فوهة بركان: ملحمة كريتر 20 يونيو 1967 تحرق الغرور الاستعماري وتدفع بـ الاستقلال 30 نوفمبر
تعتبر انتفاضة 20 يونيو 1967 التي فجرها أبطال ثورة 14 أكتوبر في العاصمة عدن، محطة فارقة في تاريخ النضال الوطني الجنوبي، إذ لم تكن مجرد اشتباك مسلح، بل كانت ملحمة بطولية جنوبية عَرَبية دفعت بعجلة الاستقلال المجيد، وأبطلت مخططات المستعمر البريطاني الرامية إلى إخماد الثورة بعد نكسة حزيران 1967.
في ذلك اليوم الأغر، تحولت مدينة كريتر إلى فوهة بركان حقيقي احترق به الغرور الاستعماري البريطاني، ومنها بدأ الانحسار الفعلي للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، مُسجلةً لحظة حاسمة في مسار تحرير عدن 1967.
تداعيات النكسة: خطأ المستعمر في قراءة الإرادة الثورية
جاءت ملحمة كريتر 20 يونيو بعد نكسة حزيران 1967، حيث اعتقد الإنجليز، بعد الهزيمة التي مُنيت بها الجيوش العربية، بإمكانية القضاء على الحركة الوطنية التحررية الجنوبية وإعادة ترتيب الأوضاع في عدن والجنوب بالاتفاق مع العناصر الموالية لهم.
لكن هذا التصور كان خاطئًا تمامًا، فمرارة نكسة حزيران تحولت لدى ثوار ثورة 14 أكتوبر وضباط وجنود جيش الاتحاد إلى عنفوان ثوري منظم. كانت انتفاضة 20 يونيو 1967 هي الرد الحاسم الذي بدد تصورات المستعمر في إخماد الثورة وإبقاء احتلاله.
تسلسل الرد المنظم: انضمام الجيش والأمن للثورة
أدركت سلطة الاستعمار البريطاني إخفاق وسائلها القمعية، فاتجهت إلى مخطط إبقاء احتلالها من خلال تشكيلات عسكرية وأمنية سبق أن دربتها وسلحتها، كان أبرزها قرار إنشاء "جيش الجنوب العربي" في الأول من يونيو 1967م. لكن المفاجأة كانت في أن الكثير من قادة تلك التشكيلات كانوا على علاقة سرية مع الحركة الوطنية التحررية وجيش التحرير.
في جو مشحون بالتوتر، وتحديدًا في 14 يونيو 1967م، صدرت قرارات بإيقاف ضباط من الجيش، مما دفع قيادة الجيش والأمن، بالتنسيق مع الجبهة القومية، إلى قبول التحدي.
انفجار الموقف: رغم إفشال محاولة تمرد مبكرة في معسكر "فقم" بالبريقة يوم الجمعة 19 يونيو، إلا أن حالة الغضب والعنفوان الثوري المنظم أدت إلى انفجار الانتفاضة بوتيرة أسرع.
المواجهة المباشرة: صباح 20 يونيو، وعندما كانت القوات البريطانية قادمة من معسكر "سنغافورة" باتجاه الشيخ عثمان، اعترضها جنود الحرس الاتحادي المتمركزون في معسكر "تشامبيون لاين"، واندلعت معركة أدت إلى مصرع 9 جنود بريطانيين وجرح 11 وإعطاب آليات.
سقوط "كريتر" وتغير موازين القوى
في يوم 20 يونيو 1967م، كانت معسكرات الجيش الاتحادي، كمعسكر صلاح الدين، وليك، والبوليس المسلح (20 يونيو) في كريتر، ساحة الاندلاع الرئيسية للانتفاضة.
على إثر المواجهات، دفعت القوات البريطانية بتعزيزات جديدة، لكن القتال الكبير الذي دار، والذي انحاز فيه الضباط والجنود الجنوبيون إلى جانب الثوار، أدى إلى خسائر فادحة للمحتل.
إحراج دولي: تزامن التوتر مع وجود لجنة من الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في فندق "السيفيو"، مما ضاعف حرج بريطانيا. وقد أحكم الفدائيون والجنود الجنوبيون سيطرتهم على كريتر بشكل تام، وقاموا بقتل 16 ضابطًا وجنديًا بريطانيًا حاولوا دخول المدينة.
اعتراف بالهزيمة: رغم التكتم المعروف عن القوات البريطانية بشأن خسائرها، أعلنت القوات البريطانية مغيب شمس أول أيام الملحمة خسارتها 22 جنديًا وضابطًا وعددًا من الجرحى. وفي اليوم نفسه، عقد مجلس العموم البريطاني اجتماعًا طارئًا، ووصف نائب وزير الخارجية البريطاني ما حدث بأنه "يوم المأساة السوداء"، معترفًا بأن الموقف خطير، مما عجل بمفاوضات الاستقلال 30 نوفمبر.
لقد أثبتت انتفاضة 20 يونيو 1967 أن إرادة التحرير أقوى من قوة الإمبراطورية، وكانت القشة التي قصمت ظهر الاحتلال، ومهدت الطريق أمام تحقيق الاستقلال 30 نوفمبر في نفس العام.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1