استراتيجية الجنوب الصلبة.. كيف يعزز الزُبيدي الأمن ويحوّل الانتصارات الميدانية إلى مشروع بناء دولة؟
يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، نهجًا استراتيجيًا متكاملًا لا يقتصر على الصراع العسكري فحسب، بل يركز بشكل أساسي على تعزيز الأمن، وحماية المكتسبات، وصون الإنجازات الميدانية التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية.
هذا النهج يعكس وعيًا عميقًا بأن النصر الحقيقي يكمن في بناء مؤسسات قادرة على تأمين الاستقرار المستدام وتلبية تطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة الدولة.
وتشكل هذه الاستراتيجية محورًا للتحركات السياسية والعسكرية الأخيرة، خاصة بعد النجاحات الكبيرة التي تحققت في عمليات مكافحة الإرهاب والانتصارات الأخيرة في وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة.
حماية المكتسبات: صيانة الإنجازات الأمنية والعسكرية
تدرك القيادة الجنوبية أن الإنجازات الميدانية، مهما كانت عظيمة، تحتاج إلى منظومة حماية دائمة لمنع أي محاولة لتقويضها. ويتمثل هذا المحور في عدة نقاط رئيسية:
تثبيت السيطرة الإقليمية: العمل على بسط سيطرة القوات المسلحة الجنوبية الكاملة على كافة الأراضي الجنوبية، وهو ما يظهر جليًا في عمليات "سهام الشرق" و"المستقبل الواعد".
تعزيز المؤسسة العسكرية: التركيز على إعادة هيكلة وتدريب القوات المسلحة الجنوبية والأمنية لتكون مؤسسات وطنية كفؤة، قادرة على حماية الحدود الجنوبية والتصدي لكافة التهديدات الداخلية والخارجية، سواء كانت إرهابية أو مرتبطة بالقوى المعادية.
التأمين الاقتصادي: يرتبط الأمن ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد؛ لذا فإن حماية الموانئ والموارد النفطية والغازية هي جزء أصيل من استراتيجية حماية المكتسبات، لضمان استمرار تدفق الإيرادات لخدمة الشعب.
تعزيز الأمن الداخلي: مكافحة الإرهاب والفوضى
يعتبر الزُبيدي أن الأمن الداخلي هو صمام أمان المشروع الوطني الجنوبي. وقد أثبت المجلس الانتقالي جديته في هذا الملف عبر جهود مكافحة الإرهاب والفوضى:
مكافحة الإرهاب: النجاح المستمر في استئصال جيوب التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، خاصة في أبين وشبوة ووادي حضرموت. هذا التطهير الأمني يهدف إلى توفير بيئة خالية من التهديدات لتمكين الحياة الطبيعية وتسهيل عملية التنمية.
تفعيل دور القضاء والأمن: العمل على دعم الأجهزة الأمنية والقضائية لفرض سيادة القانون، والتعامل بحزم مع مظاهر الفوضى والجريمة المنظمة، مما يعزز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة المستقبلية.
دور القوات الجنوبية في المهرة: التدخل الأخير في المهرة يهدف إلى إحكام القبضة الأمنية ومنع تحول المحافظة إلى بؤرة للتجنيد أو التخريب، مما يضمن أمن الحدود الشرقية للجنوب.
النهج الاستراتيجي: تحويل القوة إلى بناء دولة
النضج السياسي للقيادة الجنوبية يظهر في قدرتها على استخدام الانتصارات العسكرية كأرضية صلبة للانتقال إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة. هذا التحول الاستراتيجي يتم عبر:
التفويض الشعبي والمظلة السياسية: يُعد المجلس الانتقالي، بفضل التفويض الشعبي الواسع والاعتصامات الأخيرة التي أكدت هذا التفويض، هو الحامل السياسي الوحيد للقضية الجنوبية على أي طاولة مفاوضات مستقبلية. القيادة تحول هذا الدعم إلى شرعية دولية للتحرك نحو الاستقلال.
الشفافية والحوكمة: أكد الرئيس الزُبيدي مرارًا على أن الدولة القادمة ستُبنى على أسس الكفاءة والشفافية والمشاركة المجتمعية، وأنها ستكون حاضنة لكل أبناء الجنوب. هذا الوعد يعزز من التلاحم الداخلي ويقلل من فرص ظهور الخلافات.
الشراكة الإقليمية والدولية: يحرص المجلس الانتقالي على بناء علاقات استراتيجية متينة، خاصة مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. هذا الدعم الإقليمي ضروري ليس فقط لحماية الأمن، ولكن أيضًا لتمويل ودعم عملية البناء والتنمية في الجنوب.
الزُبيدي.. قيادة حازمة نحو المستقبل
يُظهر الأداء القيادي للواء الزُبيدي نهجًا حازمًا وموجهًا استراتيجيًا، حيث يجمع بين صرامة القائد العسكري ومرونة السياسي الواعي بالتوازنات الإقليمية والدولية. هذا التوازن هو ما مكن الجنوب من تحقيق تقدم ملموس على الأرض، وتحويل إرادة الشعب الجنوبي إلى مشروع دولة قادم بثبات.
إن تبني هذا النهج الاستراتيجي المتكامل يضمن أن الجنوب لا يكتفي بردع التهديدات الحالية، بل يعمل على تأمين مستقبل مستقر، ووضع الجنوب العربي كعنصر فاعل ومحوري في المنظومة الإقليمية، وصمام أمان لمحيطه.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1