المجلس الانتقالي الجنوبي.. رؤية اقتصادية لإنقاذ المواطن من براثن الانهيار
تعيش محافظات الجنوب العربي أوضاعًا معيشية واقتصادية بالغة الصعوبة، نتيجة تراكم سياسات الإفقار والحرمان التي مارستها قوى الاحتلال اليمنية على مدى سنوات طويلة.
هذه الأوضاع لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت في سياق مؤامرة ممنهجة تهدف إلى إضعاف الجنوب وتجريده من عناصر القوة والاستقرار، عبر استنزاف موارده وتقييد قدرته على إدارة شؤونه الاقتصادية والخدمية.
مؤامرة التجويع الممنهجة.. اقتصاد تحت الحصار
منذ سنوات، تعمدت قوى النفوذ اليمنية إلى تجفيف موارد الجنوب العربي والتحكم في مفاتيح اقتصاده، عبر سياسات مالية قاسية وقيود إدارية خانقة.
فقد تم مصادرة الإيرادات المحلية وتحويلها إلى مراكز النفوذ في صنعاء وعدن قبل التحرير، وفرضت سلطات الاحتلال السابقة قيودًا على التحويلات البنكية والإنفاق الحكومي، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الخدمات العامة.
كما مارست تلك القوى حربًا اقتصادية ممنهجة من خلال التلاعب بالعملة واحتكار السوق ورفع أسعار الوقود والسلع الأساسية، بهدف إنهاك المواطن الجنوبي ودفعه إلى اليأس.
وتنوّعت أدوات الاستهداف بين إيقاف الرواتب، وتعطيل الخدمات، وتعمد انقطاع الكهرباء والمياه، وافتعال أزمات في المشتقات النفطية لتأليب الشارع على مؤسساته الوطنية الوليدة.
الإفقار كسلاح سياسي
لم يكن الإفقار مجرد نتيجة عَرَضية للفساد أو سوء الإدارة، بل أداة ضغط سياسي استخدمتها قوى الاحتلال لفرض واقع تبعي يكرّس هيمنتها على الجنوب.
فمن خلال إضعاف البنية الاقتصادية والخدمية، سعت هذه القوى إلى كبح أي محاولة للنهوض أو إدارة مستقلة لموارد الجنوب، وجعلت من الأزمات المعيشية وسيلة لتقويض الثقة بين الشعب وقيادته.
تقول مصادر اقتصادية جنوبية إن الحرمان الممنهج من الخدمات، وخاصة في الكهرباء والمياه، كان هدفه المباشر هو كسر إرادة الصمود الشعبي، وخلق انقسام داخلي يعيق بناء مؤسسات الدولة الجنوبية.
كما تم توظيف ملف المرتبات والوظائف العامة كوسيلة ابتزاز سياسي، بحيث يُكافأ الموالي ويُعاقب المعارض، في سياسة تجويع جماعي هدفها السيطرة لا الإصلاح.
حرب مركّبة على كل مقومات الحياة
تجاوزت الحرب الاقتصادية الطابع المالي لتتحول إلى هجوم شامل على كل مقومات الحياة في الجنوب.
فقد تعمدت تلك القوى إلى إهمال البنية التحتية ووقف مشاريع التنمية، وإغراق الأسواق بالفوضى، ونشر شبكات الاحتكار والمضاربة بالسلع الأساسية.
كما لجأت إلى إضعاف النظام المصرفي وخلق فوارق في سعر الصرف، لضرب استقرار السوق وعرقلة أي جهود جنوبية نحو الاستقلال الاقتصادي.
ووفق تقارير محلية، فإن هذه الممارسات أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن، في ظل غياب الدعم الدولي الكافي لبرامج الإغاثة والاستقرار.
ومع ذلك، ظل الجنوب صامدًا أمام هذا الطوفان، متماسكًا بفضل الوعي الشعبي والإرادة السياسية التي تقودها مؤسسات المجلس الانتقالي الجنوبي.
المجلس الانتقالي.. رؤية لإصلاح الاقتصاد واستعادة الكرامة
في خضم هذا الواقع المعقد، برز المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء عيدروس بن قاسم الزبيدي كقوة فاعلة تسعى إلى تصحيح المسار الاقتصادي ووضع أسس متينة لإدارة موارد الجنوب.
فمنذ توليه مهامه، جعل المجلس من الملف المعيشي والاقتصادي أولوية وطنية، وأطلق سلسلة من المبادرات الهادفة إلى تحسين الأداء المالي وتخفيف معاناة المواطنين.
تشمل هذه الجهود إصلاح منظومة الإيرادات المحلية، وضبط الإنفاق العام، وتعزيز الشفافية والرقابة على الموارد، إلى جانب دعم المشاريع الخدمية العاجلة في مجالات الكهرباء والمياه والصحة.
كما يسعى المجلس إلى تحريك عجلة التنمية من خلال تشجيع الاستثمار، وتفعيل دور المؤسسات الإدارية في مختلف المحافظات الجنوبية، لضمان استقرار اقتصادي مستدام.
الدبلوماسية الجنوبية.. معركة موازية لكشف الحقيقة
إلى جانب المعركة الداخلية، يخوض المجلس الانتقالي معركة دبلوماسية على الساحة الإقليمية والدولية، تهدف إلى فضح ممارسات قوى الاحتلال اليمنية وتوضيح حقيقة ما يتعرض له الجنوب من حصار اقتصادي وسياسي.
وتتضمن هذه الجهود سلسلة من اللقاءات مع شركاء دوليين ومنظمات إنسانية، لعرض قضية الجنوب كقضية عادلة لشعب يسعى إلى استعادة دولته وإدارة موارده بحرية.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك المتوازن بين الداخل والخارج يعزز موقع الجنوب كـ "قضية سياسية مشروعة"، ويكسر الروايات الزائفة التي تحاول بعض الأطراف تسويقها لتبرير سياسات التجويع والإقصاء.
طريق الخلاص.. بناء مؤسسات الدولة الجنوبية
إن الخلاص من دوامة الأزمات المعيشية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر ترسيخ مؤسسات الدولة الجنوبية القادرة على إدارة شؤونها بمعزل عن الهيمنة والفساد.
فكلما تمكن الجنوب من تحرير قراره الاقتصادي والسيادي من قبضة القوى المعادية، اقترب أكثر من تحقيق الاستقرار المعيشي والسياسي المنشود.
ويعتبر خبراء أن الطريق إلى التعافي يبدأ من إصلاح النظام المالي، وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة، وضمان التوزيع العادل للثروة بين المحافظات، إضافة إلى تشجيع الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الواردات.
كما يبرز دور القطاع الخاص الجنوبي في تحريك عجلة الاقتصاد، وخلق فرص العمل، ودعم المشاريع الصغيرة التي تعيد الثقة بالمجتمع والاقتصاد الوطني.
الجنوب.. إرادة لا تنكسر
رغم قسوة الظروف وتفاقم الأزمات، يواصل شعب الجنوب العربي صموده الأسطوري في وجه سياسات التجويع والحصار، مستندًا إلى وعيه الوطني وإيمانه بعدالة قضيته.
فقد أثبتت التجارب أن الجنوب، كلما اشتدت عليه المؤامرات، ازداد تماسكًا ووحدة، رافضًا الرضوخ لأي محاولة لإذلاله أو مصادرة قراره.
ويؤكد مراقبون أن هذا الصمود الشعبي والسياسي يشكّل حجر الزاوية في بناء المستقبل، وأن القيادة الجنوبية ماضية في مسار الإصلاح والتنمية مهما كانت التحديات.
فالمعركة ليست فقط معركة بقاء اقتصادي، بل معركة كرامة وهوية واستقلال، يخوضها شعبٌ اختار أن يعيش بحرية لا أن يموت تحت وطأة الاحتلال والفساد.
إن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها الجنوب ليست سوى نتيجة طبيعية لسنوات من التهميش الممنهج والاستهداف الاقتصادي والسياسي.
لكن ما يميز المشهد الجنوبي اليوم هو وعيه الجمعي وإصراره على تحويل المعاناة إلى دافع للنهوض، بقيادة وطنية تدرك حجم التحدي وتتحرك بخطوات ثابتة نحو استعادة الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وبقدر ما يتقدم الجنوب في ترسيخ مؤسساته وتعزيز استقلاله المالي، بقدر ما تتراجع فرص الهيمنة التي مارستها قوى الاحتلال اليمنية لعقود.
فالجنوب اليوم يخطو بثبات في طريق استعادة الكرامة الوطنية والسيادة الاقتصادية، مؤكدًا أن إرادته لن تُكسر، وأن مستقبله سيتحدد بإرادة شعبه الحرة لا بإملاءات الخارج.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1