جماهير الجنوب تحسم الخيار: المجلس الانتقالي يفتتح "اعتصام زنجبار" المفتوح للمطالبة الفورية بإعلان دولة الجنوب العربي
في خطوة تعدّ تصعيدًا نوعيًا ومفصليًا في مسار القضية الجنوبية، افتتح فريق التوجيه والرقابة الرئاسي التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، اليوم الاثنين، مخيم الاعتصام المفتوح في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين.
ويهدف هذا الحراك الجماهيري الواسع إلى الضغط بشكل حاسم ونهائي للمطالبة بإعلان قيام دولة الجنوب العربي، مؤكدًا على الإرادة الشعبية التي لا تقبل المساومة في استعادة الدولة المستقلة.
وشهدت مدينة زنجبار حشدًا جماهيريًا كبيرًا تجاوز التوقعات، حيث توافد الآلاف من أبناء المحافظة والمحافظات المجاورة إلى موقع المخيم، رافعين أعلام دولة الجنوب ولافتات تؤكد التمسك بالهدف الوطني الأسمى.
ويأتي هذا الاعتصام ليعكس حالة السخط الشعبي المتصاعد تجاه تردي الأوضاع المعيشية والخدمية في المناطق الجنوبية، وفشل الشراكات السياسية القائمة في تحقيق الاستقرار أو تلبية طموحات الجنوبيين.
تفاصيل انطلاق الفعالية وموقعها الاستراتيجي
لم يكن اختيار مدينة زنجبار أبين لتكون مسرحًا لهذا الاعتصام مجرد مصادفة، بل هو قرار يحمل دلالات سياسية واستراتيجية عميقة.
فمحافظة أبين، التي لطالما كانت خط تماس ومركزًا للصراعات العسكرية والسياسية، تمثل اليوم نقطة ارتكاز حيوية في خارطة الجنوب.
إن إطلاق الاعتصام من هذه المدينة التاريخية، التي تحمل رمزية الصمود والتضحية، يرسخ سيطرة المجلس الانتقالي ونفوذه الشعبي في منطقة ظلت محل تنافس مستمر، مما يرسل رسالة واضحة حول مدى تغلغل الفكرة الوطنية الجنوبية بين الجماهير.
وتولى فريق التوجيه والرقابة الرئاسي الإشراف المباشر على تنظيم المخيم لضمان سير الفعالية وفق الضوابط والترتيبات اللازمة، وهو ما يضفي على الاعتصام طابعًا مؤسسيًا منظمًا، بعيدًا عن العفوية التي قد تُفقد الحراك قوته السياسية.
وقد أكدت الكلمات التي ألقاها ممثلو المجلس الانتقالي على أن هذه الخطوة هي تجسيد عملي لقرارات الهيئات العليا للمجلس، واستجابة لنداء الجماهير التي نفد صبرها.
الرسالة السياسية للاعتصام: المطالبة بإعلان الدولة
الهدف المعلن للاعتصام، وهو "المطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي"، هو لب الصراع السياسي في اليمن منذ عقود. ويشكل هذا الاعتصام ضغطًا شعبيًا مباشرًا على الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف اليمني، وعلى رأسها التحالف العربي.
وتطالب الجماهير في زنجبار بتفعيل نتائج كل المراحل النضالية التي مرت بها القضية الجنوبية، وتحويلها إلى واقع سياسي معترف به دوليًا.
ويرى المراقبون أن هذا التكتيك هو الأقوى في يد المجلس الانتقالي الجنوبي حاليًا، حيث يحوّل المطالب من مناكفات سياسية مغلقة إلى إرادة شعبية مفتوحة على المدى الزمني، مما يصعّب تجاهلها.
كما يمثل الاعتصام رسالة شديدة اللهجة إلى قوى ما يُعرف بـ "الشرعية اليمنية" الرافضة لانفصال الجنوب، مفادها أن الشراكة السياسية لن تكون على حساب الهدف النهائي للجنوبيين.
خلفيات الأزمة والتصعيد الشعبي
يأتي تصعيد أبين في ظل جمود سياسي يحيط بملف السلام والأزمة الاقتصادية الخانقة. فبالرغم من توقيع اتفاق الرياض ومحاولات تشكيل حكومة شراكة، ظلت الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والرواتب، في حالة انهيار مستمر، مما أدى إلى تآكل ثقة المواطنين في أي ترتيبات سياسية لا تضع استعادة استقلال الجنوب كأولوية.
ويمكن النظر إلى هذا الاعتصام على أنه تحول في استراتيجية المجلس الانتقالي من التركيز على الجانب العسكري والإداري إلى إحياء الزخم الجماهيري وتجييش الشارع، للتأكيد على أن الشرعية الحقيقية تكمن في مطالب شعب الجنوب بإقامة دولته.
دلالات التوقيت: رسالة للشركاء الإقليميين
إن توقيت انطلاق مخيم الاعتصام في زنجبار ليس اعتباطيًا، بل يتزامن مع جهود إقليمية ودولية مكثفة لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة. فبينما تتجه الأنظار نحو إنهاء الصراع مع جماعة الحوثي في الشمال، يسعى الجنوبيون لتثبيت حقهم في تقرير المصير بشكل يوازي أي حلول قد تُطرح للأزمة الشاملة.
ويُعدّ هذا الاعتصام بمثابة ورقة ضغط قوية يلوح بها المجلس الانتقالي أمام الشركاء في التحالف العربي والمجتمع الدولي، للقول إن الحل المستدام في اليمن يمر حتمًا عبر حل جذري لـ القضية الجنوبية.
يمثل اعتصام زنجبار المفتوح نقطة تحول قد تشعل فتيل موجة جديدة من الحراك الشعبي في باقي محافظات الجنوب، مؤكدًا أن مسيرة استعادة دولة الجنوب العربي قد دخلت مرحلة الإعلان الشعبي العلني، وهي خطوة لا يمكن التراجع عنها، وتضع الأطراف السياسية والإقليمية أمام تحدّي الاستجابة لإرادة الملايين من أبناء الجنوب.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
