الدبلوماسية الشعبية للجنوب العربي 2026.. كيف نقلت الجاليات في المهجر قضية شعب الجنوب إلى منصات القرار العالمي؟

الجاليات
الجاليات

في مشهدٍ يتجاوز حدود الجغرافيا ويكسر قيود التعتيم الإعلامي، تواصل الجاليات الجنوبية في المهجر أداء دورها الوطني كصوتٍ حيٍّ وقوي لقضية شعب الجنوب العربي. 

لم يعد هذا الحراك مجرد أنشطة رمزية أو وقفات احتجاجية عابرة، بل تحوّل إلى دبلوماسية شعبية فاعلة، نجحت في نقل معاناة وتطلعات الجنوبيين من الساحات المحلية إلى أروقة صناع القرار في كبرى العواصم الإقليمية والدولية.

من المهجر إلى العالم: إعادة صياغة الوعي الدولي

شهدت السنوات الأخيرة حراكًا جنوبيًا متناميًا في دول الشتات، حيث استشعرت الجاليات الجنوبية مسؤوليتها في إيصال صوت الداخل الذي يواجه تحديات جسيمة. هذا الحراك الذي انطلق بتنظيم محكم، هدف إلى وضع قضية الجنوب في صدارة الاهتمام الدولي بوصفها قضية عادلة تستند إلى حق أصيل في تقرير المصير واستعادة الدولة كاملة السيادة.

تميز هذا التحرك بالانتشار الجغرافي الواسع، حيث برزت الجاليات الجنوبية في هولندا، بلجيكا، بريطانيا، الولايات المتحدة، والسويد كنقاط ارتكاز أساسية في قلب أوروبا وأمريكا الشمالية، وصولًا إلى حضور لافت في أستراليا وكندا.

أوروبا: المنصات الأكثر تأثيرًا لقضية الجنوب

تعتبر القارة الأوروبية الساحة الأهم للدبلوماسية الجنوبية نظرًا لوجود المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية الكبرى.

 هولندا وبلجيكا: الخطاب الحقوقي والقانوني

في هولندا (مقر محكمة العدل الدولية) وبلجيكا (عاصمة الاتحاد الأوروبي)، نشطت الجاليات الجنوبية لتقديم خطاب حقوقي رصين. استند هذا الخطاب إلى مبادئ القانون الدولي وحق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير مصيرها. ركز الحراك هناك على تسليط الضوء على المسار التاريخي للجنوب العربي، وكيف تحولت "الوحدة اليمنيّة" إلى واقع احتلال منذ حرب صيف 1994م.

بريطانيا: استثمار الثقل السياسي والتاريخي

في المملكة المتحدة، اتجه الحراك الجنوبي نحو استثمار الروابط التاريخية والثقل السياسي البريطاني في الملف اليمني. نجحت الجالية الجنوبية في بناء جسور تواصل مع:

برلمانيين في مجلس العموم البريطاني.

مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية (Think Tanks).

وسائل الإعلام البريطانية العريقة.

كان الهدف الواعي هو إعادة فتح "ملف الجنوب" باعتباره مفتاح الاستقرار الحقيقي في المنطقة، وليس مجرد ملف ثانوي تابع للأزمة اليمنية.

السويد ودول اسكندنافيا: نموذج العدالة والإنسانية

في السويد، حيث تحظى قضايا حقوق الإنسان بأولوية قصوى، قدمت الجالية الجنوبية نموذجًا متوازنًا. ركز الطرح الجنوبي هناك على بناء دولة مدنية مستقلة وآمنة، تساهم في الاستقرار الإقليمي وتبتعد عن منطق الصراعات الأيديولوجية المفتوحة، مما لاقى قبولًا واسعًا في الأوساط السياسية الاسكندنافية.

كسر احتكار السردية: الإعلام الجنوبي في المهجر

رافق الفعل الجماهيري نشاط إعلامي لافت نجح في كسر "احتكار السردية" التي كانت تسيطر عليها وسائل إعلام الاحتلال اليمني.

المحتوى المتعدد اللغات: تم إنتاج تقارير وأفلام وثائقية باللغات الإنجليزية، الفرنسية، والألمانية تشرح جذور القضية.

التواصل المباشر: فتح نوافذ تواصل مع صحفيين أجانب لنقل حقيقة ما يجري في الجنوب العربي بعيدًا عن التشويه والاختزال.

السوشيال ميديا: استثمار المنصات الرقمية لخلق رأي عام دولي مساند لحق الجنوبيين في استعادة دولتهم.

وحدة الخطاب وتكامل المسار (الداخل والخارج)

ما منح تحركات الجاليات الجنوبية زخمها الحقيقي هو وحدة الخطاب السياسي. هناك انسجام كامل وتكامل بين:

الاعتصامات الشعبية في الداخل: (مثل ساحة القرار قرارنا بالمكلا واعتصامات عدن).

المواقف السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي: بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي.

حراك الجاليات في المهجر: الذي يعمل كجناح خارجي لهذه الإرادة الشعبية.

هذا التناغم عزز مصداقية الرسالة الجنوبية، وجعلها أكثر حضورًا وتأثيرًا أمام صُناع القرار، كونها تعبر عن إرادة شعبية جامعة لا يمكن القفز عليها في أي تسويات قادمة.

رسالة الجنوب للعالم: الاستقرار يمر عبر عدن

وجهت الجاليات الجنوبية رسالة واضحة للمجتمع الدولي: "إن استقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب وتأمين الملاحة الدولية لن يتحقق دون إنصاف الجنوب العربي".

لقد أكدت الجاليات أن أي حلول قسرية تتجاوز إرادة شعب الجنوب محكومة بالفشل الذريع، وأن الجنوب المستقل سيكون شريكًا فاعلًا في الأمن الإقليمي والدولي، وملتزمًا بالمواثيق الدولية، مما يجعله عنصر استقرار لا مصدر تهديد.

تحول نوعي في مسار النضال

إن تحركات الجاليات الجنوبية من أمريكا إلى أستراليا، ومن بريطانيا إلى السويد، لم تكن مجرد ردة فعل، بل هي تحول نوعي في مسار النضال الوطني الجنوبي. إنها تعكس نضجًا سياسيًا لشعب يعرف كيف يخاطب العالم بلغته التي يفهمها، وتؤكد أن صوت الجنوب بات مسموعًا في المحافل الدولية، ولن يتوقف حتى تحقيق السيادة الكاملة على تراب الجنوب العربي.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1