مصير منطقة الشرق الأوسط في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة

الشرق الأوسط
الشرق الأوسط

شهدت الأشهر الأخيرة من العام المنصرم والاولى من العام الحالي وبالتزامن مع الحروب في غزة واليمن والسودان... شهدت متغيرات هائلة بدأت من سورية محط الاهتمامات فهي نقطة توازن الاستراتيجيات الكونية وقلب العروبة النابض. 

الممر الإلزامي للطريق والحزام الصيني، ومنصة عودة روسيًا لاعبًا دوليًا أول، وممر أنابيب النفط والغاز الأقصر إلى البحر المتوسط وأوروبا.

المتغير السوري الجاري مازال انتقاليًا، ولم تترسخ عناصر الاستقرار ولا اكتملت مرحلتها الانتقالية.

تُدار بـ "الريموت"، وتُمول دولتها بالقطارة من هبات سعودية قطرية. 

الجميع يراهن ويحاول الاستثمار بتحولاتها طمعًا بموقعها ومكانتها.

إدارتها هشة تقطع الوعود بلا قدرة على تنفيذها، وتدير توازناتها المتوترة بأعلى المستويات بالوعود والتسويف.

جغرافية سورية تحت الاحتلالات الإسرائيلي والتركي والأطلسي، ومجتمعها مفكك ولكل منطقة أو تَجمع مسلحين وشبه إدارة. 

تركيا تحاول فرض نظامها العثماني الجديد على سورية،وإسرائيل تضرب حيث تشاء، والجولان يتأهب ليتحول إلى مسرح اشتباك، وجبهة تربك إسرائيل كما الإدارة المتعثرة والقاصرة إلا عن الاستقبالات للضيوف وزيارات للجولاني حتى اللحظة لم تسمن ولم تغن من جوع.

مشروع فرنسا منذ عشرينات القرن المنصرم لإقامة أقاليم شِبه مستقلة بعدد الطوائف والاثنيات الكبرى يعود من جديد رغم ضعف أو انعدام فرص نجاحه من جديد.


المتغير الأهم أنَّ ترمب وضع وعده موضع التنفيذ، وبدأ تفكيك القواعد وسحب الجيش الأمريكي منها. والأكثر أهمية تفكيك قاعدة "التنف" المُنشأة على مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، وتفكيك "مخيم الرُكبان".

قاعدة "التنف" ذات أهمية فوق استراتيجية للوجود الأمريكي والمخططات التي كانت، وقد جرى تأمينها وتعزيزها على نحو مختلف، فالموقع حاكم ويؤثر في ثلاث دول ويمتد إلى إسرائيل والسعودية.

حالة ارتباك وارتهاب أصابت الجميع -خاصة الأردن- فالتنف أُقيمت لتأمينه، والقواعد الأمريكية الأطلسية فيه، وقد نقلت لها معدات القواعد التي أُخليت من قطر والخليج، وهي رابط حيوي بين قاعدة "إنجرليك" وإسرائيل والقواعد في السعودية، وتؤمن قواعد العراق وشماله.
الفراغ الأمريكي سيفرض تحديات جديدة نوعية لم تكن في الحسبان، وملؤه متعذر، وليس من قوة أو دولة قادرة.

تظهر الإشارات الأولى عما تخطط له إدارة ترمب لسورية مترافقة مع تصاعد الاشتباك مع نتنياهو ولوبيات إسرائيل في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الامريكية، وتصاعد أزمات إسرائيل واقتراب موعد انهيار حكومة نتنياهو، وتصاعد احتمالات تمرد الجيش ووحداته القتالية في غزة بفعل الإخفاقات. والخسائر ونقص المعدات والعديد تُنبئ بتوفر حظوظ لاحتمالات انفجار النظام العام في إسرائيل. 

الفوضى تقترب وقد تصيب الأردن فهو كفلسطين ولبنان كيانات نتجت بمقص سايكس بيكو.
الإجراءات التي اعتمدها الأردن والكويت لحل وشطب تنظيمات الإخوان المسلمين تترافق مع مناقشة قانون في الكونغرس لتصنيف الجماعة الدولية كتنظيم إرهابي، ومع حملة في النخب والإعلام الأوروبي عن خطرهم في تهديد مستقبل أوروبا وتغلغلهم في المؤسسات والمجتمع.


شطب الإخوان المسلمين، ومصادرة مؤسساتهم وأموالهم مَهمة يستعجلها ترمب لتُنجز قبل الانتخابات النصفية الأمريكية، ما سيؤدي إلى قطيعة مع إردوغان وتقليص قدرات قطر، وهذه سيكون لها أثر كبير في إعادة هيكلة سورية والشرق فالعرب والإقليم كله.

في مقابل ذلك تجرى تفاهمات مهمة مع إيران والعراق ولبنان من جانب السعودية ومصر.


إهمال متعمد للملف اليمني المزمن والمتضخم عامة وملف الجنوب خاصة وزيادة مستوى الاستقطاب والتنسيق الشمالي الفير معلن،وفي نفس الوقت تظهر مؤشرات حرب إقليمية واسعة كشفت عنها الإجراءات الأمريكية الأخيرة عسكريا ودبلوماسيا.