اعتصام سيئون يُشعل فتيل التغيير: حضرموت تحسم موقعها ضد المنطقة العسكرية الأولى والتخادم الإخواني الحوثي
شهدت حضرموت لحظة سياسية مفصلية بامتياز، تعيد رسم موازين القوة وتحدد مسار المستقبل لـ الجنوب العربي بأكمله، لم يأتِ الاعتصام الشعبي السلمي في شارع الستين بسيئون كحدث احتجاجي عابر، بل تجلى كـفعل تاريخي ممتدّ، كاشفًا عن وعي جديد وصاعد لدى أبناء وادي حضرموت وعموم الجنوب.
هذا الحراك يعكس إدراكًا شعبيًا عميقًا بأن مرحلة الانتظار قد انتهت، وأنّ الحاجة إلى تموضع جديد يتجاوز الخطر ويحصّن المستقبل أصبحت ضرورة وجودية.
حضرموت تحسم موقفها: رفض قطعي للتمدد الحوثي والإخواني
لقد لعبت جغرافية حضرموت الحيوية دورًا في جعلها محورًا لمحاولات القوى المتصارعة للتمدّد، لكن الرسالة التي خرج بها المعتصمون اليوم كانت واضحة لا لبس فيها: حضرموت ترفض أن تكون مددًا للإمامة الحوثية أو جسرًا جديدًا لتمددها نحو الجنوب. هذا الموقف الحازم يتأسس على قراءة سياسية معمّقة تستحضر دروس الماضي القريب.
أدرك المعتصمون أن الإبقاء على المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت يعني عمليًا توفير منفذ استراتيجي للحوثيين وداعميهم للتوغل والاقتراب من الجنوب العربي. وأي تساهل أو تأخير في مواجهتها لن يعود إلا بكلفة مضاعفة على حضرموت خاصة وعلى الجنوب عامة، مما يحول مطلب تحرير وادي حضرموت إلى أولوية قصوى.
المنطقة العسكرية الأولى ومخاطر التخادم الإخواني الحوثي
يُظهر التحليل الأمني والسياسي لسنوات طويلة أن المنطقة العسكرية الأولى لم تعد مؤسسة وطنية بالمعنى التقليدي. بل تحولت، حسب الرؤية الشعبية، إلى مركز تخادم مباشر بين الإخوان والحوثيين.
ظواهر مثل شبكات التهريب، خطوط الدعم اللوجستي، عمليات نقل المطلوبين، وإيواء عناصر مرتبطة بالإرهاب، كلها باتت ظواهر مرتبطة بوجود هذه القوات. هذا التخادم الإخواني الحوثي قد شكل عمليًا بنية أمنية موازية لا تخضع للقرار الشرعي، بل تديرها قوى تعارض تطلعات الجنوب وتتناغم بصورة مريبة مع الأجندة التوسعية. ومعه، بات من الواضح أن بقاء المنطقة العسكرية الأولى ليس مجرد مشكلة إدارية، بل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي. لذلك تحوّل مطلب رحيل هذه القوات إلى قضية وجودية.
اعتصام سلمي شعبي شامل: شرعية داخلية وغطاء دولي
تميز اعتصام سيئون بطابع سلمي صارم ومؤكد، ما أضفى عليه قوة سياسية استثنائية. لم يظهر سلاح، بل حضرت حضرموت بكل أطيافها تحت شعار "الرد الشعبي المباشر".
هذا الطابع السلمي لم يكن مجرد خيار أخلاقي، بل خطوة سياسية واعية تمنح الاعتصام شرعية داخلية واسعة، وقوة أخلاقية لا يمكن تجاهلها، وغطاءً سياسيًا أمام المجتمع الدولي. الرد الشعبي المباشر الذي ارتبط بالاعتصام عبّر عن فهم واعٍ بأن التحرك جاء من الناس أنفسهم، وأنه ليس جزءًا من لعبة نخب سياسية. لقد قدّم الاعتصام نفسه كـاستفتاء شعبي مفتوح على مستقبل وادي حضرموت.
شارع الستين بسيئون: اختيار المكان كفعل سياسي استراتيجي
تحوّل المخيم الشعبي في شارع الستين بسيئون خلال الأيام الماضية إلى مركز ثقل سياسي. اختيار المكان لم يكن صدفة، فالأهمية الجغرافية لـشارع الستين جعلت منه موقعًا مثاليًا لإيصال رسالة مفادها أن الاعتصام ليس محصورًا في زاوية، بل يحتل قلب المدينة. استقبال الوفود القادمة من مختلف المديريات جسّد الإرادة الموحدة بين أبناء حضرموت.
المنطقة العسكرية الأولى والإرهاب باتا مرتبطين في الخطاب الشعبي والإعلامي. التقارير الأممية حول استخدام وادي حضرموت كممر للتهريب، ووجود عناصر مطلوبة دوليًا، جعلت ربط مطلب رحيل هذه القوات بملف مكافحة الإرهاب استراتيجية سياسية توفر غطاءً دوليًا يصعّب على أي طرف الدفاع عن بقائها.
تحرير وادي حضرموت: معركة مستقبل الجنوب العربي
لقد أعلن المعتصمون أهدافهم بوضوح: تحرير كامل مديريات وادي وصحراء حضرموت، وبسط السيادة الأمنية الجنوبية عليها. هذا الإعلان جعل الاعتصام جزءًا من المشروع الوطني الجنوبي العربي الشامل.
الإصرار الشعبي على أن الاعتصام بلا توقف حتى تحقيق المطالب كاملة شكل نقطة قوة كبرى. وقد كان الأول من ديسمبر يومًا مفصليًا لحضرموت والجنوب، حيث عكس الحشد المتوقع تفويضًا شعبيًا واسعًا ودعمًا جماهيريًا عابرًا للمناطق، مؤكدًا أن معركة حضرموت هي معركة الجنوب بأكمله من أجل استعادة قراره.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1