إحكام القبضة الجنوبية: المهرة وحضرموت.. استراتيجية الانتشار المنظّم نحو الاستقرار
تشهد الساحة الجنوبية اليوم تحولًا جذريًا في المشهد العسكري والأمني، مع الإعلان عن إحكام القوات المسلحة الجنوبية سيطرتها على مناطق واسعة وحيوية في محافظة المهرة.
يأتي هذا الإنجاز تتويجًا لمرحلة عملياتية ناجحة سبقتها في وادي حضرموت، حيث تم تثبيت الأمن وإزاحة التشكيلات الإرهابية الإخوانية التي مثلت لسنوات مصدرًا رئيسيًا للتوتر والفوضى والإرهاب. هذا التقدم المتدرج يمثل نقلة نوعية في قدرة القوات الجنوبية على إدارة الجغرافيا واستعادة الاستقرار.
تسلسل عملياتي دقيق: مفتاح النجاح في المهرة وحضرموت
إن نجاح القوات الجنوبية في المهرة، بعد تجربة حضرموت، لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة مسار عسكري وأمني متدرج اتسم بالاحترافية والتنظيم العالي. هذا التسلسل العملياتي أضفى على التحركات طابعًا تنسيقيًا محكمًا، وهو ما أسهم في:
تقليل الخسائر: تنفيذ العمليات بخطوات محسوبة قلّل من الاحتكاكات غير الضرورية وحافظ على الأرواح والممتلكات.
إعادة انتشار محسوبة: سمح بتمركز القوات بطريقة مدروسة، تضمن الانتقال من حالة "التحرك المتسارع" إلى حالة "التمركز المؤسسي".
استقرار المنطقة قبل الانتقال: استراتيجية تثبيت الأمن في منطقة (وادي حضرموت) قبل الانتقال إلى أخرى (المهرة) خففت من الضغوط الميدانية والإدارية، وأتاحت بناء أسس صلبة للسيطرة.
هذا الأسلوب يشير بوضوح إلى وجود رؤية بعيدة المدى لدى القيادة الجنوبية، لا تهدف فقط إلى السيطرة العسكرية، بل إلى إدارة الجغرافيا الجنوبية بصورة أكثر انتظامًا وفعالية، بعيدًا عن الارتجالية.
الأهمية الاستراتيجية للمهرة: البوابة الشرقية للجنوب
تكتسب العمليات الأخيرة في المهرة أهمية استراتيجية قصوى لا يمكن إغفالها. فمحافظة المهرة تمثل البوابة الشرقية للجنوب العربي، وهي منطقة واسعة ذات اتصال بحدود بحرية وبرية حيوية. السيطرة الفاعلة على هذه المنطقة تُعد نقطة ارتكاز أساسية لأي منظومة أمنية تسعى إلى تحقيق الاستقرار الشامل في الجنوب العربي.
إن إحكام السيطرة على المهرة يتيح للقيادة الجنوبية إدارة الملفات الحيوية التالية بصورة أكثر كفاءة وانسجامًا:
الملف الأمني: تضييق الخناق على أي فراغ أمني يمكن أن تستغله الجماعات المسلحة أو الشبكات الإرهابية التي نشطت في تلك المناطق على مدار السنوات الماضية.
الملف الاقتصادي: الحد من نشاط شبكات التهريب غير الشرعية التي كانت تستنزف موارد المنطقة وتزعزع استقرارها الاقتصادي.
تأمين الحدود: تعزيز قدرة القوات الجنوبية على حماية الحدود البرية والبحرية، ما ينعكس إيجابًا على الأمن الإقليمي والدولي للممرات المائية.
ربط العمليات بالهدف الأسمى: استعادة الدولة
ما يجري على الأرض في المهرة، وقبلها في حضرموت، ليس مجرد عملية لتغيير السيطرة، بل هو جزء أصيل من مسار تحرري جنوبي أوسع. هذا المسار يهدف بوضوح إلى استكمال متطلبات الأمن والسيادة تمهيدًا لـاستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.
لقد أثبتت القوات المسلحة الجنوبية قدرتها على التحرك وفق خطة استراتيجية محكمة، تراعي الأبعاد السياسية والأمنية والمجتمعية. هذا الأداء يُرسخ موقع المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة ضامنة للاستقرار، ومؤهلة لقيادة المرحلة الانتقالية نحو الهدف الأسمى. بالنسبة للجنوبيين، فإن هذا المسار هو خيار لا رجعة فيه، مدعوم بإرادة شعبية صلبة وتضحيات ميدانية متواصلة.
إن التطورات المتلاحقة تعزز القناعة بأن الجنوب العربي يتجه نحو مرحلة جديدة من السيادة المنظمة والاستقرار الدائم، بعيدًا عن فوضى النفوذ والجماعات الإرهابية. النجاح في حضرموت والمهرة يمثل خطوة عملاقة نحو تحقيق تطلعات شعب الجنوب في الحرية والكرامة والعيش في دولة آمنة ومستقرة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1