قناة عدن المستقلة.. منبر ثقافي وتوعوي يعزز الهوية والقيم الجنوبية

عبدالعزيز الشيخ
عبدالعزيز الشيخ

#عدن_المستقله_صوت_الجنوب.. لعبت قناة عدن المستقلة دورًا رئيسيًا في توثيق اللحظات الحاسمة في تاريخ النضال الجنوبي، من انتفاضات الشارع، إلى المعارك المصيرية التي خاضتها القوات المسلحة الجنوبية ضد المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية. فقد كانت كاميرات القناة حاضرة في الصفوف الأمامية، توثق العمليات العسكرية في الضالع، ولحج، وأبين، وشبوة، وحضرموت، وتنقل للجنوب والعالم بطولات الأبطال ومواقف القيادة وشجاعة الجنود.

وبهذه الجهود، لم تكتفِ القناة بالتغطية اللحظية، بل أسهمت في بناء أرشيف بصري ووطني ضخم، سيكون مرجعًا مهمًا للأجيال القادمة، ومصدرًا للباحثين والمهتمين بتاريخ قضية الجنوب. كما عززت القناة من الروح المعنوية لشعب الجنوب، وأظهرت حجم التضحيات التي تُقدَّم على طريق التحرير والاستقلال.


تُعد قناة عدن المستقلة أحد أهم أدوات تعزيز الهوية الوطنية الجنوبية، فهي لا تكتفي بتقديم نشرات الأخبار، بل تنتهج خطابًا إعلاميًا وطنيًا يرسّخ في الوعي الجنوبي مفاهيم الانتماء، والولاء للجنوب، والتمسك بالحلم الجنوبي في استعادة الدولة.

من خلال برامجها الحوارية والتقارير الوثائقية والتغطيات الميدانية، تعزز القناة الوعي الجماعي الجنوبي، وتحفز على الصمود والمقاومة، وتدعم خطاب الوحدة الجنوبية، وترفض مشاريع التجزئة والتبعية. كما تسهم في نقل صوت الشارع الجنوبي، وتعكس تطلعاته، وتُبرز رموزه ونضاله، وتشجع الابداع والمبدعين في مختلف المجالات، لتصبح بمثابة مدرسة إعلامية وطنية تصنع الوعي، وتبني الثقة، وتحصّن المجتمع من الحملات المضللة.


أدركت القيادة الجنوبية مبكرًا أن معركة استعادة الدولة الجنوبية ليست فقط معركة عسكرية وسياسية، بل إعلامية أيضًا. وهنا برزت قناة عدن المستقلة الصامدة وقبلها قناة عدن لايف وقناة صوت الجنوب، كجزء أساسي من أدوات النضال السلمي، تنقل معاناة الجنوب وتفضح جرائم الاحتلال اليمني، وتوثق اللحظات المفصلية في مسيرة الكفاح الجنوبي. لقد كانت هذه القنوات بمثابة بندقية إعلامية تصيب أهدافها بدقة، وتحبط خطط الأعداء التي تهدف إلى اختراق الوعي الجنوبي.


تجاوز دور القناة نقل الأخبار والأحداث، لتصبح منصة ثقافية وفكرية تنشر الأدب الجنوبي، والفن الجنوبي، والتراث الجنوبي، عبر برامج خاصة تهتم بالشعر، والأغنية الجنوبية، والتقاليد، والموروث الشعبي. كما عرضت وثائقيات عن رموز الجنوب التاريخية، وأسهمت في ترسيخ الاعتزاز بالهوية والتراث. وقد لعب هذا الدور التوعوي في بناء جيل جنوبي أكثر وعيًا بهويته، وأكثر تمسكًا بمبادئه الوطنية الجنوبية.


في ظل التعدد الإعلامي الجنوبي، أسهمت القناة في توحيد الخطاب الجنوبي الإعلامي، وتنسيق الجهود بين الإعلاميين الجنوبيين، واحتضان الكوادر من مختلف محافظات الجنوب. كما فتحت شاشتها لآراء متنوعة ضمن الإطار الوطني، وسعت إلى توسيع دائرة التأثير، وخلق بيئة حوار إعلامي راقٍ يخدم قضية شعب الجنوب.


تصدت القناة لعدد كبير من الحملات الإعلامية العدائية، التي شنتها قنوات ممولة من أطراف معادية للجنوب، بينها المليشيات الحوثية والإخوانية، وجهات استخباراتية تسعى لإرباك المشهد الجنوبي عبر نشر الشائعات والفتن. وقد نجحت القناة من خلال برامجها التحليلية والوثائقية والتغطيات الميدانية في تفكيك خطاب العدو، وفضح نواياه، وتحصين الرأي العام الجنوبي، لتصبح خط الدفاع الأول ضد الغزو الإعلامي الموجه.


على الرغم من قلة الموارد المالية، إلا أن القناة نجحت في توظيف الحد الأدنى من التكنولوجيا الإعلامية بشكل احترافي، وفتحت نوافذ عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك – يوتيوب – تويتر – تيليجرام)، ما مكنها من إيصال صوت الجنوب إلى جمهور واسع داخل الوطن وخارجه. كما أطلقت بثًا مباشرًا لتغطية الفعاليات والندوات، ووفرت أرشيفًا رقميًا يحفظ التاريخ بالصوت والصورة.


لم يقتصر دور القناة على الداخل، بل امتد إلى الخارج عبر تغطيات إعلامية مترجمة ورسائل إعلامية موجهة للرأي العام الإقليمي والدولي، لتعريف العالم بقضية شعب الجنوب، وشرح مظلومية شعب الجنوب، وكشف جرائم الاحتلال اليمني. كما واكبت القناة تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافل الدولية، وعكست جهوده السياسية والدبلوماسية، ما منح قضية الجنوب بُعدًا دوليًا جديدًا.


استطاعت القناة بناء علاقة ثقة قوية مع الشارع الجنوبي، حيث شاركت في حملات التوعية المجتمعية، وأطلقت برامج تناقش قضايا الشباب، والمرأة، والتعليم، والخدمات، والبطالة، ما جعلها شريكًا حقيقيًا للمجتمع المدني في قضايا التنمية والحقوق. وقدمت منصات للمواطنين للتعبير عن آرائهم ومشكلاتهم، ما أسهم في تعزيز المشاركة الشعبية.


كان للقناة دور مميز في تمكين المرأة الجنوبية إعلاميًا، حيث فتحت المجال لمشاركة مذيعات ومراسلات جنوبيات أثبتن كفاءة عالية في التقديم والتحرير والتغطية الميدانية، كما خصصت برامج تتناول قضايا المرأة، وسلطت الضوء على نماذج نسوية جنوبية ناجحة، ما أسهم في تعزيز حضور المرأة الجنوبية في المشهد الإعلامي والوطني.


ورغم النجاحات الكبيرة، لا تزال القناة تواجه تحديات مستمرة، من أبرزها: محدودية التمويل، استهداف طواقمها، التضييق التقني، وعدم وجود بنية إعلامية حكومية جنوبية داعمة. ومع ذلك، تواصل القناة العمل بإصرار، وتسعى للتوسع عبر إطلاق قنوات متخصصة (وثائقية – شبابية – تعليمية)، وإنشاء مؤسسة إعلامية وطنية جنوبية تضم كفاءات وخبرات، وتحقق تطلعات الجنوب الإعلامية في مرحلة استعادة وبناء دولة الجنوب.


لقد أثبتت قناة عدن المستقلة الصامدة أنها ليست مجرد صوت إعلامي، بل حجر أساس في معركة الهوية والحرية. فهي الحارس الأمين على ذاكرة الجنوب، والمرآة التي تعكس آلامه وآماله، والمنصة التي تقف في وجه العواصف الإعلامية بكل شجاعة. وفي زمن تتساقط فيه المبادئ، تبقى هذه القناة مثالًا للإعلام الوطني الجنوبي الحر، الشجاع، الملتزم، الذي لا يتنازل عن قضيته مهما كانت الضغوط. وهي اليوم لا تمثل فقط إعلام الجنوب، بل روحه المقاومة، وصوته الأصيل في زمن الزيف.
 

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1