القنوات الإخوانية في اليمن.. صناعة الأكاذيب وتضليل الوعي العام
شهد المشهد الإعلامي اليمني خلال السنوات الأخيرة انحدارًا خطيرًا في معايير المهنية والأخلاق، تجسد بشكل واضح في أداء القنوات التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي، وعلى رأسها بلقيس وسهيل ويمن شباب والمهرية. هذه القنوات أصبحت نموذجًا صارخًا لانهيار القيم المهنية في العمل الإعلامي، بعدما تحولت إلى أدوات دعائية تمارس التضليل الممنهج وتبث الشائعات وفق أجندة سياسية تخدم التنظيم الدولي للإخوان ومشاريعه الهدامة التي تستهدف اليمن والجنوب على حد سواء.
إعلام فقد البوصلة المهنية
تجاوزت هذه القنوات حدود الاختلاف السياسي الطبيعي إلى تبنّي أسلوب صناعة الأكاذيب وترويج الأخبار الملفقة بهدف تشويه القوى الجنوبية والإضرار بوحدتها المجتمعية والسياسية.
ويعتمد الإعلام الإخواني على سلسلة مدروسة من الخطوات تبدأ بإطلاق الشائعة في صفحات التواصل الاجتماعي التابعة له، ثم إعادة تدويرها عبر منصاته التلفزيونية والمواقع الإخبارية، لتُضخّم لاحقًا من خلال شبكات إلكترونية موجهة تعمل على نشرها بين الجمهور الجنوبي، بما يؤدي إلى خلق حالة من البلبلة وزعزعة الثقة بالمؤسسات الوطنية.
هذا النهج المنظم يكشف عن احترافية عالية في صناعة التزييف، لكنه في الوقت نفسه يعكس إفلاسًا فكريًا وأخلاقيًا جعل من الكذب وسيلة للبقاء في المشهد الإعلامي. فبدلًا من الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي، اختارت هذه القنوات طريق التحريض والتشويه، متخلية عن أبسط قواعد الموضوعية والنزاهة.
صناعة التضليل.. تكتيك إخواني متكرر
من خلال تتبع عدد من النماذج، يتضح أن القنوات الإخوانية تتعمد اجتزاء الحقائق من سياقها أو الاعتماد على مصادر مجهولة لتضليل الرأي العام. ففي العديد من الأحداث، ثبت أن المواد المصورة التي تبثها هذه القنوات إما قديمة أو منقولة من مناطق مختلفة، بما يفضح افتقادها لأبسط معايير المصداقية والمهنية.
تُستخدم هذه الأساليب في إطار حملات ممنهجة تستهدف الجنوب اليمني تحديدًا، إذ تسعى إلى تشويه دور المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية من خلال إشاعة روايات مزيفة عن الانتهاكات أو الخلافات الداخلية. والهدف من ذلك ليس نقل الحقيقة، بل إثارة الفتن وتأليب الرأي العام وضرب الجبهة الداخلية في الجنوب.
كما تعتمد تلك القنوات على برامج حوارية تُبنى على سرديات افتراضية لا وجود لها ميدانيًا، حيث تُستضاف شخصيات معروفة بانتمائها السياسي للتنظيم الإخواني لتكرار الأكاذيب ذاتها بأساليب مختلفة. هذه البرامج لا تقدّم معلومة حقيقية، بل تعمل على إعادة إنتاج خطاب التحريض والكراهية تحت غطاء “الرأي والرأي الآخر”.
سقوط أخلاقي ومهني
لم تكتفِ القنوات الإخوانية بممارسة التضليل، بل سقطت أخلاقيًا عندما جعلت من الإعلام سلاحًا للابتزاز السياسي وخدمة الأجندات الخارجية. وتحوّلت نشرات أخبارها وبرامجها إلى منصات للكراهية والتشويش على وعي المواطن، ما أفقدها احترام الجمهور وثقته. فالمتلقي اليوم أصبح أكثر وعيًا بخطورة هذه القنوات وأهدافها الخفية، بعدما انكشفت حقيقتها كمجرد أداة لتمرير مشاريع معادية لوحدة اليمن واستقراره.
وتُجمع الدراسات الإعلامية الحديثة على أن الإعلام الإخواني فقد تأثيره الجماهيري تدريجيًا بعد انكشاف أساليبه في تزوير الحقائق. فالمتابع لم يعد يبحث عن الإثارة الزائفة، بل عن الخبر الموثوق والمعلومة الدقيقة، وهو ما لا تجده في قنوات تحترف الأكاذيب.
أجندة التنظيم الدولي للإخوان
إن ما تقوم به هذه القنوات لا يمكن فصله عن المشروع الأكبر الذي يتبناه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الساعي إلى إضعاف الدول الوطنية وتفكيك مؤسساتها عبر أدوات إعلامية ناعمة. فالإخوان يدركون أن الحرب الإعلامية أخطر من المواجهة العسكرية، لأنها تستهدف الوعي الجمعي وتعيد تشكيل الرأي العام بما يخدم مصالحهم السياسية.
وفي الحالة اليمنية، يُستخدم الإعلام كوسيلة لتشويه القوى التي تقف ضد مشروعهم، وفي مقدمتها القوى الجنوبية التي تمثل سدًا منيعًا أمام محاولات التغلغل الإخواني والحوثي على حد سواء. لذلك، لا تتورع القنوات الإخوانية عن التحالف إعلاميًا مع المنابر الحوثية والتنظيمات الإرهابية في خطاب موحّد ضد الجنوب ومؤسساته الشرعية.
مواجهة التضليل بالوعي والتحقق
تفكيك هذا الأسلوب الإعلامي المنحرف يتطلب مواجهة معرفية شاملة تعتمد على كشف الحقائق بالأدلة الموثقة وتحليل الشائعات علميًا. فمكافحة التضليل لا تتم عبر الردود الانفعالية، بل من خلال خطاب إعلامي عقلاني يستخدم المنطق والبيانات لتفنيد الأكاذيب وكشف تناقضات الخطاب الإخواني.
كما يجب تعزيز ثقافة التحقق من الأخبار (Fact-Checking) في الوسط الصحفي والجماهيري، بحيث يصبح الوعي أداة دفاعية تحمي المجتمع من الوقوع في فخ الأكاذيب. وعلى المؤسسات الإعلامية الوطنية تبنّي نهج شفاف يعيد الثقة بالإعلام الحقيقي القائم على المصداقية، ويضع حدًا لخطاب الكراهية والتحريض الذي تتبناه تلك القنوات.
لقد تحوّل الإعلام الإخواني في اليمن من وسيلة إخبارية إلى سلاح دعائي خطير يستهدف استقرار المجتمع ووحدة الصف الوطني. وبينما تسقط هذه القنوات أخلاقيًا ومهنيًا يومًا بعد آخر، يظل الرهان على وعي الجمهور وقدرته على تمييز الحقيقة من الزيف. فالمعركة اليوم ليست فقط مع البنادق، بل مع الأكاذيب التي تُبث عبر الشاشات ومواقع التواصل، لتؤكد أن الحقيقة هي السلاح الأقوى في مواجهة إعلام الفتنة والفوضى.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1