سياسة "الحزم والحسم" في الجنوب العربي: استراتيجية شاملة لاجتثاث الإرهاب وتثبيت أركان الدولة القادمة
في لحظة تاريخية فارقة يمر بها الجنوب العربي، برزت سياسة "الحزم والحسم" كعنوان عريض لمرحلة جديدة لا تقبل القسمة على اثنين. لم تعد المعركة مع التنظيمات المتطرفة مجرد ردود فعل آنية على هجمات غادرة، بل تحولت إلى مشروع وطني وأمني متكامل، صاغته إرادة سياسية صلبة، وتنفذه القوات المسلحة الجنوبية باحترافية وانضباط، واضعةً حدًا نهائيًا لمشاريع الفوضى التي استهدفت الإنسان والأرض في الجنوب لعقود.
رؤية عيدروس الزُبيدي: الإرهاب أداة لضرب المسار التحرري
تُدار معركة الحسم اليوم بإشراف مباشر من اللواء عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية. تنطلق هذه القيادة من قناعة راسخة بأن الاستقرار الحقيقي لن يتحقق إلا بـ تجفيف منابع الإرهاب من جذورها الفكرية، اللوجستية، والتمويلية.
فالإرهاب، وفقًا للقراءة السياسية الجنوبية، ليس مجرد ظاهرة طارئة، بل هو "أداة فوضى منظمة" استخدمتها القوى المعادية لضرب السكينة العامة، وإرباك المسار التحرري الجنوبي، وإبقاء المنطقة رهينة للخوف، بما يخدم أجندات الاحتلال التي تسعى لعرقلة استعادة الدولة.
الانتقال من الدفاع إلى الهجوم الاستباقي: تحول نوعي في الميدان
شهدت العمليات العسكرية الأخيرة في محافظات أبين وشبوة ووادي حضرموت انتقالًا نوعيًا في إدارة الصراع. فلم تعد المواجهة محصورة في نطاق جغرافي ضيق، بل اتخذت طابع الشمولية والتزامن.
التخطيط الاستخباراتي والمبادرة
يشير الخبراء العسكريون إلى أن ما يميز "عملية الحسم" هو الاعتماد على:
المبادرة والهجوم الاستباقي: بدلًا من انتظار الهجمات، تقوم القوات الجنوبية بضرب أوكار الإرهاب في معاقلها الرئيسية.
التنسيق الاستخباراتي: نتاج تخطيط دقيق ومعرفة معمقة بطبيعة الأرض، مما أفقد الجماعات الإرهابية عنصر المفاجأة وقدرتها على المناورة.
إغلاق الثغرات: منع التنظيمات من إعادة التموضع أو استغلال الفراغات الأمنية في المناطق الجبلية والوعرة.
الالتفاف الشعبي: أمن الجنوب خط أحمر
لم تكن المعركة عسكرية فحسب، بل كانت مدعومة بزخم شعبي غير مسبوق. فقد عبر المواطنون في مختلف محافظات الجنوب عن دعمهم الكامل لهذه السياسة، معتبرين إياها استجابة حقيقية لتطلعاتهم في العيش الكريم والأمان الدائم.
وفي استطلاع للآراء، يقول أحمد عبد الله، أحد سكان العاصمة عدن: "الجنوب لم يعد يقبل التهاون، والمعركة الحالية هي صمام الأمان لكل عائلة جنوبية". ومن جانبه، يرى الصحفي عادل الحنشي أن "القوات الجنوبية أثبتت أن حماية المواطن ليست مجرد شعار، بل واقع ملموس، والزُبيدي يقود معركة وطنية بامتياز لترسيخ سيادة القانون".
الجنوب شريك دولي في مكافحة الإرهاب
يحمل الحسم العسكري في الجنوب رسالة قوية إلى المجتمع الدولي والقوى الإقليمية؛ فالجنوب يثبت يومًا بعد يوم أنه شريك جاد ومسؤول في الحرب العالمية على الإرهاب. إن تأمين الجغرافيا الجنوبية يعني بالتبعية:
حماية الممرات الملاحية الدولية في خليج عدن وباب المندب.
منع تحول الجنوب إلى "مساحة رخوة" تُستغل لتهديد الاستقرار الإقليمي.
تثبيت معادلة الأمن القومي العربي كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي الجنوبي.
معركة الوعي والسيادة: تجفيف المنابع الفكرية
تدرك القيادة الجنوبية أن الرصاصة وحدها لا تكفي لاجتثاث الإرهاب، لذا ترافقت العمليات العسكرية مع حملات توعوية تهدف إلى تحصين الشباب من الفكر المتطرف "الدخيل" على المجتمع الجنوبي المعروف بوسطيته. إنها معركة وعي وإرادة لإثبات أن الإرهاب لا مكان له في مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة.
التحديات والرهانات: الثبات نحو المستقبل
رغم حجم التحديات والمؤامرات التي يراهن عليها خصوم الجنوب، خاصة تلك القادمة من مطابخ الاحتلال اليمني التي دأبت على استخدام ورقة الإرهاب لابتزاز العالم، إلا أن القوات المسلحة الجنوبية تمضي بخطى ثابتة.
إن "عملية الحسم" تؤكد أن الأمن القومي الجنوبي خط أحمر، وأن تضحيات الشهداء والجرحى هي الوقود الذي ينير طريق الحرية. ومع استمرار عمليات تطهير الجيوب المتبقية، يخطو الجنوب العربي نحو مستقبل أكثر استقرارًا، مؤسسًا لدولة قوية قادرة على حماية حدودها وصون كرامة مواطنيها.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1