الفنانة فيروز.. جارة القمر التي سكنت القلوب لأجيال

الفنانة فيروز
الفنانة فيروز

تُعد الفنانة فيروز واحدة من أبرز وأهم الأصوات في تاريخ الموسيقى العربية، بل هي حالة فنية وإنسانية نادرة جمعت بين الرقي، الأصالة، والخلود. فصوتها الذي اشتهر بلقب "جارة القمر" لم يكن مجرد وسيلة للطرب، بل كان رسالة سلام ومحبة عبرت حدود الزمن والجغرافيا، لتصبح رمزًا عربيًا خالدًا في وجدان الشعوب.

من هي فيروز؟

الاسم الحقيقي للفنانة فيروز هو نُهاد رزق وديع حداد، ولدت في 21 نوفمبر 1935 في بلدة زقاق البلاط، إحدى أحياء بيروت، لعائلة لبنانية بسيطة. بدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، حيث التحقت بمعهد الموسيقى، وهناك تعرفت على الأخوين رحباني، عاصي ومنصور، الذين لعبوا دورًا محوريًا في تشكيل شخصيتها الفنية.

تزوجت فيروز من عاصي الرحباني، وأنجبا أربعة أبناء، من أبرزهم زياد الرحباني، الذي أصبح فيما بعد موسيقيًا بارزًا، وتعاون مع والدته في عدد من الأعمال التي حملت نكهة فنية جديدة ومختلفة.

فيروز والأخوين رحباني: ثالوث الإبداع

ارتبط اسم فيروز منذ بدايتها بثنائي الأخوين رحباني، فكانت الصوت الذهبي الذي جسد الحلم اللبناني في أبهى صوره، عبر الأغاني التي مزجت بين الكلمات الشاعرية والألحان الشرقية الأصيلة.

قدّمت معهما عشرات المسرحيات الغنائية، أبرزها:

بياع الخواتم

هالة والملك

ناطورة المفاتيح

يعيش يعيش

كما تغنت بأغنيات وطنية خلدت في ذاكرة الشعوب العربية، منها:

زهرة المدائن

سنرجع يومًا

بحبك يا لبنان

يا قدس

أعطني الناي وغني

صوت فيروز: هدوء في زمن الضجيج

يتميز صوت فيروز بالنقاء العذب والدفء الإنساني، فهي قادرة على نقل المستمع إلى عالم من السكينة مهما كانت مشاعره. لهذا، ارتبط صوتها بأوقات الصباح، وأصبح طقسًا يوميًا للملايين في العالم العربي، يبدأون به يومهم بأغنياتها مثل:

كيفك إنت؟

نسم علينا الهوى

كان عنا طاحونه

فصوتها لا يعلو بالصراخ، بل يخترق القلوب بهمس ناعم يلامس الوجدان.

التكريم والحضور العالمي

على مدار عقود، حصدت الفنانة فيروز عشرات الجوائز والتكريمات من مختلف الدول والمؤسسات الثقافية، من بينها:

وسام الأرز الوطني من لبنان

وسام جوقة الشرف من فرنسا

وسام الفنون والآداب من وزارة الثقافة الأردنية

دكتوراه فخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت

وقد غنت في أهم المسارح العالمية، مثل:

كازينو لبنان

قصر بعلبك

مهرجانات بيت الدين

قاعة كارنيجي في نيويورك

قاعة ألبرت الملكية في لندن

فيروز.. رمز وطني وعربي

في زمن الانقسام والتجاذبات السياسية، بقيت فيروز رمزًا جامعًا لكل اللبنانيين والعرب، بعيدة عن الاستقطابات، محتفظة بوقارها الفني، ومحافظة على خصوصية ظهورها الإعلامي، ما زاد من هالتها الأسطورية.

هي لا تغني فقط، بل تصلي بالغناء، وتُذكرنا من خلال صوتها أن الفن الأصيل لا يموت، وأن الثقافة الحقيقية تتجلى في البساطة والصدق.

فيروز في قلوب الأجيال الجديدة

رغم مرور أكثر من نصف قرن على بداية مسيرتها، لا تزال فيروز تحظى بشعبية كبيرة بين الأجيال الشابة، حيث تُعاد أغنياتها بتوزيعات حديثة، وتُستخدم في الإعلانات والأفلام، كما يتم تداول مقاطعها بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، لتبقى صوتًا خالدًا يتجاوز الزمن.

فيروز.. صوت لا يشبه أحد

فيروز ليست مجرد مطربة؛ بل هي ذاكرة عربية بصوت أنثوي حالم، هي الرفيقة في الصباح، والسلوان في المساء، والحنين المتجدد لكل من عرف الحب والوطن والجمال. برحيل الكثير من فناني جيلها، بقيت فيروز وحدها تحرس ذاكرة الفن الجميل، وتغني لنا بهدوء: "أنا لحبيبي وحبيبي إلي..."

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1