< المجلس الانتقالي الجنوبي: القوة الميدانية والتمثيل الشعبي كشروط لنجاح الحل السياسي القادم
متن نيوز

المجلس الانتقالي الجنوبي: القوة الميدانية والتمثيل الشعبي كشروط لنجاح الحل السياسي القادم

شعب جنوب اليمن
شعب جنوب اليمن

تمر اليمن حاليًا بمنعطف خطير وحاسم، تتجاذبه الأطراف الإقليمية والدولية بحثًا عن تسوية سياسية تُنهي سنوات من الحرب والدمار، ولكن أي مسار سياسي قادم، إذا أغفل المكون الجنوبي وأهمل تطلعاته المشروعة، ومثلّه الشرعي المتمثل في المجلس الانتقالي الجنوبي، فإنه محكوم عليه بالفشل مسبقًا، ولن يكون إلا حلقة أخرى في سلسلة الصراعات الطويلة. إن تجاهل المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة رئيسية على الأرض وصاحب مشروع سياسي واضح، يعني بناء تسوية على أسس مهزوزة لا تضمن الاستقرار الدائم.

تؤكد الحقائق الميدانية أن الجنوب لم يعد مجرد "ملف ثانوي" يُمكن تأجيله؛ بل أصبح مفتاح الحل أو مفتاح استمرار الأزمة. المطالبة بإشراك المجلس الانتقالي الجنوبي كطرف أساسي في أي مفاوضات ليست دعوة شكلية، بل هي ضرورة تستند إلى حقائق ميدانية وسياسية لا يمكن تجاوزها لضمان أن تكون التسوية القادمة عادلة ومستدامة.

الجنوب: من الجغرافيا إلى العمق الاستراتيجي الإقليمي

إن الجنوب يتجاوز كونه مجرد جغرافيا على الخريطة؛ إنه عمق استراتيجي حيوي، وشريك تاريخي في تشكيل هوية اليمن السياسية عبر العصور. هذا العمق يكتسب أهمية متزايدة في ظل التوترات الإقليمية:

الموقع الاستراتيجي: يتمتع الجنوب بإطلالة مباشرة على ممرات ملاحية دولية حاسمة، أبرزها مضيق باب المندب، ويضم موانئ حيوية مثل عدن والمكلا. إن أي استقرار في هذه المناطق يمثل ضرورة للأمن الإقليمي والدولي.

إرث الإقصاء الجائر: على الرغم من هذا الدور الجغرافي والاستراتيجي، ظل الجنوبيون لعقود يعانون من سياسات الإقصاء والمصادرة، والتي بلغت ذروتها بعد حرب صيف 1994 وما تلاها من سياسات منهجية استهدفت الهوية الجنوبية ومصادرة ممتلكات أبنائه وتهميشهم في مؤسسات الدولة.

ولادة المقاومة من المعاناة: هذه المعاناة الجائرة هي التي أنجبت الحراك الجنوبي السلمي في بداياته، ثم دفعته لاحقًا لتبني خيار المقاومة المسلحة، بعد أن أُغلقت كل أبواب الحلول السلمية أمامه، وظنّ المتربصون أن بإمكانهم تجاهل إرادة شعب كامل. إن المجلس الانتقالي هو التعبير السياسي الحديث والمؤسسي لهذا الحراك التاريخي.

هذا التاريخ من الإقصاء يؤكد أن أي تسوية تعيد إنتاج نفس هيكل السلطة القديم هي تسوية ميتة، ولن يكتب لها النجاح.

المجلس الانتقالي: ممثل شرعي وشريك حاسم في المواجهة 

إن قوة المجلس الانتقالي الجنوبي وشرعيته لا تنبعان من قرار سياسي عابر، بل من جذوره الشعبية ودوره الحاسم في حماية الجنوب خلال السنوات الماضية، ما يجعله الطرف الأساسي الذي لا يمكن تجاهله في أي مسار تفاوضي يهدف إلى التسوية السياسية في اليمن.

أ. ممثل شرعي ذو قاعدة شعبية:

المجلس الانتقالي الجنوبي ليس وليد اللحظة أو نتاج ترتيبات نخبوية. بل هو تتويج لسنوات من النضال الشعبي، وتمثيل حقيقي لتطلعات الغالبية العظمى من أبناء الجنوب. وهو القوة التي حافظت على وجود الجنوب ككيان سياسي وشريك أساسي خلال أعتى المحن والصراعات. هذا التأييد الشعبي الواسع يمنحه شرعية تفاوضية لا يمكن لأي طرف آخر ادعاؤها.

ب. الشريك الحاسم في المواجهة الأمنية:

كان للمجلس الانتقالي ودعم أبناء الجنوب الدور الحاسم في تحرير عدن ومعظم محافظات الجنوب من قبضة الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانيًا. لقد أثبتت القوات الجنوبية كفاءة وفعالية في تثبيت الأمن ومكافحة الإرهاب، خاصة في المناطق الجنوبية المحررة. هذا الدور العسكري والأمني يجعله شريكًا لا غنى عنه في أي معادلة أمنية وسياسية مستقبلية، بل هو الضامن للاستقرار في نصف البلاد. أي ترتيبات أمنية مستقبلية دون موافقة المجلس الانتقالي الجنوبي على الأرض لن تكون سوى حبر على ورق.

رؤية سياسية واضحة: خيار فك الارتباط كإرادة شعبية

يمتلك المجلس الانتقالي الجنوبي رؤية سياسية واضحة ومطلوبة شعبيًا، وهو ما يمنحه ثقلًا تفاوضيًا إضافيًا:

إعادة بناء دولة الجنوب: يتبنى المجلس رؤية سياسية تقوم على إعادة بناء دولة الجنوب الاتحادية السابقة ذات السيادة. هذا المطلب ليس طرحًا فرديًا أو طموحًا نخبويًا، بل هو إرادة شعبية واضحة المعالم وراسخة الجذور، نشأت نتيجة الإخفاقات المتكررة لوحدة 1990.

الشفافية والإصرار: لقد التزم المجلس بتمثيل هذه الإرادة والتفاوض من أجلها بكل شفافية وإصرار، وهو ما يمنحه قوة تفاوضية لا يمكن تجاهلها. هذا الوضوح يقطع الطريق على أي محاولة لفرض حلول غامضة أو مؤقتة لا تلبي تطلعات الشعب.

محدد لنجاح التسوية: أي تسوية سياسية في اليمن لا تتضمن آلية واضحة ومحددة لمعالجة قضية الجنوب كقضية دولة وشعب، ووضع إطار زمني وجغرافي لتقرير مصير الجنوب، لن تكون إلا تجميدًا للأزمة، وليس حلًا لها.

مفتاح السلام يمر عبر الجنوب

لتكون أي تسوية سياسية قادمة مستدامة وعادلة، يجب أن تعترف بالحقائق على الأرض. إن إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي كطرف أساسي هو اعتراف بـ الجنوب عمق استراتيجي وشريك لا يُمحى. مفتاح السلام والاستقرار في اليمن يمر بالضرورة عبر الاعتراف بدور ومطالب هذا المكون.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1