زيادة أسعار البنزين في مصر.. ما الأسباب الحقيقية وراء القرار الأخير؟
تشهد أسعار الوقود في مصر اهتمامًا واسعًا من المواطنين والاقتصاديين على حد سواء، خاصة مع كل إعلان حكومي يتعلق بتحريك أسعار البنزين أو السولار.
وكشف الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامج "الصورة" على قناة "النهار"، عن الآلية المعقدة التي تحدد تسعير المشتقات البترولية في مصر، موضحًا أنها تستند إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
السعر العالمي لخام برنت.
سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري.
تكلفة الإنتاج المحلي والتوزيع.
وأشار فؤاد إلى أن هذه المعادلة لا تعتمد على قرار داخلي فقط، بل تتأثر مباشرة بالمتغيرات الدولية والإقليمية، مما يجعل ملف أسعار الوقود ملفًا حساسًا يرتبط بالاقتصاد الكلي.
الإنتاج المحلي بين التراجع والاستيراد
أوضح الخبير الاقتصادي أن المتغير الوحيد القابل للتأثير نسبيًا هو الإنتاج المحلي من البترول، بينما يبقى سعر صرف الدولار وسعر خام برنت عوامل خارجية صعبة التحكم.
وأضاف أن تراجع الإنتاج المحلي يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد، وهو ما يرفع تكلفة المشتقات البترولية نظرًا لشرائها من الخارج بالدولار، في ظل ارتفاع تكاليف النقل والشحن.
وأشار إلى أن الإنتاج المحلي تراجع بنسبة 11% ليسجل نحو 487 ألف برميل يوميًا مقارنة بـ 550 ألف برميل سابقًا، مما يعكس ضغوطًا على الميزان النفطي ويدفع الدولة لاتخاذ إجراءات لتعويض الفجوة.
هل الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين هي النهائية؟
خلال المداخلة، طرحت لميس الحديدي سؤالًا مباشرًا حول ما إذا كانت الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين هي الأخيرة هذا العام.
فأجاب فؤاد: "لا يمكن لأحد أن يجزم بذلك، فالمسألة مرتبطة بمؤشرات متغيرة. إذا نظرنا من زاوية استرداد التكلفة، فإن الإشكالية قائمة في ظل التراجع بالإنتاج المحلي وارتفاع أعباء الاستيراد".
وبالتالي، فإن أي تحرك في الأسعار مستقبلًا سيكون مرهونًا بحركة الأسواق العالمية وسعر صرف الدولار، بجانب قدرة مصر على تعزيز إنتاجها المحلي.
تأثير زيادة أسعار البنزين على المواطن
لا شك أن المواطن هو الطرف الأكثر تأثرًا بأي زيادة في أسعار الوقود، حيث ينعكس ذلك على تكلفة النقل والمواصلات العامة والخاصة، وكذلك على أسعار السلع الأساسية التي تعتمد على النقل بشكل مباشر.
كما أن أي زيادة في البنزين أو السولار قد تساهم في رفع معدل التضخم، نظرًا لارتباطها بسلسلة من التكاليف اللوجستية والإنتاجية.
ويشير اقتصاديون إلى أن الحكومة تحاول موازنة هذه الزيادة عبر برامج الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، إلا أن الضغوط تبقى ملموسة في حياة المواطن اليومية.
العلاقة بين أسعار الوقود والاقتصاد الكلي
زيادة أسعار البنزين ليست قضية استهلاكية فقط، بل ترتبط بشكل وثيق بالاقتصاد الكلي. فهي تؤثر على:
عجز الموازنة العامة: حيث إن الدولة تتحمل فارق الدعم أو التكلفة.
ميزان المدفوعات: خاصة إذا زادت فاتورة استيراد البترول.
جاذبية الاستثمار: إذ تسعى الدولة للحفاظ على صورة مستقرة أمام المستثمرين الدوليين.
وتشير التقديرات إلى أن أي ارتفاع في أسعار الوقود عالميًا يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصادات المستوردة مثل مصر، وهو ما يفرض ضرورة تنويع مصادر الطاقة والاستثمار في الغاز والطاقة المتجددة.
بدائل مطروحة لتخفيف الأزمة
مع استمرار الضغوط، يرى خبراء أن الحل لا يكمن فقط في رفع الأسعار، بل في اتخاذ خطوات استراتيجية منها:
زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح.
التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي كبديل أنظف وأقل تكلفة.
تحسين كفاءة النقل العام لتقليل استهلاك الوقود.
دعم الاستثمار في التنقيب والإنتاج المحلي للبترول لتقليل الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج.
مستقبل أسعار البنزين في مصر
من المتوقع أن تظل أسعار البنزين والوقود عمومًا خاضعة للتغيرات العالمية، خاصة مع حالة عدم الاستقرار في أسواق النفط نتيجة التوترات الجيوسياسية.
ومع ذلك، فإن الدولة تعمل على موازنة احتياجاتها الاقتصادية مع البعد الاجتماعي، حتى لا تتحمل الشرائح الفقيرة والمتوسطة أعباء غير محتملة.
تؤكد تصريحات الخبير الاقتصادي محمد فؤاد أن أسعار البنزين والوقود في مصر ليست قرارًا داخليًا بحتًا، بل انعكاس لمعادلة دولية معقدة تشمل خام برنت والدولار والإنتاج المحلي.
ومع تراجع الإنتاج بنسبة 11% والاعتماد المتزايد على الاستيراد، فإن احتمالية حدوث زيادات جديدة لا تزال قائمة، ما يضع ملف الطاقة في قلب أولويات الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1