حرب متعددة الأوجه.. كيف يواجه الجنوب مخططات الإضعاف والوصاية؟
يعيش الجنوب العربي اليوم مرحلة حساسة، يواجه خلالها حربًا مركبة متعددة الأوجه، تهدف إلى استنزاف طاقاته وتقويض مشروعه الوطني في استعادة دولته الكاملة السيادة، هذه الحرب لا تُخاض فقط بالسلاح أو المعارك التقليدية، بل تشمل أدوات خفية وأكثر خطورة، تتراوح بين الحصار الاقتصادي، وانقطاع الخدمات، والتضليل الإعلامي، وصولًا إلى العمليات الإرهابية والمخدرات بين الشباب.
الضرب الاقتصادي: محاولة إنهاك المواطن
أولى أبعاد الحرب المركبة على الجنوب تتمثل في الهجوم على الجانب الاقتصادي. تعمل قوى الاحتلال أو الأطراف المعادية على تعطيل الموارد وعرقلة مرتبات العاملين وإرباك منظومة الإيرادات، في مسعى لتصوير المؤسسات الجنوبية على أنها عاجزة عن إدارة شؤونها.
الهدف من هذه السياسات هو تقويض الثقة بين المواطن وقيادته، وزرع شعور بالعجز وعدم القدرة على إدارة المستقبل، وهو ما يُسهل فرض الوصاية الخارجية والإملاءات السياسية على الجنوب.
وفي هذا الإطار، يُعتبر تعطيل المشاريع الاقتصادية والاستثمارية أحد أبرز أدوات الضغوط، حيث تترك هذه السياسات أثرًا مباشرًا على الاستقرار المعيشي، وتزيد من معاناة المواطن اليومي، مما يُثقل كاهله ويضعف قدرته على الصمود.
الجانب الخدمي: الحصار التدريجي
إلى جانب الضغوط الاقتصادية، تُستهدف المحافظات الجنوبية عبر انقطاع الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية، بشكل متكرر وممنهج.
هذا النمط من الحصار التدريجي يسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي، وإضعاف الروابط بين المواطن وقيادته المحلية، وهو ما يشكّل تهديدًا طويل المدى للأمن والاستقرار الداخلي.
تجدر الإشارة إلى أن الجنوب العربي يمتلك مؤسسات محلية وإدارات تعمل رغم الظروف الصعبة، إلا أن استمرار هذه الأزمات يفرض تحديات كبيرة على جهود التنمية وإعادة بناء الدولة.
التضليل الإعلامي: حرب الوعي والرأي العام
تمثل الإعلام المضلل والحملات الدعائية أحد أهم أدوات الحرب المركبة، حيث تُستخدم منصات ممولة من أطراف معادية لتشويه صورة الجنوب وقضيته.
تركز هذه الحملات على خلق انقسامات مجتمعية، وزرع الفتنة بين أبناء الجنوب، مما يعزز من فرص الهيمنة والسيطرة على القرار الوطني.
ويعكس هذا النوع من الحرب حساسية المعركة على مستوى الرأي العام، إذ أن السيطرة على الصورة الذهنية للجنوب تعني القدرة على التأثير في السياسات المحلية والدولية، وتحويل الجهد السياسي والإعلامي إلى أداة ضغط.
العمليات الإرهابية: تهديد مباشر للاستقرار
تتقاطع أدوات الحرب مع موجات إرهابية منظمة، تنفذها خلايا مرتبطة بالحوثيين وتنظيم القاعدة، بهدف ضرب الاستقرار الأمني واستنزاف القوات المسلحة الجنوبية.
تُظهر هذه العمليات أن الحرب ليست محصورة في المجال الاقتصادي أو الإعلامي، بل تمتد إلى الميدان الأمني والعسكري، حيث يحاول الطرف المعادي إضعاف الجدار الأمني للجنوب وإرباك قيادة المجلس الانتقالي.
وفي مواجهة ذلك، يُبرز الجنوب العربي قوته العسكرية والأمنية من خلال قواته المسلحة المنظمة، التي تمثل حائط الصد أمام محاولات destabilization والإرهاب.
حرب المخدرات: تهديد المجتمع من الداخل
أحد أخطر أدوات الحرب هو انتشار المخدرات بين الشباب، الذي يُستخدم كسلاح مدروس لضرب المجتمع من الداخل.
تهدف شبكات التهريب المنظمة إلى تدمير الطاقة المجتمعية وبنية الشباب الأخلاقية، مما يقلل قدرة الجيل الجديد على المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية، ويزيد من مشكلات الانحراف والجريمة.
الوعي الجنوبي والقيادة السياسية
على الرغم من هذا التنوع في أدوات الحرب، فإن وعي الشعب الجنوبي وقيادته السياسية، ممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، يشكل خط الدفاع الأول.
فالجنوب اليوم لا يواجه الحرب بهدف البقاء فقط، بل بهدف استعادة دولته وإرادته الحرة، مع الحفاظ على هويته الوطنية ومشروعه التحرري.
وقد أثبتت التجارب الأخيرة أن صمود الجنوب ليس نتيجة حظ، بل ثمرة تخطيط واستراتيجية سياسية وعسكرية متوازنة، تؤكد أن الشعب الجنوبي قادر على مواجهة المؤامرات مهما تعددت أدواتها وخفاياها.
تشكل الحرب المركبة على الجنوب العربي تحديًا متعدد الأبعاد، يجمع بين الاقتصاد، والخدمات، والإعلام، والأمن، والمخدرات، بهدف إضعاف إرادة الشعب وكسر صموده.
ومع ذلك، فإن القيادة الجنوبية والشعب الجنوبي قادران على مواجهة هذه التحديات، وتحويل الصمود إلى مشروع بناء واستعادة الدولة، مع تثبيت السيادة والكرامة الوطنية.
إن المعركة اليوم ليست فقط للبقاء، بل لاستعادة الدولة الحرة، حيث يمثل كل مقاوم اقتصادي، أو إعلامي، أو اجتماعي، جزءًا من استراتيجية شاملة لتعزيز القوة الجنوبية وتثبيت مكانتها في المنطقة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1