الحضور التاريخي لـ "عيدروس الزُبيدي" في الأمم المتحدة ودلالاته السياسية
يشكّل حضور اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة محطة سياسية بالغة الأهمية، تعكس تحولات جوهرية في مسار التعاطي الدولي مع قضية الجنوب. هذا الحضور لم يكن مجرد مشاركة بروتوكولية، بل حمل في طياته رسائل عميقة، فتحت الباب أمام مرحلة جديدة من الاعتراف الدولي بالقضية الجنوبية.
من قضية محلية إلى قضية دولية
على مدى سنوات طويلة، ظلت قضية الجنوب حبيسة الإطار المحلي، تُطرح غالبًا ضمن النزاعات اليمنية الداخلية، ما قلل من فرص وصولها إلى دوائر صنع القرار الدولي. غير أن مشاركة الرئيس الزُبيدي في أعمال الأمم المتحدة أعادت رسم ملامح هذه القضية، حيث أصبحت تُطرح اليوم باعتبارها ملفًا إقليميًا ودوليًا يؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار في المنطقة.
لقد قدّم الزُبيدي رؤية واضحة لصانعي القرار، مؤكدًا أن الجنوب لم يعد مجرد ساحة صراع، بل هو شعب يمتلك حقًا مشروعًا في استعادة دولته وبناء مؤسسات قادرة على الإسهام الفعلي في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي.
رسائل مباشرة للمجتمع الدولي
من أبرز ما ميّز هذا الحضور هو قدرة الرئيس الزُبيدي على توجيه رسائل صريحة إلى المجتمع الدولي، تؤكد أن أي عملية سياسية أو تسوية قادمة في اليمن ستظل ناقصة إن لم تعترف بحق شعب الجنوب. فالسلام العادل لا يمكن أن يتحقق دون معالجة جذرية لهذه القضية، وإلا ستظل التوترات قابلة للانفجار من جديد.
هذه الرسائل ساهمت في ترسيخ مكانة المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل سياسي رئيسي لقضية الجنوب، ما يمنحه شرعية أوسع ويزيد من ثقله في المعادلة السياسية القادمة.
انعكاسات استراتيجية على الجنوب
الحضور الدولي للرئيس الزُبيدي في الأمم المتحدة لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل له أبعاد استراتيجية ملموسة. فالمجتمع الدولي بدأ يدرك أن الجنوب، بموقعه الجغرافي المهم وثرواته الطبيعية الواعدة، قادر على أن يكون عنصر استقرار في المنطقة بدلًا من أن يكون عامل اضطراب.
هذا الاعتراف يفتح الباب أمام فرص استثمارية وشراكات دولية جديدة، ما يسهم في دفع عجلة التنمية في الجنوب ويؤسس لمرحلة جديدة من النهوض الاقتصادي. كما أن بروز الجنوب في المحافل الدولية يعزز من قدرته على بناء مؤسسات حديثة تواكب تطلعات شعبه.
أهمية الموقع الجغرافي وثروات الجنوب
يمتلك الجنوب موقعًا استراتيجيًا يتحكم في أهم الممرات البحرية العالمية، وهو ما يمنحه أهمية خاصة لدى القوى الدولية الكبرى. كما أن ثرواته النفطية والغازية والسمكية تشكل ركيزة اقتصادية يمكن أن تعزز من مكانته المستقبلية.
من هنا، فإن الاعتراف الدولي بقضية الجنوب ليس مجرد بعد سياسي، بل هو أيضًا اعتراف بقدرة هذه المنطقة على أن تكون شريكًا فاعلًا في الاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية العالمية.
مرحلة جديدة في مسار القضية الجنوبية
لا شك أن حضور الرئيس عيدروس الزُبيدي في الأمم المتحدة مثّل نقطة تحول في مسار القضية الجنوبية. فمن قضية كانت تُطرح على هامش المفاوضات السياسية، أصبحت اليوم حاضرة على طاولة النقاش الدولي باعتبارها قضية رئيسية.
هذا التحول يمنح أبناء الجنوب دفعة معنوية قوية، ويعزز من إيمانهم بأن نضالهم الطويل بدأ يؤتي ثماره على المستوى العالمي. كما أن ذلك يشكّل ضغطًا إضافيًا على الأطراف الإقليمية والدولية للتعامل بجدية أكبر مع تطلعات الجنوبيين.
دور المجلس الانتقالي الجنوبي
من خلال هذا الحضور، أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي أنه الممثل الأبرز لقضية الجنوب، وأنه قادر على حمل صوت الشعب الجنوبي إلى المحافل الدولية. هذه الخطوة عززت من موقعه السياسي، وأكدت أنه طرف أساسي لا يمكن تجاوزه في أي تسوية سياسية قادمة.
لقد وضع المجلس الانتقالي نفسه على خريطة العمل السياسي الدولي، ما يجعله قادرًا على بناء تحالفات جديدة وتوسيع دائرة الدعم للقضية الجنوبية.
إن مشاركة عيدروس الزُبيدي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تكن مجرد حدث بروتوكولي، بل كانت محطة سياسية فارقة تمثل انتقالًا نوعيًا في مسار قضية الجنوب. فقد حمل هذا الحضور دلالات عميقة أكدت أن الجنوب لم يعد موضوعًا محليًا محدودًا، بل قضية دولية تستحق الاهتمام.
هذا الاعتراف المتزايد من المجتمع الدولي يمنح الجنوب فرصة لتعزيز مكانته، ويدعم تطلعاته في استعادة الدولة، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. إنها خطوة عملية نحو تحقيق حلم طال انتظاره، وتأسيس مرحلة جديدة تعيد للجنوب موقعه الطبيعي في الخارطة السياسية والإقليمية والدولية.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1