كيف نجت روسيا من "لغم" الديون الخطير؟

متن نيوز

رغم أن إعلان التخلف عن سداد الديون السيادية كان يبدو أمرًا حتميًا، فإن تطورًا جديدًا شهده الاقتصاد الروسي جنب البلاد ذلك الأمر.

أعلنت روسيا يوم الجمعة 29 أبريل/نيسان 2022، سداد أقساط اثنين من إصدارات سنداتها الدولارية، بعد أن أوقفت العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب حربها في أوكرانيا نقل الأموال لمدة أسابيع.


وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن روسيا كانت قد دفعت في السابق أقساط السندات بالروبل الروسي بسبب فرض حظر على تعاملاتها بالدولار في أوائل أبريل/نيسان الحالي وهو ما كان يعتبر انتهاكا لشروط الاقتراض، حيث تم منحها مهلة مدتها 30 يومًا لكي تقوم بسداد أقساط السندات بالدولار قبل حلول 4 مايو/أيار المقبل.


وأعلنت وزارة المالية الروسية الجمعة في بيان إرسال الدولارات إلى فرع سيتي بنك الأمريكي في لندن باعتباره وكيل سداد مستحقات حملة السندات.

 

وبلغت قيمة المدفوعات 649.2 مليون دولار، منها 564.8 مليون دولار من السندات التي يستحق أجل استردادها خلال العام الحالي و84.4 مليون دولار لسندات مستحقة عام 2042.

 

وقالت بلومبرج إنه إذا وصلت هذه الأموال إلى حملة السندات قبل انتهاء المهلة المقرر فستتجنب روسيا إعلانها دولة متخلفة عن سداد ديونها لأول مرة منذ قيام الثورة البلشفية في روسيا قبل أكثر من مئة عام حيث أعلن البلاشفة تبرؤهم من سداد ديون روسيا القيصرية.

وكان مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية، أعلنوا أن روسيا تجنبت التخلف عن سداد ديونها الجمعة 29 أبريل 2022 من خلال سداد دفعة في اللحظة الأخيرة باستخدام احتياطياتها الثمينة بالدولار الموجودة خارج البلاد.

 

وفي وقت سابق من أبريل الجاري، قالت وزارة المالية الروسية إنها حاولت سداد 649 مليون دولار مستحقة في 6 أبريل/نيسان مقابل سندات لبنك أمريكي لم يذكر اسمه - ذُكر سابقًا باسم جي بي مورجان تشيس.

في ذلك الوقت، حالت العقوبات المشددة المفروضة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا دون قبول الدفع، لذلك حاولت موسكو سداد الديون بالروبل. وقال الكرملين، الذي قال مرارًا وتكرارًا إنه قادر ومستعد لمواصلة سداد ديونه، إن الأحداث غير العادية منحتهم الأساس القانوني للدفع بالروبل، بدلًا من الدولار أو اليورو.

ومع ذلك، اختلف مستثمرون ووكالات التصنيف ولم يتوقعوا أن تتمكن روسيا من تحويل الروبل إلى دولارات قبل انتهاء فترة السماح البالغة 30 يومًا الأسبوع المقبل، ما أدى إلى تكهنات بأن موسكو تتجه نحو تخلف تاريخي عن سداد ديونها.

ولم تتخلف روسيا عن سداد ديونها الخارجية منذ الثورة البلشفية عام 1917، عندما أدى انهيار الإمبراطورية الروسية إلى إنشاء الاتحاد السوفيتي. وكانت الهيئة الحاكمة بشأن مبادلة مخاطر الائتمان - عقود التأمين المصممة للحماية من التخلف عن السداد - قد قضت بالفعل بأن روسيا كانت في حالة تخلف عن السداد.

 

وقال مسؤولو وزارة الخزانة، الذين رفضوا نشر أسمائهم لأنهم غير مخولين بالتحدث علنًا، إن روسيا استغلت احتياطياتها من العملات الأجنبية الموجودة حاليًا خارج البلاد لتسديد مدفوعات يوم الجمعة. منذ أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على البنك المركزي الروسي في وقت مبكر من الصراع، لم يكن لدى روسيا سوى القدرة على استخدام الإيرادات الجديدة القادمة من أنشطة مثل مبيعات النفط والغاز، أو احتياطيات العملات الأجنبية الموجودة خارج البلاد.

 

وتحاول الولايات المتحدة إجبار روسيا على استخدام احتياطياتها من العملات الأجنبية - أو أي عائد من مبيعات النفط والغاز - من أجل استنزاف الموارد المالية للبلاد.

 

فيما تراجع إقبال المشترين الآسيويين على الخام الرئيسي للنفط الروسي بسبب العقوبات التي تم فرضها على الشركة الروسية التي تنقل هذا الخام.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أن المشترين يحاولون الآن التراجع عن شراء خام سوكول الروسي والذي تم بيع كامل الكميات المتاحة للشحن خلال أيار/مايو المقبل منذ أسبوعين، حسب المصادر المطلعة. وتم إلغاء شحنة واحدة على الأقل من هذا الخام والتي كان مقررا تسليمها في نهاية أيار/مايو المقبل.

 

وكانت بريطانيا قد قررت فرض عقوبات على شركة سوفكومفلوت الروسية الخاضعة للدولة والتي تنقل النفط الخام الذي ينتجه مشروع ساخالين 1 من ميناء دي كاستري الروسي إلى العملاء في شمال آسيا. وتعاني ناقلات الشركة من أجل الحصول على التغطية التأمينية من الشركات الدولية بعد إدراجها على قائمة العقوبات البريطانية التي تم فرضها على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية.

 

وذكرت بلومبرج أنه في حين اندفعت شركات التكرير الآسيوية إلى شراء كميات كبيرة من النفط الروسي بعد تراجع أسعاره نتيجة مقاطعة الدول الغربية له، في أعقاب نشوب الحرب في أوكرانيا أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط الماضي، فإن هذه الشركات أصبحت أكثر حذرا في عقد صفقات جديدة لشراء النفط الروسي..

 

يذكر أن التغطية التأمينية لناقلات النفط تعتبر حيوية سواء للشركات التي تشتري الخام أو لشركات الملاحة حتى تتجنب الخسائر الكبيرة التي يمكن أن تتكبدها في حال غرق السفينة أو تعرض الحمولة لأي أضرار. وعدم وجود تأمين على الناقلة يمكن أن يؤدي إلى نزاعات قانونية كبيرة بين مختلف الأطراف وتكبد خسائر باهظة في حالة وقوع أي حادث للناقلة.