القوات الجنوبية في حضرموت: حضور استراتيجي لا يقبل التراجع
مع استمرار الديناميكية المتسارعة على الساحة في الجنوب العربي، يبرز نمط متكرر من محاولات التضليل الإعلامي التي تسعى إلى بعثرة الأوراق وإرباك المشهد. في هذا السياق، شهدت الأيام القليلة الماضية تداولًا لشائعات تزعم وجود ترتيبات لانسحاب القوات المسلحة الجنوبية من وادي حضرموت. هذه المزاعم، التي استهدفت قلب الاستقرار والجهود الأمنية في واحدة من أهم محافظات الجنوب، لم تمر دون رد قاطع، حيث أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي نفيًا رسميًا يدحض هذه المعلومات، مؤكدًا على الثبات الاستراتيجي والالتزام بتعزيز الأمن في المنطقة.
النفي الجنوبي لم يكن مجرد تصحيح لخبر غير دقيق، بل كان بمثابة إشارة قوية تُطمئن الشارع الجنوبي وتؤكد أن المكتسبات العسكرية والأمنية التي تحققت على الأرض هي خطوط حمراء لا يمكن التراجع عنها. هذه الواقعة تكشف عن طبيعة المعركة المزدوجة التي يخوضها الجنوب، معركة الميدان ضد قوى الإرهاب والتطرف، ومعركة الوعي ضد محاولات التشكيك في صلابة المشروع الجنوبي.
دلالات النفي: رسالة ثبات ورؤية استراتيجية
النفي الرسمي الذي صدر عن مصدر في المجلس الانتقالي الجنوبي يحمل في طياته دلالات أعمق تتجاوز حدود الخبر العاجل. إنه يعكس رغبة القيادة الجنوبية في تأكيد ثبات الرؤية تجاه مشروع التحرر الوطني، ويضع حدًا فوريًا لموجة الشائعات التي تهدف إلى إثارة القلق في أوساط الجنوبيين.
طمأنة للداخل الجنوبي:
تأتي أهمية هذا النفي في كونه درعًا واقيًا يحمي المزاج الشعبي من أي محاولات تستهدف التشكيك في صلابة المشروع الجنوبي أو زرع بذور القلق بشأن مستقبل حضرموت. بعد الزخم الكبير الذي رافق المكاسب الأمنية الأخيرة ودحر الإرهاب في بعض مناطق الجنوب، كان من الضروري وضع الأمور في نصابها الصحيح. القيادة الجنوبية تدرك أن الحفاظ على معنويات عالية ووحدة الصف هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية الجنوب لتحقيق الاستقرار.
تحديد للموقف الخارجي:
على المستوى الخارجي، يمثل النفي خطوة استباقية تقطع الطريق أمام التأويلات المغرضة. الشائعات غالبًا ما تُستخدم كأرضية خصبة لتبرير ضغوط سياسية أو لمحاولة إعادة خلط الأوراق على الساحة الدولية والإقليمية. بتأكيد عدم وجود أي ترتيبات للانسحاب، يرسل المجلس الانتقالي رسالة واضحة بأن الوجود العسكري في وادي حضرموت هو وجود استراتيجي وغير قابل للمساومة أو التفسير على أنه ترتيب مؤقت.
تحليل الشائعات: نمط متكرر لاستهداف التقدم الجنوبي
موجة الشائعات حول ترتيبات مزعومة لانسحاب القوات الجنوبية من حضرموت ليست حادثة معزولة، بل تكشف عن نمط متكرر من محاولات استهداف المشهد الجنوبي في لحظات مفصلية من مسار الصراع. تبرز هذه المحاولات بشكل خاص كلما حققت القوات المسلحة الجنوبية تقدمًا ملموسًا على الأرض في معركتها ضد قوى الفوضى والإرهاب.
هذه الرواية الكاذبة لا تنفصل عن سياق سياسي أوسع يسعى إلى:
إضعاف التقدم: تقويض الإنجازات التي حققتها القوات الجنوبية في فرض الأمن والسيطرة.
إرباك الرأي العام: خلق حالة من البلبلة في توقيت تشهد فيه حضرموت تحولات استراتيجية متسارعة، خصوصًا مع تزايد المطالب الشعبية بتمكين القوات المحلية من إدارة شؤون المحافظة.
الوقائع الميدانية تؤكد أن الوجود العسكري الجنوبي في وادي حضرموت وفي عموم الجنوب بات رقمًا صعبًا في معادلة الأمن، وأنَّ هذا الحضور يتجه نحو مزيد من التوسع المنظم على أساس الأولويات العسكرية والاستراتيجية. وهذا ما يعزز القراءة الرافضة لفرضية الانسحاب؛ فالتحركات الجنوبية الأخيرة تعكس اتجاهًا واضحًا نحو تثبيت السيطرة وتعزيز القدرات الدفاعية.
إن تزامن الشائعات مع التقدم الميداني الجنوبي ليس أمرًا عفويًا، بل هو دليل على أن الأطراف المعادية باتت تدرك أن الجنوب يمرّ بمرحلة تُبنى فيها قواعد جديدة لـتوازن القوى. الوجود العسكري في حضرموت يشكّل أحد أعمدة هذا التوازن، خاصة في ظل حالة التراجع التي تعيشها القوى المعادية، سواء تلك المرتبطة بالحوثيين أو التي تتقاطع مصالحها مع جماعات متطرفة.
الجنوب يتصرف اليوم وفق استراتيجية طويلة المدى، تتجاوز إدارة المعارك اللحظية إلى عملية بناء شاملة:
إدارة الأرض: تثبيت الوجود المدني والعسكري لتعزيز الاستقرار.
بناء المؤسسات: تعزيز هياكل الدولة الجنوبية الناشئة.
تحصين الجغرافيا: العمل على تأمين كل شبر من الجنوب ضد محاولات الاختراق من قبل قوى الإرهاب والتدخلات الخارجية.
وفي الختام، فإن النفي القاطع لشائعة الانسحاب من وادي حضرموت هو تأكيد على أن القوات المسلحة الجنوبية ماضية في طريقها لـدحر الإرهاب واستكمال مشروعها الوطني، وأن محاولات التضليل لن تُغير من الحقائق الراسخة على الأرض، حيث الثبات هو العنوان الرئيسي للمرحلة الحالية.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1