العهد الوطني للطاقة 2035: خارطة طريق لإصلاح قطاع الطاقة في عدن بدعم البنك الدولي
يشكل انعقاد المؤتمر الوطني الأول للطاقة في العاصمة عدن نقطة تحول تاريخية ومفصلية في مسار إصلاح قطاع الطاقة في البلاد. الأهم من انعقاد المؤتمر نفسه هو تتويجه بالإطلاق والاعتماد الرسمي لـ "العهد الوطني للطاقة"، وهي وثيقة وطنية جامعة تُعد الأولى من نوعها وتستهدف توجيه السياسات الطاقية والاستثمارات حتى عام 2035.
هذه الوثيقة الاستراتيجية لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة تنسيق تقني ومؤسسي واسع مع البنك الدولي، مما يمنحها قوة مرجعية ومعيارية دولية. إن "العهد الوطني للطاقة" ليس مجرد إعلان نوايا، بل هو إطار راسخ وموثوق لتوجيه الاستثمارات طويلة الأجل، وإعادة بناء منظومة طاقة مستقرة ومستدامة.
أهمية الوثيقة: خارطة طريق حتى عام 2035
تكمن القيمة الحقيقية لـ العهد الوطني للطاقة في كونه رؤية مشتركة ومرجعية موحدة. لقد شاركت في صياغتها مؤسسات الدولة، والشركاء الدوليون، والقطاع الخاص، بهدف توحيد المقاربات ووضع أسس علمية قوية لإعادة هيكلة منظومة الطاقة بأكملها.
تحديد المعايير وإصلاح الحوكمة
من خلال هذا العهد، يتم تحديد المعايير الوطنية لإصلاح القطاع بشكل واضح ومُلزم. تشمل هذه المعايير أركانًا أساسية هي:
تحسين الحوكمة: تأسيس آليات شفافة ومسؤولة لاتخاذ القرارات في قطاع الطاقة.
تنظيم السوق: وضع إطار قانوني وتنظيمي لتشجيع المنافسة العادلة وجذب الاستثمارات.
تطوير البنية التحتية: تحديث شبكات النقل والتوزيع القديمة لمعالجة الاختلالات المتراكمة التي أثرت على استقرار إمدادات الكهرباء.
توسيع الاستثمار: توجيه الاستثمار في مشاريع الطاقة التقليدية والمتجددة بطريقة مدروسة ومنسقة، مع التركيز على الطاقة النظيفة.
مكافحة العشوائية وتوجيه الموارد
يهدف العهد الوطني للطاقة بشكل أساسي إلى توفير خارطة طريق استراتيجية تُرشد عملية التعافي الاقتصادي. سيعمل العهد على توجيه الموارد المالية نحو الأولويات الحقيقية والمشاريع الأكثر تأثيرًا، بحيث تُنفذ ضمن إطار موحّد. هذا الإطار يقلل بشكل كبير من العشوائية والازدواجية في المشاريع، ويعزز من فاعلية كل تدخل تمويلي أو تقني.
إن تبني هذا المنهج المؤسسي هو ما يضمن استقرار منظومة الطاقة على المدى الطويل، وليس مجرد معالجة مؤقتة لأزمات الصيف.
تعزيز الثقة الدولية وجذب التمويل
تُبرز أهمية هذا العهد من خلال دوره المحوري في تعزيز الثقة الدولية. فإطلاق وثيقة استراتيجية بهذا الحجم، بالتعاون مع البنك الدولي، يمثل إشارة واضحة للمؤسسات التمويلية والمستثمرين العالميين.
يقدم العهد الوطني للطاقة وثيقة رسمية تُظهر التزام الدولة بإصلاحات مؤسسية واقعية، وبتنفيذ مشاريع مستدامة تعتمد على آليات شفافة ومسؤولة. هذا الأمر يفتح الباب أمام:
تدفقات أكبر من التمويل والمنح: حيث يصبح الاستثمار في قطاع الطاقة أقل خطورة وأكثر ضمانًا.
جذب مشاريع طويلة الأجل: الأمر الذي يمنح الجنوب قدرة أفضل على تعزيز استقراره الاقتصادي والبنيوي.
كما يعكس إطلاق العهد في عدن مكانة العاصمة الجنوبية باعتبارها مركزًا لقيادة الإصلاحات الوطنية، ودليلًا على قدرتها على تنظيم ملفات استراتيجية معقدة تتطلب التنسيق على المستوى الدولي والمحلي.
مستقبل الطاقة: الكفاءة والطاقة المتجددة
من المتوقع أن يسهم هذا الإطار الجديد، العهد الوطني للطاقة 2035، في تحقيق تحولات ملموسة داخل القطاع:
تحسين مستوى الخدمة الكهربائية: عبر إصلاح شامل لشبكات النقل والتوزيع.
زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة: بما ينسجم مع التحولات العالمية في مجال الطاقة النظيفة.
تعزيز كفاءة الإنتاج: تطبيق معايير عالمية لتقليل الفاقد وزيادة جدوى المحطات.
وباعتماد هذه الوثيقة، يدخل قطاع الطاقة مرحلة جديدة تقوم على التخطيط العلمي الدقيق، والإدارة المؤسسية الفعالة، والشراكة الدولية المعمقة. هذا المسار الطويل الأمد يضمن استعادة الثقة بقدرة البلاد على بناء منظومة طاقية مستقرة تدعم التنمية والاستقرار حتى عام 2035 وما بعده.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
