القيادة الجنوبية والرؤية الاستراتيجية.. كيف يحوّل الزُبيدي وادي حضرموت والمهرة إلى ساحات سيادة؟
تشهد محافظتا وادي حضرموت والمهرة تطورات ميدانية وسياسية متسارعة، يُنظر إليها على نطاق واسع في الأوساط الجنوبية والإقليمية على أنها امتداد طبيعي ومُخطط له لمسار استراتيجي طويل الأمد، تقوده القيادة الجنوبية وفي مقدمتها اللواء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس المجلس الرئاسي.
وتؤكد هذه التطورات أن النجاحات العسكرية والأمنية الأخيرة ليست وليدة الصدفة، بل هي ثمرة تخطيط دقيق ورؤية شاملة تهدف إلى ترسيخ أسس السيادة على الأرض واستعادة القرار الجنوبي.
الرؤية الاستراتيجية للزُبيدي: توحيد الميدان بالسياسة
استطاع الرئيس عيدروس الزبيدي خلال السنوات الماضية صياغة رؤية واضحة المعالم، تتمحور حول هدف مركزي هو إعادة تموضع الجنوب ككيان مستقر وقادر على إدارة شؤونه بشكل مستقل ومسؤول. وتتجلى هذه الرؤية في التوجيهات الاستراتيجية التي صدرت مؤخرًا للعمليات في وادي حضرموت والمهرة.
لقد برزت توجيهات الزبيدي بوصفها إطارًا جامعًا يربط بين الأهداف العسكرية الميدانية والأولويات السياسية العليا. فالمعادلة التي تعمل عليها القيادة الجنوبية توازن بدقة بين متطلبات حماية أرض الجنوب العربي من أي تهديدات أمنية وعسكرية، وبين ضرورة بناء مؤسسات فعالة وقادرة على إدارة الجغرافيا الجنوبية بكفاءة. هذا النهج يضمن أن كل خطوة على الأرض هي جزء من مسار طويل وموحد، وليس مجرد تحركات معزولة، مما يعزز الهدف الأكبر لـ استعادة السيطرة الكاملة على أراضي الجنوب العربي.
وادي حضرموت والمهرة: نقلة نوعية في مفهوم الإدارة
إن التطورات التي تشهدها كل من وادي حضرموت والمهرة تمثل دليلًا قاطعًا على نجاح الرؤية الاستراتيجية. فالمكاسب الأمنية والانتشار المُنظّم للقوات المسلحة الجنوبية في مناطق كانت تعتبر معقلًا لقوات الشمال أو ساحة لنشاط الميليشيات والإرهاب، لم يكن ليتحقق دون توجيهات رشيدة وتخطيط دقيق.
القيادة الجنوبية تنظر إلى هذه الخطوات بوصفها انتقالًا نوعيًا في مفهوم إدارة الجغرافيا الجنوبية فبدلًا من أن تبقى هذه المناطق مساحات للنزاع والفوضى، يتم تحويلها بشكل منهجي ومدروس إلى ساحات سيادة منظّمة. هذا الانتقال يتجاوز مجرد الحسم العسكري ليطال الجوانب المؤسسية، حيث يتم التركيز على تفعيل الأجهزة الأمنية والإدارية لـ تطوير الخدمات وحماية الأمن، بما يخدم استراتيجية القيادة في إثبات قدرة المجلس الانتقالي على إدارة الدولة المستقبلية.
الاصطفاف الشعبي: الشرعية المجتمعية للإنجازات
لا يمكن فصل النجاحات الميدانية عن دور الاصطفاف الشعبي الحاسم الذي لعب دور الرافعة والمحرك للعملية برمتها. لقد عبر المجتمع الجنوبي بجميع تكويناته، القبلية والمدنية والشبابية، عن إيمان عميق بعدالة القضية الجنوبية، وعن اقتناع راسخ بأن السير خلف هذه القيادة هو الطريق الأقصر نحو تحقيق الاستقرار الدائم والسيادة.
هذا التكامل الجنوبي الداخلي بين القيادة والجماهير أفرز بيئة مواتية لتطبيق الرؤى الاستراتيجية للرئيس الزبيدي. وقد أضفى هذا الالتفاف الشعبي شرعية مجتمعية واسعة على الإنجازات الميدانية، مؤكدًا الانسجام التام بين إرادة القيادة وتطلعات المواطنين. فالقاعدة الشعبية الواسعة تدرك أن مستقبل الجنوب يُصنع عبر خطوات واعية تتكامل فيها الجهود على مختلف المستويات.
تراكم الخبرات وتثبيت الحضور الإقليمي
في المحصلة، يتضح أن ما تحقق من انتصارات في هذه المحافظات الحيوية هو نتاج تراكم خبرات عسكرية وسياسية طويلة، مدعومة بـ رؤية سياسية تتقدم بثبات رغم التحديات الإقليمية والدولية. هذا النهج ليس موجهًا نحو الداخل فقط، بل يهدف إلى إعادة تموضع الجنوب في خارطة الاستقرار الإقليمي والدولي.
النجاح في بسط الأمن وتفعيل المؤسسات في مناطق كانت تمثل تحديًا أمنيًا كبيرًا، يعزز من حضور المجلس الانتقالي بوصفه كيانًا مستقرًا وقادرًا على التعامل بمسؤولية مع الجغرافيا والموارد. وبذلك، فإن التطورات في وادي حضرموت والمهرة هي أكثر من مجرد تحركات؛ إنها دليل على أن القيادة الجنوبية تسير بخطى واثقة نحو استعادة القرار الجنوبي، مدعومة بإرادة شعبية لا تتزعزع.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1