الأزمات العربية في ميزان التحليل: قراءة شاملة في حوار خاص لـ "متن نيوز" مع عبدالرزاق محمد الدليمي
في حوار خاص أجراه موقع "متن نيوز" مع الأستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة بغداد، تم التطرق إلى أبرز القضايا العربية الملحة، من القمة العربية في بغداد إلى تعقيدات الملف اليمني، مرورًا بسوريا وليبيا والسودان.
فيما يلي أبرز محاور اللقاء:-
◄قمة بغداد: تأكيد رمزي على فلسطين في ظل واقع مأزوم
في مستهل حديثه، عبّر الدكتور الدليمي عن أسفه لما آلت إليه القمة العربية الرابعة والثلاثين، التي عقدت في بغداد، واصفًا إياها بأنها "فشلت قبل أن تنعقد". وأرجع هذا الفشل إلى الانقسامات العميقة داخل العراق، وتحديدًا سيطرة الميليشيات التابعة للنظام الإيراني، والتي قامت بممارسات استفزازية أضرت بأمن الوفود المشاركة، في ظل ضعف حكومي واضح.
ورغم أن القمة أعادت التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، يرى الدليمي أن المطلوب اليوم هو الانتقال من الأقوال إلى الأفعال، مؤكدًا أن الوضع في غزة كارثي والانقسام الفلسطيني يزيد من هشاشة القضية، في ظل تسارع موجات التطبيع. وختم بالقول: "يجب أن يكون الموقف العربي أكثر وحدة وحزمًا، لأن الشعارات وحدها لا توقف نزيف الدم الفلسطيني."
◄سوريا بين المبادرات الفردية والأزمة المركّبة
وعن الشأن السوري، أشار الدكتور الدليمي إلى وجود جهود إيجابية يقوم بها الرئيس السوري أحمد حسين الشرع، لكنها تظل غير كافية في ظل أزمة سياسية واجتماعية مركّبة. وقال إن سوريا ما تزال تعاني من تعدد مناطق النفوذ، وتدخلات خارجية، ومعارضة ممزقة، وأوضاع معيشية خانقة.
وأضاف أن أي حل حقيقي لا يمكن أن يتم دون انتقال سياسي شامل، يعيد توحيد البلاد، ويؤمن عودة النازحين واللاجئين. كما شدد على أن التطبيع مع النظام يجب أن يكون مشروطًا بإصلاح سياسي جاد، لأن الاستقرار الدائم لا يمكن تحقيقه دون هذا الشرط الأساسي.
◄ليبيا: بلد ممزق بين حكومتين وميليشيات
أما عن الوضع الليبي، فقد وصفه الدكتور الدليمي بـ "رهينة التجاذبات الإقليمية والدولية"، موضحًا أن وجود حكومتين متنافستين، وانتشار الميليشيات، وغياب مؤسسة عسكرية موحدة يجعل من أي عملية سياسية أمرًا هشًا للغاية.
وأشار إلى أن المصالحة الوطنية ثم الانتخابات بإشراف أممي صارم هي السبيل الوحيد لإعادة إنتاج الشرعية وإنهاء الفوضى، مؤكدًا أن "المفتاح الحقيقي هو الاستقلال الوطني الكامل عن التدخلات الأجنبية".
◄اليمن: أزمة الجنوب والشمال بين الوحدة والانفصال
وفي سياق حديثه عن اليمن، أوضح الدكتور الدليمي أن الوضع هناك يزداد تعقيدًا، خصوصًا بعد إدماج المجلس الانتقالي الجنوبي في مجلس القيادة الرئاسي. وقال إن هناك صراعًا بين رغبة جنوبية في الانفصال، ورؤية شمالية تسعى للحفاظ على الوحدة.
وشدد على أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يجب أن ينبثق من حوار وطني جامع يعالج المظلومية الجنوبية وربما عبر صيغة اتحادية، وأكد أن معالجة وضع الحوثيين جزء لا يتجزأ من الحل، وإلا فإن خطر التقسيم والتصعيد سيبقى قائمًا.
◄السودان: بين الاتهامات الأمريكية والانهيار الإنساني
وفيما يخص السودان، علّق الدكتور الدليمي على الاتهامات الأمريكية باستخدام أسلحة كيميائية في عام 2024، قائلًا: "إذا ثبت ذلك، فنحن أمام جريمة حرب وانتهاك خطير للقانون الدولي، لكن يجب ألا تتحول قضايا حقوق الإنسان إلى أداة ابتزاز سياسي."
وأضاف أن السودان يعيش حالة انهيار شامل بفعل الحرب الأهلية، والنزوح الجماعي، وخطر المجاعة، داعيًا المجتمع الدولي إلى وقف دعم المسلحين، وفرض هدنة شاملة، وتشكيل آلية دولية للتحقيق في الانتهاكات، مع التأكيد على أن العقوبات وحدها لا تكفي وقد تؤدي لتفاقم معاناة المدنيين.
◄الحاجة إلى إرادة شعبية وتحرر من الهيمنة
في ختام الحوار، لخّص الدكتور عبدالرزاق الدليمي المشهد بقوله: "من بغداد المحتلة إلى دمشق، ومن طرابلس إلى عدن، ومن السودان المنكوب، تتعدد الأزمات لكن الجذر واحد: فقدان الإرادة السياسية العربية للتغيير، واستمرار الهيمنة الخارجية."
وأكد أن الخلاص لن يأتي إلا عبر وعي شعبي مدعوم بمؤسسات وطنية قوية ومستقلة، تكون قادرة على قلب المعادلة وصناعة واقع جديد للعالم العربي.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1
