أزمة كهرباء عدن… حرب خدمات تُثقل كاهل المواطن الجنوبي
تعيش العاصمة عدن على وقع أزمة كهرباء خانقة، ألقت بظلالها الثقيلة على حياة المواطنين وأغرقت المدينة في ساعات طويلة من الظلام الدامس. هذه الأزمة لا تُختصر في مجرد انقطاع للخدمة الأساسية، بل تعكس أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية معقدة تجعل من الكهرباء عنوانًا بارزًا لـ "حرب الخدمات" التي تُشن ضد الجنوب بوسائل غير مباشرة.
فالمواطن الجنوبي يجد نفسه أمام تحديات يومية مرهقة، من فقدان أبسط مقومات الحياة إلى تكبد معاناة إضافية في ظل أوضاع اقتصادية صعبة. وفي المقابل، يزداد الإدراك الشعبي بأن هذه الأزمة ليست طبيعية بالكامل، بل تحمل بصمات أطراف تسعى للنيل من استقرار الجنوب عبر استهداف بنيته الخدمية.
أزمة كهرباء عدن… انعكاس لصراع سياسي
لم تعد أزمة الكهرباء في عدن مجرد عجز إداري أو تقني، بل أضحت انعكاسًا واضحًا لصراع سياسي أعمق، حيث تُستغل الخدمات الأساسية كورقة ضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي.
فكل ساعة انقطاع تتجاوز حدود المشقة المعيشية، لتتحول إلى رسالة سياسية مفادها أن استقرار الجنوب مهدد عبر تعطيل مقومات الحياة اليومية. ومن هنا، تكشف الأزمة عن أسلوب قوى معادية للجنوب لا تتردد في استخدام معاناة المواطن كأداة ابتزاز وفرض أجندات.
معاناة يومية تُثقل كاهل المواطنين
تحولت أزمة الكهرباء إلى همّ يومي يثقل كاهل الأسر في عدن، إذ تعطلت مصالح الناس، وتراجعت مستويات الإنتاج، وتضررت الخدمات الصحية والتعليمية. حتى أبسط تفاصيل الحياة، كالحصول على مياه الشرب الباردة أو تشغيل الأجهزة المنزلية، أصبحت تحديًا قائمًا بانتظار عودة التيار الكهربائي.
هذه المعاناة المتراكمة تشكّل ضغطًا هائلًا على حياة المواطن الجنوبي، لكنها في الوقت نفسه أسهمت في زيادة وعيه بطبيعة المخططات التي تقف خلف الأزمة، ودفعت الكثيرين إلى النظر إليها بوصفها جزءًا من حرب أشمل تستهدف الجنوب.
حرب الخدمات… سلاح خفي لتقويض الاستقرار
أزمة كهرباء عدن تُظهر أن حرب الخدمات لم تعد أقل خطورة من الحرب العسكرية. فبينما يستهدف الإرهاب حياة الناس مباشرة بالرصاص والتفجيرات، تسعى حرب الخدمات إلى إنهاك الجبهة الداخلية وضرب الثقة بين المواطن والقيادة السياسية.
إن تعطيل الكهرباء والمياه والوقود يمثل أسلوبًا خبيثًا في إدارة الصراعات، حيث يراد للحرمان المعيشي أن يكون وسيلة لإضعاف الجنوب وإجباره على التنازل. ومع ذلك، أثبتت التجارب أن هذه السياسات لم تحقق غاياتها، بل زادت من صلابة الشارع الجنوبي.
صمود جنوبي أمام التحديات
رغم قسوة الأزمة، يظهر أبناء الجنوب قدرًا كبيرًا من الصمود والتماسك الشعبي، مدفوعين بوعي متنامٍ بأن الأزمة مصطنعة في جوانبها الكبرى. هذا الصمود يرسل رسالة واضحة للقوى المعادية مفادها أن الجنوب لن يركع تحت ضغط الأزمات، ولن يقبل بسياسات التجويع والإرهاق الممنهج.
كما أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتعامل مع الأزمة بوعي سياسي، مدركًا أن معركة الكهرباء والخدمات ليست منفصلة عن معركة استعادة الدولة، وأن تجاوزها يحتاج إلى إرادة صلبة ومشروع وطني متماسك.
البعد السياسي للأزمة
لا يمكن فصل أزمة كهرباء عدن عن المشهد السياسي العام في البلاد. إذ تستخدم بعض القوى ملف الخدمات كورقة تفاوضية تهدف إلى إضعاف الانتقالي وإرباك مسار القضية الجنوبية.
لكن هذه السياسات تصطدم بإصرار الجنوبيين على التمسك بمشروعهم الوطني، وبوعيهم بأن ما يجري جزء من حرب شاملة تسعى لعرقلة تطلعاتهم. ومن هنا، باتت أزمة الكهرباء رمزًا لمعركة أوسع بين قوى تريد للجنوب أن يعيش في الظلام، ومشروع وطني يسعى للنور والاستقرار.
وعي شعبي يحبط المؤامرات
أثبت الشارع الجنوبي أنه أكثر وعيًا من أن يقع في فخ "حرب الخدمات". فقد أدرك المواطن أن هذه الأزمات ليست نتيجة طبيعية فقط، بل تُصنع وتُدار ضمن أجندة سياسية تهدف إلى إضعاف الجبهة الداخلية.
ومن خلال التماسك الاجتماعي والمساندة الشعبية للمجلس الانتقالي، تحوّلت الأزمة من وسيلة ضغط إلى حافز إضافي يعزز الالتفاف حول القيادة الجنوبية ويؤكد على أهمية استكمال مشروع الاستقلال وبناء الدولة.
الأزمة كعنوان لمرحلة صراع مفتوحة
بات من الواضح أن أزمة الكهرباء في عدن ليست مجرد مشكلة خدمية، بل عنوانًا لمرحلة صراع مفتوحة تُراد فيها معاقبة الجنوب بحرمانه من أبسط حقوقه. غير أن التاريخ يثبت أن الشعوب التي تصمد أمام مثل هذه الضغوط هي الأقدر على صناعة مستقبلها، وهو ما يفعله أبناء الجنوب اليوم.
إن أزمة كهرباء عدن تمثل أكثر من مجرد انقطاع للتيار الكهربائي، فهي تجسيد لمعركة سياسية واجتماعية واقتصادية تُدار بأدوات قاسية تستهدف الجنوب في صميم حياته اليومية.
لكن صمود المواطنين، ووعيهم بالمخططات، وصلابة المجلس الانتقالي الجنوبي، كلها عوامل تؤكد أن هذه الأزمة لن تكون نهاية المطاف، بل محطة تعزز من الإرادة الجنوبية وتدفع نحو مزيد من الإصرار على استعادة الدولة وبناء مستقبل أفضل.
فالظلام الذي يُراد له أن يكون عنوان المرحلة، لن يحجب نور الجنوب وإرادته الحرة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1