زيارة الزُبيدي لموسكو: الاعتراف الدولي بالقضية الجنوبية يكتسب زخمًا جديدًا
شهدت العاصمة الروسية موسكو حدثًا دبلوماسيًا استثنائيًا يمثل نقلة نوعية للجنوب العربي، وذلك من خلال زيارة اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والتي تُعد الأرفع دبلوماسيًا منذ تأسيس المجلس في عام 2017. وتأتي هذه الزيارة في توقيت حساس يشهد فيه الإقليم إعادة ترتيب التحالفات الدولية، وتعكس تحول الجنوب إلى لاعب أساسي في المعادلة الإقليمية والدولية.
إحياء العلاقات التاريخية بين الجنوب وروسيا
عقب وصوله إلى موسكو، عقد الرئيس الزُبيدي اجتماعًا موسعًا مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وعدد من كبار المسؤولين، حيث تم استعراض العلاقات التاريخية الممتدة بين الجنوب وروسيا، والتي تعود إلى الحقبة السوفيتية، حين كانت عدن مركزًا استراتيجيًا مؤثرًا في بحر العرب خلال فترة الحرب الباردة. كما ناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بالإضافة إلى بحث التطورات الراهنة في الملف اليمني، وجهود إحلال السلام وفق رؤية تعترف بحق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته.
حماية الجنوب.. ركيزة الاستقرار الإقليمي
أكد الزُبيدي أن حماية الجنوب وخفض التصعيد يمثلان أساس أي عملية سلام شاملة، مشددًا على أن أي تسوية سياسية لن تكون فعالة أو مستدامة دون الاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية وطنية عادلة. وأوضح الزُبيدي أن فتح روسيا سفارة لها في عدن يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة العاصمة الجنوبية، ويؤكد على الانفتاح الدبلوماسي للجنوب على العالم، ما يعكس التزام المجلس الانتقالي بتوسيع شبكة العلاقات الدولية.
تقدير موسكو للدور الفاعل للمجلس الانتقالي
أعرب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن تقدير بلاده للدور الحيوي الذي يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي في تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، مؤكدًا أن روسيا تتابع عن كثب التطورات في الجنوب وتدعم كل الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار الدائم. وأضاف لافروف أن العلاقات بين الشعبين ليست وليدة اللحظة، بل تمتد لعقود طويلة من التعاون والتفاهم، مما يعكس عمق الروابط التاريخية والدبلوماسية بين الجانبين.
تمثيل رفيع المستوى وانفتاح دبلوماسي مميز
رافق الزُبيدي خلال الزيارة وفد رفيع المستوى من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، من بينهم محمد الغيثي رئيس هيئة التشاور والمصالحة، اللواء هيثم قاسم طاهر رئيس اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة، مؤمن السقاف رئيس الهيئة التنفيذية في عدن، والدكتور صالح محسن الحاج رئيس هيئة الشؤون الخارجية. ويؤكد مراقبون أن هذا التمثيل الرفيع يعكس نضج الأداء الدبلوماسي للمجلس، ويُبرز الانتقال من المشاركة الإقليمية إلى الانخراط المباشر في الحوارات الدولية مع القوى الكبرى، بما يعزز موقف الجنوب كلاعب أساسي في المنطقة.
الجنوب في قلب المعادلة الدولية
تأتي هذه الزيارة في وقت حساس يشهد فيه الإقليم تحولات استراتيجية، إذ يبرز الجنوب العربي كنقطة توازن جيوسياسية مهمة بين مضيق باب المندب وخليج عدن، ما يجعله عنصرًا محوريًا في الأمن البحري والتجارة العالمية. ويشير الخبراء إلى أن هذه الزيارة تؤكد قدرة الجنوب على اتخاذ قرار سياسي مستقل، وأن الانفتاح الروسي يمثل اعترافًا ضمنيًا بشرعية المجلس الانتقالي كممثل رئيسي للقضية الجنوبية.
آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري
من المتوقع أن تفتح زيارة الزُبيدي موسكو المجال أمام آفاق واسعة للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين عدن وموسكو، خصوصًا في مجالات الطاقة، تطوير الموانئ، المشاريع اللوجستية، والبنية التحتية. كما ستساهم في تعزيز التنسيق الأمني لمكافحة القرصنة والإرهاب، وتمهد الطريق أمام روسيا للعب دور ضامن إقليمي في أي تسوية سياسية مستقبلية، ما يمنح الجنوب ثقلًا تفاوضيًا إضافيًا على الساحة الدولية.
الجنوب يعود من بوابة موسكو
تمثل هذه الزيارة فرصة تاريخية للجنوب العربي لإعادة وضعه على خارطة السياسة الدولية. فالزيارة ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل تؤكد أن الجنوب أصبح شريكًا استراتيجيًا يمكن الاعتماد عليه في أي مسار للسلام والأمن الإقليمي. وبذلك يفتح الزُبيدي صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية التي تعيد الجنوب إلى قلب الحوار الدولي، وتثبت دوره كلاعب محوري في المنطقة.
أهمية الزيارة للمجلس الانتقالي والجنوب
تتمثل أهمية زيارة الزُبيدي لموسكو في النقاط التالية:
تعزيز الاعتراف الدولي بالجنوب كقضية عادلة وشرعية.
إعادة توطيد العلاقات التاريخية مع روسيا على أسس استراتيجية.
فتح المجال للتعاون الاقتصادي والاستثماري والأمني.
رفع الثقل التفاوضي للمجلس الانتقالي في أي تسوية سياسية مستقبلية.
ترسيخ دور الجنوب كلاعب مؤثر في المعادلة الإقليمية والدولية.
إن زيارة اللواء عيدروس الزُبيدي لموسكو تعكس مستوى متقدمًا من النضج الدبلوماسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتضع الجنوب في صدارة الأحداث الإقليمية والدولية. كما توفر فرصًا واسعة لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة، وتؤكد أن الجنوب أصبح شريكًا أساسيًا لا يمكن تجاوزه في أي تحالفات سياسية أو اقتصادية مستقبلية.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1