من غزو 94 إلى حتمية الاستعادة.. كيف يمثل مشروع الجنوب "مشروع السلام الحقيقي" للمنطقة؟
تحمل الرؤية الجنوبية اليوم طابعًا استراتيجيًا يتجاوز المطالبة السياسية الداخلية ليصبح ضرورة إقليمية ودولية. تتأسس هذه الرؤية على معادلة واضحة ومحكمة: الربط الكامل بين فرض الأمن والاستقرار وغرس السلام استنادًا إلى استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة. هذا الطرح لا ينبع من مجرد رغبة وطنية، بل من قراءة عميقة لتاريخ الصراع والاضطراب الذي أعقب غزو الجنوب واحتلاله في صيف 1994م.
في هذا الصدد، وجه الجنوب رسالة حاسمة عبر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية، المقدم محمد النقيب، الذي أكد أن استعادة دولة الجنوب تمثل هدفًا حتميًا ومسارًا لا رجعة عنه. وأشار النقيب إلى أن هذا الهدف يتسق تمامًا مع متطلبات الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ويمثل في جوهره مشروع سلام حقيقي قادر على إعادة التوازن وحماية المصالح الحيوية في واحدة من أهم وأكثر مناطق العالم حساسية.
احتلال 1994 وتنامي الفوضى والتهديدات العابرة للحدود
أوضح الجنوب بشكل متكرر أن مرحلة الاضطراب الأمني غير المسبوق بدأت فور غزو واحتلال الجنوب بـفتوى تكفيرية عام 1994. هذا الاحتلال لم يفكك دولة قائمة فحسب، بل فتح الباب أمام تمدد التهديدات بشكل واسع ليصبح الجنوب والمنطقة بأسرها عرضة لأخطر أنواع عدم الاستقرار.
تمدد الإرهاب من القاعدة إلى الحوثي
بعد عام 1994، شهدت المنطقة تمددًا واسعًا للتهديدات شملت:
انتشار الإرهاب والقرصنة: وتحويل مناطق واسعة إلى حاضنات لتنظيمات متطرفة.
تهريب السلاح والمخدرات: ما زعزع الاستقرار الداخلي والبحري.
ظهور القاعدة والتحالفات الخطيرة: أشار النقيب إلى أن تنظيم القاعدة كان رأس الحربة المؤسس في عملية غزو الجنوب، وتنامى نشاطه بشكل متسارع فور الاحتلال.
تهديد مليشيا الحوثي والملاحة الدولية
تفاقمت الأزمة مع ظهور مليشيا الحوثي المدعومة من إيران. هذه المليشيا تمثل حاليًا أكبر تهديد لممرات الطاقة العالمية والملاحة الدولية وأمن الإقليم برمّته.
إن خطورة الوضع بلغت ذروتها مع انكشاف العلاقة التحالفية بين مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة الإرهابي. وقد أكد الجنوب أنه كان أول من حذّر وواجه هذا التحالف الخطير على الأرض، وهو ما أثبتته لاحقًا تقارير دولية.
تأكيد تقارير مجلس الأمن
التحذيرات الجنوبية لم تكن مجرد آراء سياسية، بل جاءت مدعومة بوقائع ميدانية أكدتها جهات دولية موثوقة. حيث أشار النقيب إلى أن تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع لمجلس الأمن الدولي لعام 2025 جاء ليؤكد صحة خطر ما حذّر منه الجنوب ويثبت الحجم الهائل لهذا التهديد على المستويين الإقليمي والدولي.
استعادة الدولة كضرورة استراتيجية لـ "السلام الحقيقي"
شدد المقدم النقيب على أن استعادة دولة الجنوب لم تعد خيارًا وطنيًا فحسب، بل غدت ضرورة استراتيجية ملحّة لضمان تعزيز الأمن والاستقرار وحماية المصالح الدولية في المنطقة. هذا الموقف نابع من قناعة راسخة:
المسار الحتمي الوحيد للاستقرار
الوعي الوطني الجنوبي ترسّخ حول هذه المعادلة: استعادة الدولة كاملة السيادة ليست مجرد مطالبة سياسية أو هدف مرحلي، بل مسار حتمي لا يمكن الحياد عنه. إنه الخيار الوحيد القادر على إنتاج الاستقرار الحقيقي في المنطقة، وهو الأمر الذي "تيقنت منه جميع الأطراف".
هذه الرؤية هي نتاج تجربة طويلة أثبتت أن أي حلول تتجاوز الحق الجنوبي أو تحاول الالتفاف عليه لن تقود إلا إلى مزيد من الفوضى وإعادة إنتاج الأزمات.
ضمانة لردم جذور الصراع
تؤكد القيادة الجنوبية أن مسار الاستعادة يمثل ضمانة لردم جذور الصراع الأصلية، والتي نشأت أساسًا من:
غياب العدالة السياسية بعد 1994.
محاولات طمس الهوية الجنوبية.
إقصاء الجنوب عن صنع قراره ومصيره.
إن بناء دولة مستقلة ذات مؤسسات راسخة هو الشرط الأساسي لـتعزيز الأمن وحماية المصالح الوطنية، وفتح الباب أمام تنمية مستدامة تعيد الاعتبار للإنسان الجنوبي.
إجماع الجنوب ومستقبل آمن
مع تعاظم الإدراك الدولي بضرورة معالجة جذور الأزمة بشكل جذري، يزداد التأكيد الجنوبي على أن أي تسوية لا تعترف بحق الاستعادة إنما هي عملية إعادة تدوير للمشكلة وستؤدي حتمًا إلى فشل.
ولهذا، يواصل الجنوب التمسك بمساره المشروع، مدفوعًا بـإرادة شعبية واسعة وإجماع سياسي يرفض أي تراجع أو تنازل عن حق تقرير المصير. بهذا النهج الثابت، يؤكد الجنوب أن استعادة الدولة هي السبيل الوحيد لضمان استقرار دائم، وبناء مستقبل آمن ينسجم مع تطلعات شعبه وحقوقه التاريخية إن هذا الطرح يضع المسؤولية كاملة على عاتق المجتمع الدولي للتعامل مع الجنوب كشريك في الأمن والاستجابة لمطلبه الحتمي.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1