7 يوليو.. ذكرى الجراح المفتوحة في تاريخ الجنوب العربي
تحلّ ذكرى 7 يوليو على شعب الجنوب العربي كجراح مفتوحة في جسد الوطن، وكصفحة سوداء لا تُنسى في التاريخ الحديث. ففي مثل هذا اليوم من عام 1994، أقدمت قوى الاحتلال اليمنية على اجتياح الجنوب العربي بقوة السلاح، في محاولة يائسة لفرض ما سُمّيت "الوحدة" المشؤومة بالقهر والطغيان.
مخططات عدوانية للسيطرة والتمزيق
لم تكن حرب 1994 حدثًا عارضًا أو تصعيدًا عسكريًا مفاجئًا، بل جاءت تتويجًا لسلسلة طويلة من النوايا العدوانية والخطط المشبوهة التي استهدفت السيطرة على ثروات الجنوب، وتقويض مؤسساته، وضرب نسيجه الاجتماعي بهدف تحويله إلى كيان هشّ تابع لقوى الاحتلال.
استباحة عدن.. بداية الانهيار المؤسسي
في صيف ذلك العام، اجتاحت قوات الاحتلال العاصمة عدن، فدمّرت المنشآت العامة، ونهبت الممتلكات الخاصة، واعتقلت الكوادر الجنوبية المؤهلة، وأطلقت العنان للفساد والعبث في مؤسسات الدولة. كان ذلك إيذانًا بمرحلة جديدة من التهميش والإقصاء الممنهج.
البطش والتهميش سياسة ممنهجة
تحوّل الجنوب بعد الحرب إلى ساحة واسعة لسياسات البطش والإقصاء، حيث تم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين، وتم تفريغ مؤسسات الدولة من الكفاءات الجنوبية، في حين جرى تمكين عناصر موالية للاحتلال في مفاصل السلطة، ما قوّض الحضور المؤسسي للجنوب لعقود لاحقة.
"الوحدة" غطاء زائف للاحتلال
لقد شكّلت ما سُمّيت "الوحدة اليمنية" في عام 1990 غطاءً سياسيًا زائفًا لمشروع الاحتلال، تهاوت شعاراته سريعًا أمام الممارسات الإجرامية، التي كشفت أن الشراكة لم تكن إلا وسيلة للهيمنة ومصادرة القرار الجنوبي.
تفكيك الهوية ونهب الثروات
ومع اندلاع حرب 1994، تلاشت كل وعود الاندماج والتحالف، وتحوّلت "الوحدة" إلى وسيلة لتفكيك الهوية الجنوبية، ونهب مقدراته، وإلحاقه بقوة السلاح بمركز لا يعترف بالتعددية ولا الشراكة، ما جعل الجنوب مجرد تابع اقتصادي وسياسي لقوى السيطرة.
مشروع فاشل مرفوض شعبيًا
لقد كانت الممارسات القمعية والنهب المنظم، كفيلة بكشف حقيقة المشروع الوحدوي وتحويله إلى مشروع فاشل مرفوض شعبيًا، بعدما تأكدت أهدافه القمعية القائمة على الاستقواء والقهر، لا على الشراكة والعدالة.
لم يكن ما جرى في حرب يوليو 1994 مجرد اجتياح عسكري تنفّذه قوى الاحتلال اليمنية، بل كان عدوانًا شاملًا على وطنٍ بأكمله، استهدف الأرض والهوية والتاريخ، وضرب شعبًا له حق مشروع وتاريخ نضالي عريق. مثل هذا العدوان يمثّل نقطة سوداء في التاريخ المعاصر للجنوب، ودلالة على النوايا الحقيقية التي كانت تتخفى خلف شعارات الوحدة الزائفة.
محطة لتجديد الذاكرة والتشبث بالمشروع الوطني
وتُعد ذكرى 7 يوليو محطة متجددة لتجديد الذاكرة الجنوبية بشأن الجرائم التي ارتُكبت بحق الوطن، والتأكيد على ضرورة التمسك بالمشروع الوطني الجنوبي في استعادة الدولة، وبناء مستقبل يليق بتضحيات الأحرار الذين قدّموا أرواحهم فداءً للكرامة والسيادة.
مرحلة سوداء تحت سلطة الإقصاء والنهب
كانت حرب 1994، وتحديدًا يوم 7 يوليو، بداية مرحلة سوداء عاشها الجنوب تحت قبضة الإقصاء والنهب، حيث مُكّنت قوى الاحتلال من الاستيلاء على مقدّرات الجنوب، وجرى تغييب العدالة، وفرض سياسات ممنهجة هدفت إلى طمس الهوية الجنوبية وتجهيل أجيالها.
مخططات منظمة لتهميش الجنوب
ومن الجدير بالذكر، أن تلك السياسات لم تكن عشوائية، بل نُفذت وفق مخططات مدروسة، هدفت إلى ابتلاع الجنوب، وتحويله إلى منطقة مهمشة غير قادرة على النهوض أو حتى المطالبة بحقوقها، بهدف إسكات صوت الجنوب الذي لطالما نادى باستعادة دولته كاملة السيادة.
الحراك الجنوبي.. انطلاقة النضال السلمي
ورغم آلة القمع والتنكيل، فإن الجنوب لم يصمت، بل خرج من بين الركام أكثر عزيمة، وأطلق حراكه السلمي في العام 2007، رافعًا راية التحرير والاستقلال، في تحدٍ صريح لمحاولات الطمس والتغييب. وكان ذلك الحراك بمثابة انطلاقة جديدة لمشروع استعادة الدولة.
ملحمة التحرير الثانية في 2015
ثم جاءت محطة النضال المسلح، مع اجتياح الميليشيات الحوثية الإرهابية، بدعم من ذات القوى التي احتلت الجنوب في 1994، ليقف الجنوب مجددًا مدافعًا عن أرضه وكرامته. في عام 2015، سُطرت ملحمة تاريخية لتحرير الجنوب من جديد، مثّلت تجليًا لإرادة لا تُكسر وعزيمة لا تلين.
ذكرى 7 يوليو.. شهادة على فشل مشروع الوحدة
وبالتالي، فإن ذكرى 7 يوليو لا ينبغي أن تُختزل فقط في تفاصيل الاجتياح، بل يجب قراءتها كدليل دامغ على فشل مشروع الوحدة المشؤومة، الذي استُخدم غطاءً لتمرير أكبر عملية قمع واحتلال ضد الجنوب.
الجنوب اليوم.. ذاكرة لا تنسى وطريق نحو الاستقلال
في هذه الذكرى القاسية، بات من المؤكد أن الجنوب لن يعود إلى الوراء، وأن ذاكرته الجمعية لا ولن تنسى ما جرى. فمشروع الاستقلال لم يعد حلمًا عاطفيًا، بل هدف واقعي تُبنى لأجله التحالفات، وتُرسم السياسات، ويُصاغ وعي الأجيال الجديدة على أساسه، تمهيدًا لقيام دولة جنوبية حرة ذات سيادة كاملة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
