التاريخ يُكتب في الميادين: نداء الكرامة والحرية من ساحة العروض لاستعادة الدولة الجنوبية
شهدت الساحة السياسية الجنوبية تصعيدًا جديدًا في حراكها الشعبي، مدفوعًا بزخم الانتصارات العسكرية الأخيرة، وتجسد هذا التصعيد في دعوة جماهيرية واسعة للتجمع في ساحة العروض التاريخية.
هذه الدعوة، التي تجاوزت كونها مجرد فعل احتجاجي، لتصبح إعلانًا سياسيًا مدويًا، تؤكد أن شعب الجنوب يقف اليوم أمام منعطف تاريخي حاسم، يفرض على كل صاحب ضمير ووطنية أن يكون جزءًا من "لحظة الإصرار الجمعي" لاستكمال مشروع استعادة الدولة الجنوبية. فاللحظات التي تُصنع فيها مصائر الشعوب لا تحتمل التردد، وتتطلب من الجماهير أن تُحول الميادين إلى منابر حية تُرسم عليها ملامح المستقبل.
ساحة العروض: منبر الإرادة الجنوبية ومقبرة الظلم
تكتسب الدعوة للعودة إلى ساحة العروض أهمية مضاعفة، نظرًا لتاريخ هذه الساحة كأيقونة للثورة الجنوبية. فهي ليست مجرد ميدان، بل هي "المنبر الذي وُلدت فيه الإرادة الجنوبية، والشاهد الأول على أصوات الجماهير التي رفضت الظلم وأعلنت تمسكها بهويتها".
رسالة سياسية لا تحتمل التأويل
إن الاعتصام الجنوبي القادم في هذه الساحة يُعتبر أكثر من مجرد مظاهرة. إنه "رسالة سياسية واضحة" موجهة إلى الداخل والخارج، تؤكد أن شعب الجنوب لا يزال حيًا، واعيًا، ومصممًا على انتزاع حقوقه الشرعية في تقرير المصير. في ظل تعقيدات المفاوضات الإقليمية والدولية حول مستقبل اليمن، يهدف هذا الحراك إلى تذكير العالم بأن إرادة الجماهير على الأرض هي العامل الحاسم الذي لا يمكن تجاهله أو تجاوزه. الوجود الكثيف في ساحة العروض هو إعلان فعلي بأن مشروع استعادة الدولة الجنوبية ليس مجرد شعار عابر، بل هو حلم متجذر مدعوم بالتضحيات ومؤمن بالحق.
رفض العودة إلى "المربع الأول"
أحد المحاور الرئيسية في هذه الدعوة هو التعبير عن الرفض المطلق للقبول بأي تسوية أو ترتيبات قد تعيد الجنوب إلى ما يسميه الخطاب السياسي "المربع الأول"؛ أي حالة ما قبل تحرير المدن والتمكين الجنوبي. فالجنوب، الذي "قدم قوافل الشهداء" وبذل أثمن التضحيات من أجل حريته وسيادته، لن يسمح اليوم بمصادرة حلمه. هذا الموقف الحاسم يؤكد على ضرورة البناء على ما تحقق من مكاسب عسكرية وسياسية، واعتبار التضحيات دِيْنًا يجب أن يُسدد باستعادة الدولة العادلة والمستقلة.
متطلبات اللحظة التاريخية: الفعل بدلًا من الانتظار
يؤكد الخطاب الجنوبي أن المستقبل "يُبنى بالفعل لا بالانتظار"، مما يفرض على جميع المكونات السياسية والشعبية التوحد خلف هذا الهدف. إن الإصرار على استعادة الدولة الجنوبية يتطلب تحويل ساحة العروض إلى "لوحة شعبية من الإصرار والوعي" ترسم من خلالها الجماهير ملامح المستقبل الذي تتوق إليه.
الوعي والتصميم: سلاح الجماهير
إن الدعوة للتوجه إلى الميادين تستهدف حشد "كل حر، وكل صوت يؤمن بأن المستقبل يُبنى بالفعل"، فالقوة الحقيقية للجنوب تكمن في وحدته الداخلية وقدرته على التعبير عن إرادته بشكل جماعي. هذا الاعتصام الجنوبي ليس مجرد حشد، بل هو تجسيد للوعي السياسي بضرورة ترجمة التضحيات إلى واقع سياسي معترف به دوليًا، والضغط على المجلس الانتقالي للمضي قدمًا نحو الإعلان الرسمي.
الدولة المستقلة: الهدف الذي لا يتغير
الهدف النهائي لهذه التحركات يظل ثابتًا: دولة مستقلة، آمنة، عادلة، وذات سيادة. وهذه الرؤية تتجاوز المطالب الجزئية؛ فهي رؤية لمستقبل يتمتع فيه أبناء الجنوب بالعدل والمساواة، وتتم حماية مواردهم وثرواتهم، وتُبنى فيه المؤسسات على أسس النزاهة والكفاءة. إن تقرير المصير هنا ليس مجرد حق سياسي، بل هو مفتاح الاستقرار والتنمية في المنطقة.
التاريخ يُكتب بأقدام السائرين في الميادين
في ختام هذا النداء، تتضح رسالة الجنوبيين بجلاء: لا عودة إلى الماضي، ولا تهاون في الحقوق. إن ساحة العروض تعود اليوم لتكون بؤرة الإشعاع لـ الإرادة الجنوبية المطالبة بـ استعادة الدولة الجنوبية. فالقول الفصل في هذا المنعطف التاريخي سيكون لـ "صوت الجماهير التي لا تخشى الموت في سبيل الحرية"، ولـ "أقدام السائرين في الميادين". هذا الاعتصام الجنوبي هو خطوة حاسمة لإثبات أن قرار المصير يكمن في قبضة الشعب، وأن لا قوة يمكنها أن تصادر حلمًا بُني على أساس قوافل من التضحيات والشهداء.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1