الحرب الحوثية وانهيار القطاع الصحي.. أوبئة قاتلة وكارثة إنسانية متفاقمة

 الحرب الحوثية
الحرب الحوثية

خلفت الحرب العبثية التي أشعلتها مليشيا الحوثي منذ سنوات، كارثة إنسانية وصحية كبرى ألقت بظلالها على كل محافظات البلاد تقريبًا.

 فقد أدى تدمير البنية التحتية وحرمان السكان من الخدمات الأساسية إلى انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، وسط تفشي الأمراض والأوبئة، في ظل غياب أبسط مقومات العلاج والرعاية.

تفشي الأوبئة.. وفيات في الحديدة وتعز

شهدت محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي مؤخرًا تسجيل خمس حالات وفاة مشتبه بإصابتها بوباء الكوليرا في مخيمات النازحين. وأكد متخصصون أن مديرية الزهرة شمال المحافظة تعيش وضعًا صحيًا حرجًا، يهدد حياة الأطفال وكبار السن بسبب الانتشار الواسع للإسهالات المائية الحادة.

هذا التفشي جاء نتيجة نقص المياه النظيفة، وتردي الصرف الصحي، وغياب أدوات الفحص والمستلزمات الطبية. بينما لم تُبدِ مليشيا الحوثي أي اهتمام بمعالجة الكارثة، بل واصلت سياسة المنع والتضييق على المنظمات الإنسانية التي تحاول التدخل.

وفي محافظة تعز، ارتفعت حصيلة الإصابات المشتبه بها بالكوليرا والإسهالات المائية إلى أكثر من 5695 حالة منذ بداية العام الجاري، بينها عشر حالات مؤكدة. كما سُجلت عشر وفيات بمرض الحصبة من بين أكثر من 1600 إصابة، فضلًا عن وفاة أخرى بفيروس الحمى، الذي تجاوزت إصاباته التراكمية 2500 حالة تشمل حمى الضنك وحمى الانحناء وغرب النيل.

انهيار شامل للقطاع الصحي

تعيش المستشفيات والمراكز الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين حالة انهيار شبه كامل. البنية التحتية دُمِّرت، والأدوية نُهبت أو صودرت، والمستلزمات الطبية جرى تحويلها إلى أدوات ابتزاز سياسي.

هذا الانهيار لم يكن مجرد نتيجة مباشرة للحرب، بل هو حصيلة سياسات ممنهجة انتهجتها المليشيات لإضعاف القطاع الصحي والسيطرة على قراراته، حتى تحولت المستشفيات إلى أطلال عاجزة عن استقبال المرضى.

جرائم حوثية بحق المرضى والمستشفيات

ارتكبت مليشيا الحوثي جرائم عديدة بحق القطاع الصحي، منها:

قصف المستشفيات والمراكز الصحية.

إغلاق مراكز الرعاية الأولية.

مصادرة المساعدات الطبية.

حرمان آلاف المرضى من العلاج، خصوصًا مرضى الأمراض المزمنة.

كما عمدت المليشيات إلى تجنيد الطواقم الطبية أو تهجيرها، ما أدى إلى نقص خطير في الكوادر المؤهلة، وزاد من معاناة المواطنين. الأطفال والنساء وكبار السن كانوا الأكثر تضررًا من هذه السياسات، حيث يواجهون الأمراض دون رعاية أو حماية.

الأوبئة.. قنابل موقوتة في مخيمات النزوح

تعد مخيمات النزوح في الحديدة وتعز والعديد من المحافظات بيئة خصبة لانتشار الأوبئة. غياب شبكات المياه الآمنة، وانعدام الصرف الصحي، وتكدس النازحين في أماكن ضيقة، كلها عوامل ساعدت على انتشار الكوليرا والإسهالات المائية والحصبة بسرعة هائلة.

المنظمات الدولية حذرت مرارًا من كارثة إنسانية وشيكة إذا استمر الوضع دون تدخل عاجل. غير أن تعنت مليشيا الحوثي في السماح بالوصول الإنساني يزيد من تعقيد الأزمة ويضاعف أعداد الضحايا.

تواطؤ المليشيات الإخوانية

لم تكن المليشيات الإخوانية بعيدة عن هذه المأساة، إذ كشفت تقارير عن تواطؤها مع الحوثيين في تعطيل الدعم المخصص للقطاع الصحي في الجنوب، والتلاعب بالمساعدات الإنسانية. هذا التخادم بين الطرفين ساهم في حرمان مناطق بأكملها من الخدمات الطبية الضرورية.

ويؤكد مراقبون أن هذه السياسات المزدوجة هدفت إلى إضعاف الجبهة الداخلية الجنوبية عبر تعميق الأزمة الإنسانية، ما يفضح طبيعة التحالفات المشبوهة بين المليشيات على حساب حياة المدنيين.

أطفال اليمن.. الضحايا الأكبر

الأطفال يمثلون الفئة الأكثر تضررًا من هذه الكارثة. التقارير الصحية تشير إلى أن آلاف الأطفال أصيبوا بسوء التغذية الحاد، في حين أن آخرين يواجهون الموت نتيجة إصابتهم بأمراض كان يمكن الوقاية منها بسهولة مثل الحصبة والكوليرا.

كما أن غياب اللقاحات، ونقص الكوادر الطبية، وعدم توفر مراكز صحية مجهزة، جعل حياة الأجيال الجديدة مهددة بالخطر بشكل يومي.

المجتمع الدولي والتحذيرات المتكررة

المنظمات الأممية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، أطلقت تحذيرات متكررة من انهيار النظام الصحي في اليمن. لكنها اصطدمت دائمًا بسياسات المنع الحوثية، وبالاستغلال السياسي للمساعدات.

هذه التحذيرات ركزت على أن استمرار الأوبئة دون تدخل عاجل سيؤدي إلى انتشار إقليمي واسع للأمراض، بما يشكل تهديدًا على الأمن الصحي في المنطقة بأكملها.

الحاجة إلى تدخل عاجل

الوضع الصحي في اليمن يحتاج إلى خطة إنقاذ شاملة تتضمن:

السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

إعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الطبية.

توفير المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي.

دعم برامج التحصين واللقاحات للأطفال.

دون هذه التدخلات، سيظل اليمن على موعد مع مزيد من الضحايا، خصوصًا بين الفئات الضعيفة.

لقد تحولت الحرب الحوثية إلى جريمة مزدوجة، فهي لا تكتفي بسفك الدماء في الجبهات، بل تفتك بالمدنيين عبر انهيار القطاع الصحي وانتشار الأوبئة. الكوليرا، الحصبة، وحمى الضنك ليست سوى مظاهر لكارثة أكبر عنوانها الإهمال المتعمد والجرائم الممنهجة.

المواطن اليمني بات اليوم يواجه الموت من جهتين: سلاح المليشيات، وأمراض كان يمكن القضاء عليها بسهولة. ومع استمرار هذا الوضع، يبقى التدخل الدولي الجاد هو الأمل الوحيد لتخفيف الكارثة الصحية التي تهدد ملايين الأرواح.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1