< جنوب اليمن نحو اقتصاد واستقرار مستدام
متن نيوز

جنوب اليمن نحو اقتصاد واستقرار مستدام

الزبيدي
الزبيدي

في خطوة ذات دلالات استراتيجية، وصل اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث عقد سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى مع كبار مسؤولي الحكومة الروسية. 

 فقد طرحت خلال المباحثات فرصٌ واعدة للاستثمار في الجنوب، وللتعاون الاقتصادي الذي يعود بالنفع على الشعبين. 

آفاق الاستثمار: الجنوب كوجهة اقتصادية جاذبة

خلال اللقاء، عرض الزُبيدي أمام الجانب الروسي عددًا من القطاعات التي يسعى الجنوب إلى جذب الاستثمار فيها، ومنها الطاقة، النفط، الزراعة، الثروة السمكية، البنية التحتية. 

وقد جاء ذلك في سياق حديثٍ يشير إلى أن الجنوب «مناطق محرّرة» من شأنها أن تكون بيئة مناسبة للشراكة الاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجنوب يمتلك موقعًا استراتيجيًا مهمًا، ما يجعله نقطة جذب للاستثمارات العالمية التي تبحث عن بيئة مستقرة وآمنة، فضلًا عن أن دخول روسيا كشريك محتمل يعزز من مصداقية تلك البيئة.

الجنوب وروسيا: تعاون من مصلحة متبادلة

في هذا السياق، أكَّد الزُبيدي على أن بلاده منفتحة على الشراكات الدولية، معتبرًا أن التعاون مع روسيا يمثل خطوة نوعية نحو تنويع الشركاء والدخول في علاقات اقتصادية قوية تعتمد على المنفعة المتبادلة.
من جهة أخرى، عبّر المسؤولون الروس عن تقديرهم لدور المجلس الانتقالي الجنوبي في تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب، ما يعكس الثقة المتزايدة في الجنوب كشريك محتمل. 
بالتالي، فإن العلاقة بين الجنوب وروسيا تُبنى ليس فقط على الجانب الاقتصادي، بل أيضًا على الاعتراف السياسي والدبلوماسي، الأمر الذي يعزّز من موقع الجنوب إقليميًا ودوليًا.

البيئة الاستثمارية في الجنوب: فرص وتحديات

من وقف على المشهد الجنوبي يجد أن الجنوب يمتلك مقومات طبيعية واقتصادية مهمة. فالثروات الطبيعية والموارد تشمل النفط والغاز، والزراعة، والثروة السمكية، إلى جانب الموانئ والممرّات البحرية الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن تحقيق تلك الفرص يستلزم بيئة استثمارية جاذبة وآمنة، وتسهيلات تشريعية، وبُنية تحتية قوية.
والخبراء يشيرون إلى أن زيارة الزُبيدي إلى موسكو تأتي في توقيت مناسب، حيث يسعى المجلس الانتقالي إلى تحفيز التنمية، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتوسيع الخدمات، وجذب المستثمرين من الخارج. وبالفعل، فإن هذه الزيارة تُعدّ مؤشرًا على جدية الجنوب في فتح صفحة جديدة مع الشركاء الدوليين.

الشراكة الاقتصادية ليست فقط استثمارًا في الموارد بل في المستقبل

وليس الأمر محصورًا في استغلال الموارد، بل في الاستثمار في الإنسان والتنمية الشاملة. ولذا، فإن كل مشروع استثماري يُفترض أن يصاحبه خلق وظائف، ونقل تكنولوجيا، وتعزيز قدرات محلية، وهذا ما بدا واضحًا في مواقف الزُبيدي التي أكّدت على أن الجنوب لا ينظر إلى الاستثمار كمجرّد استغلال، بل كخيار استراتيجي يخدم المجتمع.
كما أنه في ظل استقرار سياسي وأمني نسبي، فقد أصبحت المحافظات الجنوبية أكثر جاذبية لرؤوس الأموال التي تبحث عن بيئة مستقرة بعيدًا عن الفوضى، بما يرفع من فرص النجاح ويخفض مخاطر الأعمال.

دلالات الزيارة: الجنوب ينتقل إلى مستوى جديد من الحضور

زيارة الزُبيدي إلى روسيا تحمل دلالاتً تتجاوز الاقتصاد؛ فهي تؤشّر إلى انتقال الجنوب إلى مستوى جديد من الحضور السياسي والدبلوماسي. 

 فالتعامل مع روسيا، إحدى القوى الكبرى، يعكس أن الجنوب يُنظر إليه اليوم كمكوّن مؤثر في ملف اليمن والمنطقة، وليس فقط طرفًا محليًّا.
وعلى هذا النحو، فإن التعاون الروسي الجنوبي يمكن أن يمنح الجنوب ثقل تفاوضيًّا أكبر، ويمنحه أدوات ضغط أو دعم في أي مفاوضات مستقبلية تتعلق بالقضية الجنوبية. كما أن هذا الحضور الدولي يزيد من مصداقية الجنوب أمام المستثمرين ومقدّمي الخدمات الخارجيين.

الخطوات القادمة: التنفيذ والمتابعة

مع انتهاء الزيارة، سيبدأ العمل الفعلي على متابعة ما دار من اتفاقات أو تفاهمات مبدئية، سواء كانت في شكل زيارات تبادلية أو توقيع اتفاقيات استثمار أو إنشاء لجان مشتركة. ومن المهم أن تواكب هذه الخطوات عملية تشريعية وتنظيمية داخل الجنوب، لضمان أن تكون الشراكة قابلة للتطبيق، ومحمية قانونيًا، في ظل استحقاقات حماية المستثمرين والمجتمع المحلي على حد سواء.
كما أن على القيادة الجنوبية والمسؤولين المعنيين التواصل المستمر مع الجهات الروسية، وضمان أن يتم تنفيذ المشاريع وفق معايير عالية، مع شفافية ومساءلة، حتى يُبنى ثقة حقيقية بين الأطراف.

الجنوب نحو اقتصاد واستقرار مستدام

في الختام، تبدو زيارة الزُبيدي إلى موسكو نقطة تحول مهمة على طريق الجنوب نحو اقتصاد أكثر تنوعًا واستقرارًا أكبر. بفضل فتح أبواب الشراكة مع روسيا، واستثمار المقومات الطبيعية والبشرية، استطاعت قيادة الجنوب وضع نفسها في موقع جديد: شريك دولي وليس فقط طرفًا محليًا.
وبما أن التنمية المستدامة ليست شعورًا عابرًا بل خيارٌ استراتيجيّ، فإن الجنوب اليوم يُخاطِب العالم بخطاب مفاده: “نحن جاهزون، ونملك المقومات، ونحن نبحث عن شركاء”. وإذا ما تحققت المشاريع وبُنيت العلاقات على أسس متينة، فقد يتحول الجنوب إلى محور اقتصادي وإقليمي فاعل، يستفيد منه شعبه والمنطقة بأسرها.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1