الجيش الجنوبي: 54 عامًا من البطولة والصمود في وجه التحديات والاحتلال

الجيش الجنوبي
الجيش الجنوبي

مرّت أربعة وخمسون عامًا على تأسيس الجيش الجنوبي، الذي يحل ذكراه هذا العام في ظرف استثنائي، تزامنًا مع تصدي الجنوب لحرب شاملة تشنها قوى الإرهاب والمليشيات المختلفة على أرضه. 

منذ اللحظة الأولى، كانت رؤية تأسيس الجيش تهدف إلى حماية الأرض والشعب وضمان وحدة الجنوب وسيادته.

التأسيس والمرحلة الأولى (1971)

تأسست أول وحدة عسكرية في 1 سبتمبر 1971، لتضع اللبنة الأولى لجيش جنوبي قوي ومنظم. منذ بدايته، لم يكن الجيش مجرد قوة قتالية، بل كان مدرسة وطنية صقلت أجيالًا من الضباط والجنود، وعملت على غرس قيم الانتماء الوطني، والانضباط، والالتزام بالدفاع عن الوطن مهما كانت الظروف.

لقد ساهم الجيش الجنوبي في حماية الأرض وصون الهوية الوطنية، وترسيخ حضور الجنوب ككيان مستقل ذا إرادة حرة في المنطقة، الأمر الذي جعله ركيزة أساسية للأمن والاستقرار على مدار العقود الماضية.

التحديات بعد حرب 1994

على الرغم من قوته ومكانته التاريخية، لم يسلم الجيش الجنوبي من محاولات التدمير بعد حرب 1994، حين اجتاحت قوى الاحتلال اليمني الجنوب. 

سعت تلك القوى إلى تدمير البنية العسكرية الجنوبية بشكل منظم وتسريح عشرات الآلاف من الضباط والجنود، في محاولة لطمس تاريخ الجيش وإضعاف دوره الوطني.

رغم هذا الإقصاء، بقيت روح الجيش متقدة في وجدان الشعب، وظلت الكفاءات العسكرية حاضرة في الميدان مع كل منعطف وطني، مستعدة لإعادة البناء وصون مكتسبات الجنوب.

العودة من خلال الحراك الجنوبي

مع انطلاق الحراك الجنوبي وعودة المشروع التحرري، لعبت الخبرات العسكرية السابقة دورًا محوريًا في إعادة بناء القوات المسلحة الجنوبية. 

ونجحت هذه القوات في التصدي للتحديات الأمنية، خصوصًا مواجهة المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية التي تهدد الأمن القومي الجنوبي.

لقد تحول الجيش من مقاومة شعبية إلى مؤسسة عسكرية حديثة، تتسم بالانضباط، والاحترافية، والقدرة على مواجهة التحديات المعقدة داخليًا وخارجيًا.

حرب 2015 وبناء الجيش الحديث

شهد الجنوب العربي منذ حرب 2015 تحولات كبيرة في بناء الجيش الوطني، حيث استطاع استعادة مكانته كقوة عسكرية منظمة وفاعلة بفضل القيادة الحكيمة للواء عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية.

بدأت المسيرة بتأسيس المقاومة الجنوبية في محافظة الضالع عبر حركة "حتم"، والتي شكلت النواة الأولى لقوة جنوبية رافضة للاحتلال وقادرة على الدفاع عن الأرض. 

وقدمت المقاومة نموذجًا في التضحية والإيمان بالحق، لتتحول معارك الضالع إلى شرارة ألهبت الوعي الجنوبي وأعادت الاعتبار لخيار المقاومة كطريق للتحرير.

توحيد الصفوف والقوة الداخلية

مع اندلاع حرب 2015، انخرطت آلاف الكوادر العسكرية والأمنية ضمن المقاومة التي قادها الرئيس الزُبيدي، ونجحت في دحر المليشيات الحوثية وقوى الإرهاب من مناطق واسعة في الجنوب.

شكل هذا الانتصار أرضية صلبة لانطلاق مرحلة إعادة البناء المنظم، حيث عملت القيادة على تحويل المقاومة إلى جيش جنوبي موحد، قادر على حماية الحدود وتأمين الاستقرار الداخلي. وقد أسهمت رؤية الزُبيدي في دمج التشكيلات المختلفة تحت راية واحدة، مما عزز مبدأ الجيش الوطني الجامع لكل أبناء الجنوب.

الجيش الجنوبي اليوم

اليوم، وبعد سنوات من العمل الدؤوب، أصبح الجيش الجنوبي قوة حقيقية، ليس فقط بفضل قدراته القتالية، بل أيضًا بفضل تماسكه الداخلي وروحه الوطنية العالية. يمثل الجيش صمام أمان الجنوب، ويجسد رمزًا للوحدة الوطنية والهوية الجنوبية، ويعكس التزام القيادة والشعب بالحفاظ على مكتسباتهم.

يعد الجيش الجنوبي اليوم حجر الأساس لمستقبل الدولة الفيدرالية المنشودة، فهو ليس مجرد قوة ردع، بل مؤسسة وطنية جامعة تضمن حماية السيادة والاستقرار، وتعكس قدرة القيادة على بناء مؤسسات الدولة المستقلة.

الذكرى الرابعة والخمسون: رسالة وفاء

إحياء ذكرى عيد الجيش الجنوبي ليس مجرد استحضار للماضي، بل هو تأكيد على استمرار الدور الوطني لهذه المؤسسة. فالتضحيات التي قدمها الجيش وما يتجدد اليوم من بطولات، يعبر عن صمود الشعب الجنوبي وتمسكه بسيادته وهويته.

في ظل التحديات الراهنة، تبقى هذه الذكرى رسالة وفاء لكل الجنود الذين صنعوا المجد، وتجديدًا للعهد على مواصلة درب التحرير وبناء دولة الجنوب الحرة.

يمثل الجيش الجنوبي اليوم رمزًا للصمود والوحدة الوطنية، ومؤسسة عسكرية حديثة تعكس رؤية القيادة وشجاعة أبنائه. ومع مرور 54 عامًا على تأسيسه، يظل الجيش القوة الضامنة لمستقبل الجنوب وصمام الأمان للحفاظ على السيادة الوطنية.

إن مسيرة بناء الجيش منذ تأسيسه وحتى اليوم، خصوصًا بعد حرب 2015 بقيادة الرئيس الزُبيدي، تؤكد أن الإرادة الوطنية والمهنية العسكرية قادرة على تحويل التحديات إلى إنجازات، وتجعل من الجيش صرحًا دائمًا للوطنية والكرامة الجنوبية.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1