< مشاركة عيدروس الزُبيدي في الأمم المتحدة: تحول استراتيجي في مسار القضية الجنوبية
متن نيوز

مشاركة عيدروس الزُبيدي في الأمم المتحدة: تحول استراتيجي في مسار القضية الجنوبية

عيدروس الزبيدي
عيدروس الزبيدي

تمثل مشاركة  عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر 2025 محطة مفصلية في مسار الحضور الجنوبي على الساحة الدولية.
هذه المشاركة تأتي لتؤكد أن قضية الجنوب لم تعد شأنًا محليًا أو إقليميًا فحسب، بل باتت مطروحة بقوة أمام المجتمع الدولي، عبر ممثلها السياسي الأبرز الذي نجح في نقل صوت الجنوبيين إلى طاولة النقاش العالمي، وهو المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الزُبيدي.

على مدار سنوات طويلة، حاولت بعض القوى المحلية والإقليمية تهميش الجنوب وإقصاء صوته عن المحافل الدولية. لكن مشاركات الرئيس الزُبيدي المتكررة في نيويورك أسست لمسار مغاير تمامًا.
فقد تمكن من ترسيخ قاعدة تفاهمات مهمة مع أطراف دولية وإقليمية فاعلة، وفتح مسارات للتواصل الدبلوماسي أخرجت الجنوب من دائرة التهميش إلى مساحة الاعتراف التدريجي، حيث بات يُنظر إلى القضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية مشروعة تتطلب حلولًا عادلة.

لقاءات بروتوكولية أم تفاهمات استراتيجية؟

لم تكن اللقاءات التي عقدها الزُبيدي خلال مشاركاته السابقة في الأمم المتحدة مجرد بروتوكول أو صور تذكارية، بل شكلت أساسًا لبناء علاقات وشراكات طويلة الأمد.
هذه التفاهمات عززت صورة المجلس الانتقالي ككيان سياسي منظم يمتلك رؤية واضحة، ويستند إلى قاعدة شعبية واسعة، ما جعله طرفًا يُحسب له حساب في أي نقاش أو تسوية تخص مستقبل اليمن والمنطقة.

المشاركة في لحظة معقدة

يكتسب الحضور الحالي زخمًا إضافيًا لكونه يأتي في مرحلة شديدة التعقيد، تتقاطع فيها التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
فالمشهد الإقليمي يشهد تصاعدًا في التوترات، بينما يواجه الجنوب تحديات داخلية تتعلق بتثبيت مؤسساته، وتحقيق تطلعات شعبه، وحماية مكتسباته من محاولات الالتفاف.
ومن هنا، فإن مشاركة الزُبيدي في اجتماعات الجمعية العامة لا تقتصر على إلقاء خطاب، بل تحمل رسالة واضحة بأن الجنوب حاضر بقوة رغم التحديات.

رسائل مزدوجة للداخل والخارج

تحمل المشاركة الأممية للواء الزُبيدي رسالتين أساسيتين:

إلى الداخل الجنوبي: بضرورة الاصطفاف خلف المشروع الوطني الذي يقوده المجلس الانتقالي، إدراكًا لحساسية المرحلة وتحدياتها.

إلى الخارج: بأن الجنوب يمتلك قيادة شرعية تتحرك بمسؤولية، وتطرح نفسها شريكًا جادًا في الحوار والتفاهم مع المجتمع الدولي، وليس مجرد طرف هامشي.

الدبلوماسية الجنوبية وأهدافها

يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي عبر حضوره الأممي إلى مضاعفة الجهود الدبلوماسية لشرح تطلعات شعب الجنوب في الحرية وتقرير المصير.
كما يركز على إبراز معاناة المواطنين جراء السياسات العبثية للقوى المعادية التي استهدفت هوية الجنوب واستقراره.
هذه الجهود تصب في خلق بيئة تفاوضية أكثر إنصافًا، وتُرسي أرضية صلبة يمكن البناء عليها في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة مستقبلًا.

تعزيز العلاقات الدولية

تتيح مشاركة الجنوب بقيادة الزُبيدي في أعمال الجمعية العامة البناء على ما تحقق خلال الأعوام السابقة، خصوصًا فيما يتعلق بتعزيز العلاقات مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والفاعلين الإقليميين.
هذه العلاقات لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تمتد إلى الملفات الاقتصادية والإنمائية والأمنية، ما يضع الجنوب في موقع أفضل لاستقطاب الدعم والاستثمارات، وتعزيز دوره كركيزة للاستقرار.

من الدفاع إلى التوسع في الاعتراف

تعكس المشاركة الجنوبيـة في أروقة الأمم المتحدة انتقال المجلس الانتقالي من مرحلة الدفاع عن القضية الجنوبية إلى مرحلة توسيع دائرة الاعتراف الدولي بها.
فاليوم لم يعد المجلس مجرد صوت معارض أو قوة محلية، بل بات يُنظر إليه باعتباره ممثلًا شرعيًا لقضية مشروعة، يطرح نفسه بواقعية وبرؤية سياسية واضحة أمام المجتمع الدولي.

الجنوب كفاعل رئيسي في استقرار المنطقة

إلى جانب البعد السياسي، يقدم الجنوب نفسه كفاعل رئيسي في استقرار المنطقة، عبر دوره في مكافحة الإرهاب، وحماية طرق الملاحة الدولية، وتأمين المصالح العالمية في البحر الأحمر وباب المندب.
هذه الملفات تضع الجنوب في قلب الاهتمامات الدولية، وتجعل إشراكه في أي تسوية مقبلة أمرًا لا غنى عنه.

تحديات وآفاق

صحيح أن طريق الاعتراف الكامل بالجنوب ما يزال مليئًا بالتحديات، لكن الحضور الدولي المستمر يفتح أمامه آفاقًا رحبة.
فمع الصبر والاستمرارية في العمل الدبلوماسي، يضع الجنوب نفسه على الطريق الصحيح نحو استعادة مكانته، وتحقيق تطلعات شعبه في تقرير المصير والعيش بكرامة في دولة مستقرة وآمنة.

إن مشاركة الرئيس عيدروس الزُبيدي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر 2025 تمثل علامة فارقة في مسار القضية الجنوبية.
فهي مشاركة تثبت أن الجنوب لم يعد غائبًا عن حسابات السياسة الدولية، بل أصبح حاضرًا بقوة كلاعب أساسي وركيزة للاستقرار.
هذا المسار، وإن كان يحتاج إلى وقت وجهد متواصل، يؤكد أن الجنوب يسير بخطى واثقة نحو مستقبل يليق بتضحيات أبنائه، ويعبّر عن إرادة شعبه الحرة في أن يكون جزءًا فاعلًا من المجتمع الدولي.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1