< مشاركة عيدروس الزبيدي في الأمم المتحدة.. تحول استراتيجي في موقع الجنوب السياسي
متن نيوز

مشاركة عيدروس الزبيدي في الأمم المتحدة.. تحول استراتيجي في موقع الجنوب السياسي

 عيدروس الزبيدي
عيدروس الزبيدي

تأتي مشاركة  عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر 2025، كخطوة ذات دلالات عميقة تتجاوز الطابع البروتوكولي. فهي ليست مجرد حضور رسمي في محفل دولي، وإنما تعبير عن مرحلة جديدة يدخلها الجنوب، حيث أصبح اليوم لاعبًا محوريًا في تحديد ملامح مستقبل البلد والمنطقة، بما يقوض أي محاولات لتهميشه أو إقصائه من مسار التسوية السياسية.

اعتراف دولي بمحورية الجنوب

إن حضور الرئيس الزبيدي في أروقة الأمم المتحدة يعكس اعترافًا متزايدًا من المجتمع الدولي بمحورية الجنوب ودوره الفاعل في صياغة محددات العملية السياسية القادمة. لم يعد الجنوب في نظر القوى الكبرى مجرد طرف ثانوي، بل شريك أساسي في جهود السلام والاستقرار، وهو ما يعكس تحوّلًا في الرؤية الدولية تجاه القضية الجنوبية.

الانتقالي قوة سياسية منظمة

خلال الأعوام الماضية، أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي قدرته على ترسيخ نفسه كقوة سياسية منظمة تحمل مشروعًا واضحًا، وتستند إلى قاعدة جماهيرية واسعة. هذا المشروع لم يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل تعزز بقدرة عسكرية وأمنية أثبتت جدارتها في حماية الأرض ومواجهة التحديات. ومن هنا بات الانتقالي يجمع بين المشروعية الشعبية والفاعلية الميدانية، ما أهّله ليكون الممثل الأبرز لتطلعات شعب الجنوب.

الجنوب شريك لا يمكن تجاوزه

المعطيات المتراكمة جعلت من الجنوب شريكًا لا يمكن تجاوزه في أي مسار سياسي يرسم مستقبل البلاد. ولذلك فإن مشاركة الرئيس الزبيدي في الأمم المتحدة تحمل وزنًا إضافيًا، باعتبارها تعبيرًا عن حضور فاعل، لا عن تمثيل رمزي. فاليوم لم يعد بإمكان أي طرف محلي أو دولي أن يتجاهل الجنوب أو يتعامل معه كملف مؤجل، بعدما بات عنصرًا رئيسيًا في معادلة الأمن والسياسة.

عملية سياسية عادلة تستوعب الجنوب

يؤكد حضور الرئيس الزبيدي أن أي عملية سياسية عادلة لن تكون مكتملة ما لم تستوعب تطلعات شعب الجنوب وحقوقه المشروعة. فالتسويات الجزئية أو الحلول التي تتجاهل الجنوب أثبتت فشلها في الماضي، والمجتمع الدولي بات يدرك أن الاستقرار المستدام لن يتحقق إلا من خلال شراكة حقيقية تشمل جميع المكونات، وعلى رأسها الجنوب.

عرض رؤية الجنوب في المحفل الدولي

مشاركة الزبيدي في الجمعية العامة تمنح المجلس الانتقالي فرصة لعرض رؤية متماسكة تستند إلى مبادئ الشراكة العادلة وحق تقرير المصير وضمان الاستقرار الإقليمي. هذه الرؤية لا تستند فقط إلى المطالب السياسية، بل ترتبط أيضًا بمصالح المجتمع الدولي، حيث يلعب الجنوب دورًا مركزيًا في حماية الملاحة الدولية في خليج عدن وباب المندب، والتصدي لتهديدات الإرهاب.

امتداد لمسار دبلوماسي متصاعد

إن مشاركة الرئيس الزبيدي في الأمم المتحدة تمثل امتدادًا لمسار من التفاهمات واللقاءات التي خاضها خلال الأعوام الماضية، والتي أسست لبناء جسور ثقة مع المجتمع الدولي. وقد نجح الانتقالي عبر هذه الجهود في إيصال صوته إلى المحافل الدولية الكبرى، وتقديم نفسه كقوة مسؤولة تتبنى مشروعًا واقعيًا للسلام العادل.

خصوصية الحضور في 2025

غير أن حضور هذا العام يتسم بخصوصية أكبر، كونه يأتي في سياق تحولات سياسية وعسكرية عميقة يشهدها الجنوب. فمن جهة، بات الجنوب أكثر تنظيمًا وقوة على الأرض، ومن جهة أخرى تتزايد الحاجة الدولية إلى دوره في ضمان أمن البحر الأحمر والقرن الإفريقي. هذا يمنح الرئيس الزبيدي موقعًا متقدمًا للتأثير في مسار التسوية النهائية.

الجنوب من الهامش إلى المحور

لقد انتقل الجنوب خلال فترة وجيزة من موقع "الموضوع المؤجل" إلى موقع "الشريك المحوري" في صياغة مستقبل البلد. وهذا الانتقال لم يكن صدفة، بل نتيجة لتضحيات سياسية وعسكرية، وإصرار شعبي واسع على انتزاع الحقوق المشروعة. إن مشاركة الزبيدي اليوم هي انعكاس لمسار طويل من النضال الذي أوصل الجنوب إلى قلب المشهد الدولي.

آفاق ما بعد المشاركة

من المتوقع أن تفتح مشاركة الرئيس الزبيدي في الجمعية العامة آفاقًا جديدة أمام الجنوب، سواء من خلال:

تعزيز الاعتراف الدولي بالقضية الجنوبية كجزء لا يتجزأ من الحل الشامل.

توسيع قنوات التعاون مع القوى الكبرى والمنظمات الدولية.

تأكيد الدور الأمني الجنوبي في حماية المصالح الإقليمية والدولية.

خلق فرص للتعاون التنموي والاقتصادي تعزز الاستقرار المحلي والإقليمي.

إن مشاركة  عيدروس قاسم الزبيدي في اجتماعات الأمم المتحدة ليست حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل تحول استراتيجي يعكس موقع الجنوب الجديد كلاعب لا يمكن تجاوزه. فهي تمثل لحظة فاصلة بين ماضٍ كان يُنظر فيه إلى الجنوب على أنه قضية مؤجلة، وحاضر أصبح فيه شريكًا أساسيًا في معادلات الأمن والسياسة. ومن هنا، فإن هذه المشاركة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي والدبلوماسي، تعزز مكانة الجنوب إقليميًا ودوليًا، وتقرّب تطلعات شعبه نحو السلام العادل وتقرير المصير.

انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/matnnews1