الانتشار التاريخي للقوات المسلحة الجنوبية بوادي حضرموت: نهاية ثلاثة عقود من القمع
في تحول تاريخي طال انتظاره، شهد وادي حضرموت انتشارًا واسعًا للقوات المسلحة الجنوبية، وهي خطوة استجابت بشكل مباشر لنداءات الجماهير وتطلعاتها المتصاعدة لإنهاء فترة قمع ووجود عسكري يوصف بـ "الاحتلال اليمني" دام لأكثر من 3 عقود.
هذا الانتشار لم يأتِ من فراغ، بل هو تتويج لمراحل طويلة من المقاومة الشعبية والمطالبات المتكررة بتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم وحماية أراضيهم.
ثلاثة عقود من القمع: خلفية الانتشار
تمثل الفترة التي أعقبت حرب صيف 1994، والتي أدت إلى الوحدة القسرية، الأساس الذي بنيت عليه مطالب التحرير في وادي حضرموت.
فقد عانت المنطقة، على مدار ثلاثة عقود، من وجود قوات "دخيلة" اتهمتها الأوساط الجنوبية بالتقاعس المتعمد عن مكافحة الإرهاب، والإهمال التنموي، وممارسة القمع الممنهج ضد أي حراك شعبي يطالب بالحقوق أو الاستقلال.
لم يكن وادي حضرموت، المعروف بثرواته النفطية وموقعه الاستراتيجي، مجرد منطقة متأثرة بالصراع، بل كان بؤرة للتوترات بسبب إصرار القوات التابعة لـ "الاحتلال اليمني" على البقاء، ممثلة في الأغلب بـ المنطقة العسكرية الأولى. هذه القوات أصبحت، في نظر الجماهير المحلية، رمزًا للقمع ومانعًا رئيسيًا لأي تنمية أو استقرار، مما أدى إلى تراكم الغضب الشعبي وتصاعد الدعوات لـ دحر القوات الدخيلة.
القوات المسلحة الجنوبية: استجابة لنداء الجماهير
جاء انتشار القوات المسلحة الجنوبية ليترجم إرادة شعبية واضحة ومطلبًا جماهيريًا لا لبس فيه. وقد تم هذا التحرك بالتنسيق الكامل مع المكونات المحلية، بما في ذلك الحركات الشبابية والقبلية التي ضاقت ذرعًا بالوضع الأمني والإداري المتردي. يُنظر إلى هذا الانتشار على أنه استجابة لـ "نداءات الجماهير" التي طالبت بضرورة التدخل لملء الفراغ الأمني وتحقيق السيادة المحلية.
تشير التقارير إلى أن عملية الانتشار تمت بشكل محترف، حيث هدفت إلى السيطرة على المواقع الاستراتيجية والمنافذ الرئيسية في الوادي والصحراء. هذا الإجراء يهدف إلى قطع الطريق أمام أي محاولة لإعادة تموضع القوات المغادرة أو أي عناصر إرهابية تحاول استغلال الفوضى. ويؤكد القادة الجنوبيون أن هدف الانتشار ليس احتلالًا بديلًا، بل هو تمكين حضرموت من أبنائها عبر مؤسسة عسكرية جنوبية ذات عقيدة وطنية موحدة.
الآثار الأمنية والاقتصادية للتحرر
من المتوقع أن يكون لانتشار القوات المسلحة الجنوبية تأثيرات عميقة على المشهد الأمني والاقتصادي في المنطقة. أمنيًا، يهدف الانتشار إلى القضاء النهائي على بؤر التوتر والإرهاب التي ازدهرت في ظل غياب سيطرة القوات المحلية. وقد شهدت المنطقة تحسنًا ملحوظًا في الحالة الأمنية بعد السيطرة على الطرق الرئيسية والمناطق الصحراوية التي كانت ملاذًا للجماعات المتطرفة.
اقتصاديًا، يعد وادي حضرموت القلب النابض لجنوب اليمن، إذ يضم حقولًا نفطية مهمة. إن إنهاء حالة القمع والفوضى يمهد الطريق لإعادة استئناف الإنتاج النفطي بشكل كامل وزيادة العائدات التي يمكن توجيهها نحو مشاريع التنمية المحلية. هذا التحول يدعم بقوة مشروع التحرر الاقتصادي والسياسي لـ الجنوب، ويعد إنجازًا ملموسًا للجماهير التي عانت من سوء إدارة الموارد على مدى العقود الماضية.
المستقبل الواعد: ترسيخ السيادة الجنوبية
يرتبط هذا الانتشار ارتباطًا وثيقًا بالعمليات العسكرية السابقة، مثل عملية "المستقبل الواعد" التي أثبتت جاهزية القوات الجنوبية لاستلام زمام الأمور. هذه المرحلة الجديدة تركز على ترسيخ السيادة الجنوبية بشكل كامل في وادي حضرموت، والعمل على تطبيع الحياة اليومية.
إن دحر القوات الدخيلة يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق حق تقرير المصير للشعب الجنوبي. فالجماهير ترى في هذا الانتشار نهاية لمعاناة دامت طويلًا، وبداية لمرحلة جديدة من البناء والازدهار. هذا التحول الكبير يؤكد أن إرادة الشعب هي القوة الدافعة الحقيقية وراء هذا الانتصار، وأن تحرير حضرموت يمثل حجر الزاوية في بناء الدولة الجنوبية المنشودة.
يمكن القول إن انتشار القوات المسلحة الجنوبية في وادي حضرموت ليس مجرد تغيير عسكري، بل هو إعلان عن نهاية حقبة سوداء من القمع وبداية لعهد جديد من التمكين المحلي والسيادة. هذا الحدث التاريخي يرسخ موقع وادي حضرموت كقلعة للجنوب، ويفتح الأبواب أمام مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لأبنائها.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1