الضالع تستعد لإحياء الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر: الجنوب يجدد العهد مع الحرية والسيادة

تعبيرية
تعبيرية

تتجه الأنظار خلال الأيام القادمة نحو محافظة الضالع، حيث يستعد أبناء الجنوب للاحتشاد الكبير إحياءً للذكرى الثانية والستين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، الثورة التي مثلت نقطة تحول في تاريخ الجنوب العربي وميلادًا جديدًا للكرامة والسيادة ضد الاستعمار البريطاني.

يأتي احتشاد هذا العام في ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية دقيقة، تجعل من الذكرى مناسبة تتجاوز الاحتفاء الرمزي إلى تأكيد المعاني العميقة للثورة، واستحضار روح النضال التي لا تزال تسري في وجدان الجنوبيين حتى اليوم.

 الضالع.. مهد الثورة ومنطلق النضال

الضالع التي عُرفت عبر التاريخ بأنها بوابة الجنوب ومهد الثورات، تستعيد اليوم دورها الريادي كصوتٍ للقرار الجنوبي، ومنبرٍ يجمع الإرادة الشعبية حول هدف واحد هو استعادة دولة الجنوب المستقلة.

فمن هذه الأرض انطلقت شرارة أكتوبر الأولى في عام 1963، عندما رفع الأحرار راية المقاومة ضد الاحتلال البريطاني، لتتحول الضالع إلى رمزٍ للكرامة والتضحية، وها هي اليوم تستعد لتجدد عهدها مع التاريخ في مشهد جماهيري ينتظره الملايين من أبناء الجنوب.

التحضيرات الجارية في المدينة، التي تُعد من أبرز المحافظات الجنوبية صمودًا، تعكس استعدادًا واسعًا لتنظيم احتشادٍ جماهيري غير مسبوق، يُجسّد التفاف الشعب حول مشروعه الوطني بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يقوده الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، امتدادًا لروح قادة أكتوبر الأوائل.

احتشاد الضالع.. رسالة سياسية قبل أن تكون احتفالية

لا تقتصر أهمية الفعالية المرتقبة على كونها حدثًا احتفاليًا، بل تحمل في طياتها رسائل سياسية واضحة للداخل والخارج.
فشعب الجنوب يؤكد من خلال هذا التجمع الحاشد أن قضيته ليست مؤجلة، وأنه لا يقبل أي تسويات تُفرض من خارج إرادته، وأن الجنوب اليوم يمتلك قيادة سياسية قادرة على التعبير عن تطلعاته في المحافل الإقليمية والدولية.

الاحتشاد يمثل أيضًا استفتاءً شعبيًا جديدًا على شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يواصل حمل قضية الجنوب على عاتقه منذ تأسيسه في عام 2017، حين فوّضه الشعب رسميًا ليكون الممثل السياسي والشرعي الوحيد لقضيته الوطنية.

الزخم الجماهيري المنتظر في الضالع يعكس مستوى الوعي الشعبي المتنامي في الجنوب، ورفضه القاطع لأي محاولات للالتفاف على مطالبه التاريخية. فكما قاوم أبناء الضالع قوى الاحتلال قبل ستين عامًا، فإنهم اليوم يقاومون الضغوط الاقتصادية والسياسية والإعلامية بنفس الروح والعزيمة.

الجنوب في لحظة مفصلية

تأتي ذكرى ثورة 14 أكتوبر هذا العام بينما يمر الجنوب بمرحلة مفصلية في تاريخه الحديث، وسط محاولات مستمرة لإضعافه عبر الحروب الاقتصادية والتضييق على الخدمات الحيوية.
ورغم كل ذلك، يثبت أبناء الجنوب مرة تلو الأخرى أنهم صامدون في وجه التحديات، متمسكون بخيار الاستقلال واستعادة دولتهم على حدود ما قبل 1990.

وتُعد الضالع اليوم خط الدفاع الأول عن الجنوب، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا وطنيًا ومعنويًا، فهي الحاضنة التاريخية للثورة، ومنبع القادة والمناضلين، وملهمة الأجيال التي لم تعرف يومًا الانكسار أو التراجع.

وفي ظل الأوضاع الإقليمية المليئة بالتحولات، يأتي احتشاد الضالع كرسالة واضحة لكل الأطراف بأن الجنوب لن يكون تابعًا لأي أجندة خارجية، وأن قراره في الحرب أو في السلام سيظل جنوبيًا خالصًا يُتخذ من أرضه وبإرادة شعبه الحرة.

روح أكتوبر تتجدد في الجنوب المعاصر

ما يميز احتفال هذا العام هو أن روح أكتوبر لا تزال حيّة في الوجدان الجمعي الجنوبي، تُترجم في شكل نضال سياسي ومدني مستمر، يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي عبر مؤسساته وهيئاته في الداخل والخارج.

فثورة أكتوبر لم تكن مجرد انتفاضة ضد الاحتلال البريطاني، بل كانت مشروع كرامةٍ ووعيٍ وحرية، واليوم يتجدد ذلك المشروع في شكل مسار وطني منظم يسعى لاستعادة الدولة الجنوبية وبناء مؤسساتها وفق أسس حديثة قائمة على العدل والمواطنة والمساواة.

ويؤكد أبناء الجنوب أنَّ عيدروس الزُبيدي هو الامتداد الطبيعي لأولئك القادة الذين أشعلوا شرارة الثورة قبل ستة عقود، إذ يجسد بثباته ورؤيته السياسية روح أكتوبر الخالدة في واقع اليوم.

رسائل إلى الداخل والخارج

يحمل احتشاد الضالع رسائل عدة إلى الداخل الجنوبي والخارج الإقليمي والدولي، أبرزها:

أن الجنوب موحدٌ خلف مشروعه الوطني، ولا يمكن تقسيم إرادته أو تشتيت صفوفه.

أن قضية الجنوب لم تعد مسألة سياسية عابرة، بل قضية شعبٍ يملك الشرعية والتاريخ والهوية.

أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الممثل الشرعي الوحيد لإرادة الجنوبيين، وأن أي محاولات لتجاوز هذه الحقيقة مصيرها الفشل.

أن الجنوب، رغم المعاناة الاقتصادية، لا يزال متمسكًا بخيار السلام العادل المشروط بالاعتراف بحق تقرير المصير.

نحو مرحلة جديدة من النضال والبناء

بينما يحتفي الجنوبيون بذكرى ثورتهم الخالدة، فإنهم يدركون أن الطريق ما زال طويلًا، وأن النضال لا يكتمل إلا ببناء مؤسسات الدولة واستعادة مكانة الجنوب الإقليمية.
لكنهم في الوقت ذاته يدركون أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن التاريخ يعيد نفسه دائمًا لصالح من يملكون الإيمان بقضيتهم والتمسك بحقهم المشروع.

وفي مشهد الضالع المنتظر، ستُرفع رايات الجنوب عاليًا، وستُجدد الحشود القسم بالوفاء لتضحيات الشهداء، والسير خلف القيادة الجنوبية حتى يتحقق الحلم الذي بدأ في جبال ردفان قبل أكثر من ستة عقود.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1