سلام حقيقي ودائم: القيادة الجنوبية تدعو لتأسيس علاقة سلام بين دولتين جارتين
في خضم الأزمة اليمنية المعقدة، تقف قضية شعب الجنوب كحقيقة جيوسياسية وتاريخية راسخة. يؤكد تقرير 4 مايو أن أي جهود سلام حقيقية لا يمكن أن تتجاوز هذه القضية، وبعد عقود من الظلم الممنهج والتهميش، وعقد كامل من الحرب، وصل شعب الجنوب إلى قناعة مطلقة بأن السلام العادل والمستدام لن يتحقق إلا بـ استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة على حدود ما قبل 22 مايو 1990م، وعاصمتها عدن.
هذه القناعة ليست مجرد شعار، بل هي خلاصة تجربة مريرة مع "وحدة" تحولت إلى مشروع هيمنة، وتسويات دولية أثبتت فشلها. إن الدعوات الدولية لوقف الحرب، رغم أهميتها، تبقى ناقصة ما دام استمرت في تجاهل جوهر الأزمة، المتمثل في عدم تسوية القضية الجنوبية.
جذور القضية: الوحدة كـ "مشروع هيمنة واحتلال"
لفهم حتمية الاستقلال، يجب العودة إلى جذور الوحدة:
وحدة غير متكافئة: لم تكن الوحدة في 22 مايو 1990 مشروع شراكة، بل بداية لـ "مؤامرة كبرى" قادتها قوى الهيمنة القبلية والدينية في صنعاء لابتلاع الجنوب أرضًا وثروة.
التفكيك الممنهج: بدأت عملية إقصاء الكوادر، تفكيك الجيش الجنوبي المنظم، وحملة اغتيالات غادرة طالت أكثر من 150 كادرًا.
نهب الثروات: تم نهب ثروات الجنوب النفطية والسمكية وخصخصة مؤسساته الناجحة لصالح متنفذي صنعاء.
عدوان 1994: كانت حرب صيف 1994 غزوًا واحتلالًا كاملًا فُرضت بموجبه الوحدة بالقوة وبفتوى دينية تكفيرية.
من رحم هذا القهر، وُلد الحراك الجنوبي السلمي عام 2007، الذي تحول إلى ثورة شعبية عارمة تطالب بالحرية والاستقلال. إن القضية ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج تراكم عقود من القهر والغدر.
إطار تفاوضي جديد: شروط المجلس الانتقالي
انهيار المرجعيات القديمة يفرض بناء إطار تفاوضي جديد يحترم إرادة الشعوب. وقد حدد المجلس الانتقالي الجنوبي الأسس غير القابلة للتفاوض:
التمثيل المستقل: يجب أن يشارك الجنوب كـ طرف رئيسي ومستقل، يمثله المجلس الانتقالي الجنوبي بتفويض شعبي لا مثيل له.
حق تقرير المصير: يجب تمكين شعب الجنوب من حقه الأصيل في تقرير مصيره السياسي بإرادته الحرة الكاملة، بعيدًا عن أي وصاية.
استعادة حدود 1990: هذا الخيار هو جوهر القضية وأمر حتمي لا يقبل المساومة، وتكفله كافة المواثيق الدولية.
الزُبيدي: قيادة صلبة ومشروع لا يحيد
يقف اللواء عيدروس بن قاسم الزُبيدي كصخرة صلبة تجسد إرادة شعب الجنوب. وقد أكد في كل محفل، بما في ذلك مجلس الأمن، أن قضية شعب الجنوب هي مفتاح الحل وأن الوضع الراهن غير مقبول.
درع الجنوب: جعل هذا الموقف الثابت من المجلس الانتقالي "درع الجنوب وسر بقائه"، والتجسيد الحي لإرادة شعب قرر أن يأخذ مصيره بيده.
العهد بالاستقلال: جدد الزُبيدي في خطاب ثورة أكتوبر العهد بالسير نحو الاستقلال الثاني الناجز، مؤكدًا أن كل خطوة يحققها المجلس هي انتصار لعدالة القضالسلام الحقيقي: دولتان جارتان مستقرتان
السلام الذي ينادي به الجنوب ليس سلامًا منقوصًا أو مؤقتًا، بل هو سلام حقيقي ودائم يقوم على:
تصحيح الخطأ التاريخي: استعادة دولة الجنوب تعني تصحيح خطأ تاريخي كارثي.
علاقة مستقرة: تأسيس علاقة سلام مستقرة بين دولتين جارتين في الجنوب والشمال، تقوم على الاحترام المتبادل وحسن الجوار.
إن بيان مجلس الأمن عقلاني في تأكيده أن الحل لن يكون بالحرب، لكن الحل العادل، من منظور جنوبي، لن يكون إلا باستعادة الجنوبيين لدولتهم.
رسالة إلى العالم: إرادة شعب لا تُقهر
لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يعترف بالحقيقة الساطعة. إن إرادة شعب الجنوب في الحرية لا تُقهر، كما أثبتت التضحيات التي قدمت في الحراك السلمي وفي دحر الحوثيين والإرهاب. دعم حق الجنوب في الاستقلال ليس مجرد موقف أخلاقي، بل هو استثمار في الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
لقد فشلت كل محاولات الاحتواء والإخضاع. إن الاستقلال قادم لا محالة، وعلى العالم أن يختار: إما دعم قيام دولة الجنوب المستقلة كشريك للسلام، أو الاستمرار في دعم مشاريع فاشلة تجلب المزيد من الحروب.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1