فضل الدعاء في الطواف.. الحكمة الجليلة فى الايام المباركة

فضل الدعاء في الطواف
فضل الدعاء في الطواف

فضل الدعاء في الطواف.. الطواف له حِكم كثيرةً وجليلة؛ لأنّه عبادةٌ لله -عزّ وجلّ-؛ حيث يسكن في قلب الطائف تعظيم الله -تعالى-، ويجعله دائم الذكر له سبحانه، فمعظم أفعال العبد في الطواف فيها ذِكرٌ، وتسبيحٌ لله سواء في مشيه أثناء الطواف، أو استلامه للركن اليماني، أو استلامه للحجر، أو إشارته إليه، فضلا عمّا يكون على لسان الطائف من الدعاء المُستمرّ لله، والتكبير، والتعظيم.

فضل الدعاء في الطواف

فضل الدعاء في الطواف.. وشُرِع الطواف في الكتاب، والسنّة؛ إذ قال تعالى فى كتابه الكريم: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).

وعَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عنهما- قال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا طاف في الحَجِّ أو العُمْرةِ أوَّلَ ما يَقْدَمُ سعى ثلاثةَ أطوافٍ، ومشى أربعةً، ثم سجَدَ سجدتينِ، ثم يطوفُ بين الصَّفا والمروةِ)، ولمّا كانت العمرة مُكوّنةً من ثلاثة أركان، كان الطواف أحدها، بحيث لا تصحُّ العمرة دونه.

فضل الطواف

 الطواف ببيت الله الحرام عبادةٌ عظيمةٌ، وهي من أعظم العبادات، فقد قال الله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، وقد جعل الله هذه العبادة في مكانٍ عظيم، وهو البيت الحرام؛ حيث هيّأه للخليل إبراهيم -عليه السلام-، ثمّ أمره بتهيئته، وتطهيره؛ فقال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، وقد خصّ الله -عزّ وجلّ- في هذه الآية عبادة الطواف، وقدّمها؛ حيث لا تُشرع إلّا بالبيت العتيق، فهي ليست كالاعتكاف الذي يصلح في كلّ مسجد، ولا كالصلاة التي تصحُّ في كلّ بقعةٍ طاهرة، كما أنّها عبادة يُشرع التطوُّع بها وحدها دون سائر مناسك الحجّ، والعمرة مع أنّها جزء منها، وحين قدم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى مكّةَ حاجًّا، كان أوّل ما فعله أنّه توضّأ، ثمّ طاف بالبيت.

 وقد أمر -عليه الصلاة والسلام- بأن تُيَسَّر أمور الطواف في سائر الأوقات، ونهى أن يُمنَع أحدٌ من المسلمين من الطواف، وقد ذكر العديد من أهل العلم أنّ الطواف أفضل من صلاة التطوُّع، ومن الاعتمار من أدنى الحل؛ أي الإحرام لعمرةٍ أخرى، ويقول ابن قدامة -رحمه الله-: "يُستحَبّ لمن أتى مكّة أن يطوف بالبيت؛ لأنّ الطواف صلاة، والطواف أفضل من الصلاة، والصلاة بعد ذلك"؛ أي صلاة التطوُّع، ويقول ابن تيمية -رحمه الله-: "فأمّا كون الطواف بالبيت أفضل من العمرة لمن كان بمكّة؛ فهذا لا يستريب فيه من كان عالمًا بسُنّة رسول الله، وسُنّة خلفائه، وآثار الصحابة، وسلف الأمة، وأئمّتها"، وبهذا يتبيّن عظيم فضل هذه العبادة، ومدى مشروعيّتها المُطلَقة في كلّ وقتٍ إلّا في حالات مخصوصة تكون عند إقامة الصلاة، وأدائها، وحضور الجنازات.

فضل الدعاء في الطواف

 الحكمة من الطواف 

 لكل تشريع شرعه الله سبحانه وتعالى في الدين الإسلامي حِكمة أرادها منه سبحانه، حتى وإن جهلها الإنسان، ومن التشريعات الإسلامية التي أثيرت حولها الشبهات التشكيكة تشريع الطواف حول الكعبة، فجعل بعض الناس يقولون: إن الطواف حول الكعبة كالطواف حول قبور الأولياء، وهو من الوثنية والتعبّد لغير الله تعالى، والحقيقة على خلاف ذلك، فالمسلمون إنما يطوفون حول الكعبة المشرفة بأمر من الله عز وجل، وكل ما يفعله الإنسان بأمر من الله تعالى يعدّ عبادة خالصة له عز وجل وليس فيه من الشرك أو الوثنية شيء، ومثال ذلك أن السجود في الإسلام لا يكون إلا لله عز وجل، وإن فعله الإنسان لغير الله كان شركًا عظيمًا، إلا أن سجود الملائكة لآدم -عليه السلام- عندما أمرهم الله عز وجل بذلك كان طاعة وعبودية خالصة، بل إنّ تركه كان كفرًا. 

والحِكمة من الطواف والدعاء حول الكعبة تتجلّى في عظمة بيت الله الحرام، وطُهره وتشريفه، فهو أشرف مكان في الأرض، وأطهر بقعة خلقها الله عز وجل، وقد جعله الله سبحانه حرمًا آمنًا، ومكانًا للمتعبدين المتبتلين الراكعين الساجدين، فمن يطوف في هذا المكان إنما يطوف في مكان عظّمه الله عزّ وجل منسوب إليه، فيكون بذلك كالعبد الملتجئ لباب مولاه، يطلب منه العفو والغفران والإحسان والرضى، ويعلم أن ما من أحد يجيب حاجته إلا إياه، كما أن في الطواف حول الكعبة المشرفة ذكر لله تعالى، وتعظيم وتكبير له.

وقد بيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الحِكمة من الطواف بقوله: (إنَّما جُعل الطوافُ بالبيتِ، وبينَ الصفا والمروةِ ورميِ الجمارِ؛ لإقامةِ ذكرِ اللهِ)، فمن يطوف بالبيت يظلّ على حال من الذكر والتعظيم لله، فتقوم هذه المعاني في قلبه لتكون كل حركاته من مشي وتقبيل واستلام للركن اليماني والحجر الأسود عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى مع الدعاء والذكر.