< حضرموت في قلب الحدث: دلالات اختيارها مركزًا للاحتفال بذكرى 30 نوفمبر 2025
متن نيوز

حضرموت في قلب الحدث: دلالات اختيارها مركزًا للاحتفال بذكرى 30 نوفمبر 2025

ذكرى 30 نوفمبر 2025
ذكرى 30 نوفمبر 2025

تحمل خطوة اختيار اللواء عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس المجلس الرئاسي، لمحافظة حضرموت لاحتضان الفعالية المركزية للاحتفال بـ الذكرى الـ30 من نوفمبر المجيدة لعام 2025، دلالات كبيرة ورسائل سياسية ووطنية بالغة الأهمية. هذا القرار لم يكن مجرد اختيار جغرافي أو تنظيمي روتيني، بل جاء بوصفه تكريمًا مستحقًا لمحافظة لطالما لعبت دورًا محوريًا، وأساسيًا، في مسار الثورة الجنوبية، واحتضنت أجيالًا متتابعة من المناضلين الذين سطروا صفحات خالدة في سجل الكفاح الوطني من أجل الحرية والسيادة.

إن حضرموت، بتاريخها العريق وثقلها الاجتماعي، وحضورها البشري الواسع، وقوتها الاقتصادية، كانت وما زالت تمثل ركيزة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في المشروع الوطني الجنوبي. 

لقد برز أبناؤها في مختلف المراحل التاريخية كنموذج فريد للفداء والإصرار على الدفاع عن حق الجنوب في الحرية والسيادة الكاملة. ومن هذا المنطلق، فإن اختيارها لتكون مركز الاحتفال بذكرى الاستقلال يحمل في طياته اعترافًا رسميًا بمكانتها المحورية، وامتنانًا عميقًا لتضحيات أبنائها، وتأكيدًا راسخًا على عمق حضورها في وجدان الجنوب العربي بأكمله.

 تكريم تاريخي: اعتراف بدور حضرموت في الثورة الجنوبية

يُعد هذا القرار بمثابة تتويج للدور التاريخي الذي لعبته حضرموت منذ انطلاق ثورة التحرير حتى يومنا هذا. فالمحافظة لم تكن مجرد منطقة جغرافية، بل كانت منبعًا فكريًا وسياسيًا وثقافيًا للوعي الجنوبي. اختيار القيادة العليا للجنوب لهذا الموقع بالذات، يُبرز مدى التقدير للتضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء حضرموت على مر العقود، سواء في مواجهة الاستعمار البريطاني أو في صراعهم المستمر ضد قوى النفوذ التي حاولت طمس هويتهم ومصادرة قرارهم بعد عام 1994.

هذا التكريم الرسمي، الذي يأتي على لسان القائد عيدروس الزُبيدي، يمثل دعمًا قويًا للإرادة الشعبية في المحافظة التي تطالب بتمكين قواتها المحلية، وعلى رأسها النخبة الحضرمية، وإبعاد القوات غير المنسجمة التي تتمركز في وادي وصحراء حضرموت. اختيار مركزية الاحتفال هو رسالة واضحة بأن القيادة الجنوبية العليا تتبنى مطالب أبناء حضرموت وتدعم حقهم في إدارة أرضهم.

العمق الاستراتيجي: ركيزة المستقبل الاقتصادي للجنوب

كما يعكس هذا القرار إدراكًا عميقًا من القيادة الجنوبية للدور الاستراتيجي الذي تمثله حضرموت في المستقبل السياسي والاقتصادي للجنوب المنتظر. فالمحافظة، بما تمتلكه من موارد نفطية وغازية هائلة، وموقع جغرافي فريد يطل على بحر العرب، وحضور بشري واسع وفاعل، تمثل عمقًا استراتيجيًا واقتصاديًا لا غنى عنه لأي مشروع وطني يسعى إلى إعادة بناء الدولة الجنوبية على أسس متينة من الاستقرار والتنمية.

لا يمكن تخيل دولة جنوبية قوية ومزدهرة دون أن تكون حضرموت بكامل ثقلها وعمقها جزءًا أصيلًا ومركزيًا منها. ومن خلال هذا الاحتضان للفعالية المركزية، تُبرز القيادة الجنوبية أن حضرموت ليست محافظة هامشية أو طرفية كما يحاول البعض تصويرها، بل هي قلب نابض للمشهد الجنوبي ومحور رئيسي في أي مسار تحرري أو نهضوي قادم، ومركز الثقل الاقتصادي الذي سيعتمد عليه بناء الدولة الجديدة.

 رسالة الوحدة: مشروع شعب واحد من عدن إلى المهرة

ربما تكون الرسالة الأهم التي يحملها اختيار حضرموت هي رسالة الوحدة الوطنية الصارمة. يحمل اختيار حضرموت رسالة واضحة بأن الجنوب موحد في رؤيته وهويته وتطلعاته، وأن مشروع استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على حدود ما قبل 1990م ليس مشروعًا مناطقيًا أو فئويًا ضيقًا.

بل هو مشروع يشترك فيه أبناء الجنوب كافة، من عدن (العاصمة السياسية) إلى المهرة شرقًا، مرورًا بساحل حضرموت وواديه وصحرائه. الفعالية المركزية في حضرموت تجسد أن هذا المشروع هو مشروع شعب واحد، يحمل ذاكرة مشتركة (ذكرى 30 نوفمبر)، وتطلعات موحدة (الاستقلال واستعادة الدولة)، وإرادة لا تلين في مواجهة التحديات. هذا التجمع الضخم يوجه ضربة قاصمة لأي محاولات لشق الصف الجنوبي أو خلق نعرات مناطقية تهدف إلى عزل الوادي أو الساحل عن العمق الجنوبي.

المستقبل السياسي: شحذ الهمم وتثبيت مسار التحرر

هذا القرار في جوهره يعيد تسليط الضوء على القيمة المعنوية والسياسية لذكرى 30 نوفمبر، باعتبارها لحظة تحرر وطني تتجدد في الذاكرة الجنوبية وتستمد منها القوة لمواجهة الواقع. كما أن وجود الرئيس عيدروس الزُبيدي شخصيًا على رأس الاحتفال في حضرموت، يعزز من شرعية المطالب الجنوبية ويؤكد على حتمية التغيير القادم.

وبذلك، تمثل فعالية 30 نوفمبر 2025 في حضرموت محطة هامة لإعادة شحذ الهمم، وتثبيت وحدة الصف في أرجاء الجنوب العربي كافة. إنه تأكيد لا يقبل التأويل بأن الجنوب ماضٍ بثبات لا رجعة فيه نحو استعادة دولته، مستندًا في مسيرته التحررية والنهضوية إلى حضرموت كركن استراتيجي لا يتزعزع في بناء المستقبل.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1