول العالم جفافا، حيث تبلغ مواردها المائية حوالي 60 مليار متر مكعب سنويا، في حين أن احتياجاتها تبلغ 114 مليار متر مكعب، حسب الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والرى.


نظمت مصر عدد من المؤتمرات المعنية بقضايا البيئة والمناخ، مثل مؤتمر الأمم المتحدة التنوع البيولوجي cop 14 فى شرم الشيخ، كما نظمت مؤتمر الأطراف cop 27  في شرم الشيخ أيضا

 

خطط وجهود حكومية لتقليل الانبعاثات الكربونية


أطلقت الحكومة المصرية مشروعا ضخما لإحلال وتجديد السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، والذي يتكون من شقين رئيسيين، أولهما إحلال السيارات القديمة، والثاني هو تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين.


وتنتج السيارات العاملة بالبنزين العادي عوادم كربونية تؤدى لتلوث الهواء وزيادة نسبة أول وثاني أكسيد الكربون وبالتالى زيادة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي للكرة الأرضية، هو ما يحاول هذا المشروع السيطرة عليه.


وخصصت مصر عدة مراكز لإتمام هذ الإجراءات مع تقديم عدة حوافز للمواطنين، أهمها إمكانية تقسيط ثمن تحويل السيارة إلى الغاز الطبيعي والذي يتراوح ما بين 8 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه تقريبا، لكن هذا المشروع يسير ببطء حسب أحمد عبد الرزاق المسؤول الحكومي عن البرنامج القومي لإحلال وتجديد للسيارات بوزارة المالية.

 

يقول عبد الرزاق في حديث لـ "متن نيوز" إن المرحلة الأولى من المبادرة إحلال السيارات القديمة قد سجل فيها أكثر من 40 ألف مواطن وقد تم تسليم 10 آلاف سيارة وهو أقل كثيرا من الأعداد المستهدفة التى تقدر بأكثر من 80 ألف سيارة سنويا.


ويوضح المصدر الحكومي  إن بطء تنفيذ المبادرة جاء بسبب ضعف سلاسل الإمداد تأثرا بجائحة كورونا في العامين الماضيين، فضلا عن نقص إنتاج الرقائق الإلكترونية التى تستخدم في الدوائر الكهربائية المستخدمة في السيارات الحديثة.


ويشير المسئول إلى أن هذا المشروع الضخم سيعمل على تحقيق رؤية مصر في مكافحة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، عن طريق تخفيض انبعاثات الكربون والغازات الدفيئة، ما سيعود بالنفع على البيئة بطبيعة الحال.


ويبلغ سعر المتر المكعب من الغاز الطبيعي 3.5 جنيها مصريا، وهو ما يمثل ثلث سعر البنزين، بالتالى فإن المواطن صاحب السيارة سيوفر بعض التكاليف الاقتصادية والأموال باستخدام الغاز بدلا من البنزين.

 

البنك الدولى يمنح مصر جائزة في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون:

فازت مصر بمنحة مالية من البنك الدولى بلغت 2.5 مليون يورو تقديرا لدورها فى خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، طبقا لعبد الرزاق، مشير إلى أن هذا المشروع يأتي اتساقا مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والتى تشارك فيها مصر، حيث تستهدف تقليل انبعاثات الكربون الذي له تأثير ضار على صحة الإنسان والنبات واالحيوان أيضا.


وأشار إلى أن عملية الإحلال بدأت في 7 محافظات كمرحلة أولى، وهى المحافظات التي تتوافر بها بنية تحتية مناسبة لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، لافتا إلى أن مشاركة العديد من الجهات والشركات في البرنامج، مثل وزارات المالية والداخلية والبيئة والتخطيط، وعدد من مصنعي السيارات ووكلاء ومستوردي السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي، وعدد 31 بنكا لتمويل المشروعين.

 

 

وقالت الدكتورة "نايلة كبير" أستاذ بكلية لندن للاقتصاد، في التقرير الصادر عن معهد بحوث الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية،  حيث تقول: "إن جميع الشعوب والبلدان لم تكن على نفس القدر من التأثر بجائحة كورونا على سبيل المثال، حيث إن العالم غير متكافئ من حيث القوة أيضا، ولبيان هذا أكثر استشهدت بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة الذي قال: "إن جائحة كورونا كانت مثل الأشعة السينية التي كشفت عن كاشفة كسور في الهيكل العظمي الهش للمجتمعات التى بنيناها"، وهو ما يعني أن جائحة كورونا كشفت عدم المساواة الشديد في النظام الاجتماعي الموجود حاليا والذي تأسس على أفكار الرأسمالية ورسخ الفوارق المادية والاجتماعية الشديدة بين الطبقات.

 


من جانبه قال الدكتور مجدي علام أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، لـ "متن نيوز"، إن عوادم السيارات العاملة بالبنزين تزداد خاصة في المناطق المزدحمة بالسكان والسيارات، لأن التلوث الناتج عنها يقاس بحجم العوادم الكربونية لكل متر مربع، وبالتالى يتأثر سكان المناطق الفقيرة أكثر من سكان المناطق الأغنى والأعلى حظا فى مصر. 


وأوضح أنه بالنظر إلى مدى ازدحام وضيق الشوارع القاهرة فإن التلوث لا يخرج عن المناطق المزدحمة في وسط القاهرة مثلا إلا عن طريق نهر النيل لأنه المسطح الوحيد الذي يمكنه رفع الملوثات لطبقات الغلاف الجوى العليا، وبدون ذلك تظل العوادم الكربونية تلف وتدور فى شوارع القاهرة والمناطق المزدحمة والفقيرة بطبيعة الحال.


بدوره كشف تقرير صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، أن أعداد السيارات المحولة للعمل بالغاز الطبيعي خلال الـ 5 سنوات، ارتفع بنسبة 49.3%، لتصل إلى 339 ألف سيارة بنهاية عام 2020، كما أطلقت الحكومة تطبيق إلكتروني على الهواتف يسمى “MOP Station” وذلك المحمول للتعريف بأماكن محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي ومراكز التحويل الرئيسية المعتمدة.


كما وصل إجمالي عدد محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي على مستوى الجمهورية إلى 225 محطة بنهاية 2020، وهناك خطة لزيادة ومضاعفة أعداد تلك المحطات.


ويختتم المسؤول بوزارة المالية أحمد عبد الرزاق حديثه، بالتأكيد على أن المراحل القادمة من مشروع إحلال السيارات للعمل بالغزا الطبيعي سوف يرتفع فيها أعداد محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي، إلى جانب ارتفاع أعداد السيارات المخصصة للمواطنين فى برنامجي الإحلال والتحويل للغاز الطبيعي أيضا.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تم تنفيذ ومراجعة هذا التحقيق باستخدام المادة المقدمة في تقرير "أزمات عدم المساواة: تحويل السلطة لعقد اجتماعي- بيئي جديد "الصادر عن معهد بحوث الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية، كمرجع موثق.